ألم يأنِ تركي لا عليَّ ولا ليا قصيدة أبو تمام
ألم يأنِ تركي لا عليَّ ولا ليا – أبو تمام
ألم يأنِ تركي لا عليَّ ولا ليا … و عزمي على ما فيهِ اصلاحُ حاليا
وَقَدْ نالَ مني الشَّيْبُ وابيضَّ مَفْرِقي … و غالت سوادي شهبة ٌ في قذاليا
وحالَتْ بيَ الحَالاتُ عَمّا عَهِدْتُها … بكرِّ الليالي والليالي ما هيا
أُصَوتُ بالدُّنيا وليسَتْ تُجِيبُني … أحاولث أن ابقى وكيفَ بقائيا
و ما تبرحُ الأيامُ تحذفُ مدتي … بعدِّ حسابٍ لا كعدِّ حسابيا
لتمحوَ آثاري وتخلقَ جدتي … و تخلي من ربعي بكرهٍ مكانيا
كما فَعَلَتْ قَبْلي بِطَسْمٍ وجُرْهُمٍ … و آلِ ثمودٍ بعد عادِ بنِ عاديا
و أبقى صريعاً بينَ أهلي جنازة ً … و يحوي ذوو الميراثِ خالص ماليا
أَقُولُ لِنَفْسي حينَ مالَتْ بِصَغْوها … إِلى خَطَرات قَدْ نَتَجْنَ أَمانِيَا
أَليسَ اللَّيالي غاصِباتي بِمُهجتي … كما غصبت قبلي القرونَ الخواليا
ومُسْكِنَتي لَحْداً لَدَى حُفْرة ٍ بها … يَطُولُ إِلى أُخْرى اللّيالي ثَوائِيَا؟
كما أسكنت حاماً وساماً ويافثا … و نوحاً ومن أمسى بمكة َ ثاويا
فقد أنست بالموتِ نفسي لأنني … رَأَيْتُ المَنايا يَخْتَرِمْنَ حَيَاتِيَا
فيا ليتني من بعد موتي ومبعثى … أكون رفاتاً لا عليَّ ولا ليا
أخافُ إلهي ثم أرجو نوالهُ … و لكنَّ خوفي قاهرٌ لرجائيا
و لولا رجائي واتكالي على الذي … تَوَحَّدَ لي بالصُّنْعِ كَهْلاً وناشِيَا
لَما سَاغَ لي عَذْبٌ مِنَ الماءِ بارِدٌ … ولا طابَ لي عَيْشٌ ولا زِلْتُ باكِيَا
و أدخرُ التقوى بمجهود طاقتي … و اركبُ في رشدي خلافَ هوائيا
على إثرِ ما قد كان مني صبابة ً … لياليَ فيها كنتُ للَّهِ عاصِيَا
فإِني جَدِيرٌ أَنْ أَخافَ وأَتَّقي … وإن كنتُ لم أشرك بذي العرشِ ثانيا