أبو فراس الحمداني

أبَتْ عَبَرَاتُهُ إلاّ انْسِكَابَا قصيدة أبو فراس الحمداني

أبَتْ عَبَرَاتُهُ إلاّ انْسِكَابَا – أبو فراس الحمداني


أبَتْ عَبَرَاتُهُ إلاّ انْسِكَابَا … و نارُ ضلوعهِ إلا التهابا

و منْ حقِّ الطلولِ عليَّ ألا … أُغِبَّ مِنَ الدّموعِ لهَا سَحابَا

وَمَا قَصّرْتُ في تَسْآلِ رَبْعٍ، … و لكني سألتُ فما أجابا

رأيتُ الشيبَ لاحَ فقلتُ : أهلاً … وودعتُ الغواية َ والشبابا

وَمَا إنْ شِبتُ من كِبَرٍ، وَلكِنْ … رأيتُ منَ الأحبة ِ ما أشابا

بعثنَ منَ الهمومِ إليَّ ركباً … و صيرنَ الصدودَ لها ركابا

ألَمْ تَرَنَا أعَزَّ النّاسِ جَاراً … و أمنعهمْ ؛ وأمرعهمْ جنابا؟

لَنَا الجَبَلُ المُطِلُّ على نِزَارٍ … حَلَلْنَا النّجْدَ مِنهُ وَالهِضَابَا

تفضلنا الأنامُ ولا نحاشى … و نوصفُ بالجميلِ ؛ ولا نحابى

و قد علمتْ ” ربيعة ُ” بلْ ” نزارٌ ” … بِأنّا الرأسُ والناسَ الذُّنابى

فلما أنْ طغتْ سفهاءُ” كعبٍ” … فَتَحْنَا بَينَنا لِلْحَرْبِ بَابا

مَنَحْنَاها الحَرَائِبَ غَيرَ أنّا … إذا جَارَتْ مَنَحْنَاها الحِرَابَا

و لما ثارَ ” سيفُ الدينِ” ثرنا … كَمَا هَيّجْتَ آسَاداً غِضَابَا

أسِنّتُهُ، إذا لاقَى طِعَاناً، … صوارمهُ ، إذا لاقى ضرابا

دعانا والأسنة ُ مشرعاتٌ … فكنا، عندَ دعوتهِ ، الجوابا

صَنَائِعُ فَاقَ صَانِعُهَا فَفَاقَتْ، … وَغَرْسٌ طابَ غَارِسُهُ، فَطَابَا

و كنا كالسهامِ ؛ إذا أصابتْ … مراميها فراميها أصابا

… و نكبنَ ” الصبيرة َ ” و” القبابا”

و جاوزنَ ” البدية َ ” صادياتٍ ؛ … يلاحظنَ السرابَ ؛ ولا سرابا

عبرنَ ” بماسحٍ ” والليلُ طفلٌ … وَجِئْنَ إلى سَلَمْيَة َ حِينَ شَابَا

فما شعروا بها إلا ثباتاً … دوينَ الشدِّ نصطخبُ اصطخابا

… بهِ الأرواحُ تنتهبُ انتهابا

تنادوا ، فانبرتْ ، منْ كلٍِّ فجٍ ، … سوابقُ ينتجبنَ لنا انتجابا

وَقادَ نَدي بنُ جَعْفَرَ من عُقيلٍ … شعوباً ، قدْ أسلنَ بهِ الشعابا

فما كانوا لنا إلا أسارى … و ما كانت لنا إلا نهابا

كأنَّ ” ندي بنَ جعفرِ” قادَ منهمْ … هدايا لمْ يرغْ عنها ثوابا

وَشَدّوا رَأيَهُمْ بِبَني قُرَيْعٍ، … فخابوا لا أبا لهمُ وخابا

و لما اشتدتِ الهيجاءُ كنا … أشَدَّ مَخَالِباً، وَأحَدَّ نَابَا


و أمنعَ جانباً ؛ وأعزَّ جاراً ؛ … و أوفى ذمة ً ؛ وأقلَّ عابا

سقينا بالرماحِ بني ” قشيرٍ” … ببطنِ ” الغنثرِ ” السمَّ المذابا

و سقناهمْ إلى ” الحيرانِ ” سوقاً … كما نستاقُ آبالاً صعابا

و نكبنا ” الفرقلسَ ” لمْ نردهً … كَأنّ بِنَا عَنِ المَاءِ اجْتِنَابَا

وَمِلْنَ عَنِ الغُوَيْرِ وَسِرْنَ حتى … وردنَ عيونَ ” تدمرَ” و” الحبابا “

و أمطرنَ ” الجباة َ ” بمرجحنَّ … وَلَكِنْ بِالطِّعَانِ المُرِّ صَابَا

وَجُزْنَ الصَّحصَحانَ يخدِنَ وَخداً … و يجتبنَ الفلاة َ بنا اجتيابا

قرينا ” بالسماوة ِ” من ” عقيلٍ” … سِبَاعَ الأَرْضِ وَالطّيرَ السِّغَابَا

و ” بالصباحِ ” و” الصباحُ ” عبدٌ … قتلنا ، منْ لبابهمُ اللبابا

تركنا في بيوتِ بني ” المهنا” … نوادبَ ينتحبنَ بها انتحابا

شَفَتْ فِيهَا بَنُو بَكْرٍ حُقُوداً … و غادرتِ ” الضبابَ ” بها ضبابا

وَأبْعَدْنَا لِسُوءِ الفِعْلِ كَعْباً … و أدنينا لطاعتها ” كلابا”

وَشَرّدْنَا إلى الجَوْلانِ طَيْئاً … و جنبنا ” سماوتها ” جنابا

سَحَابٌ مَا أنَاخَ عَلى عُقَيْلٍ … و جرَّ على جوارهمُ ذنابا

وَمِلْنَا بِالخُيُولِ إلى نُمَيرٍ … تجاذبنا أعنتها جذابا

… يعزُّ على العشيرة ِ أنْ يصابا

وَمَا ضَاقَتْ مَذاهِبُهُ، وَلَكِنْ … يُهَابُ، مِنَ الحَمِيّة ِ، أنْ يُهابَا

و يأمرنا فنكفيهِ الأعادي … هُمَامٌ لَوْ يَشَاءُ كَفَى وَنَابَا

فلما أيقنوا أنْ لا غياثٌ … دعوهُ للمغوثة ِ فاستجابا

و عادَ إلى الجميلِ لهمْ ؛ فعادوا … وَقَدْ مَدّوا لِصَارِمِهِ الرّقَابَا

أمَرّ عَلَيْهِمُ خَوْفاً وَأمناً … أذَاقَهُمُ بِهِ أرْياً وَصَابَا

أحَلّهُمُ الجَزِيرَة َ بَعدَ يَأسٍ … أخُو حِلْمٍ إذا مَلَكَ العِقَابَا

… و أرضهمُ اغتصبناها اغتصابا

وَلَوْ شِئْنَا حَمَيْنَاهَا البَوَادِي … كما تحمي أسودُ الغابِ غابا

أنا ابنُ الضاربينَ الهامَ قدماً … إذا كَرِهَ المُحَامُونَ الضّرَابَا

ألَمْ تَعْلَمْ؟ وَمِثْلُكَ قالَ حَقّاً: … بأني كنتُ أثقبها شهابا‍


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page