أبو تمام

تَصَدَّتْ وَحَبْلُ البَيْنِ مُسْتَحْصِدٌ شَزْرُ قصيدة أبو تمام

تَصَدَّتْ وَحَبْلُ البَيْنِ مُسْتَحْصِدٌ شَزْرُ – أبو تمام


تَصَدَّتْ وَحَبْلُ البَيْنِ مُسْتَحْصِدٌ شَزْرُ … وقَدْ سَهَّلَ التَّوْدِيعُ ما وَعَّرَ الهَجْرُ

بَكَتْهُ بما أَبْكَتْهُ أيَّامُ صَدْرُها … خليءٌ وما يخلو لهُ من جوى صدرُ

وقالَتْ أَتَنْسى البَدْرَ، قلتُ تَجلُّداً … إذا الشمسُ لم تغرب فلا طلعَ البدرُ

فأبدت جماناً من دموعٍ نظامها … على الصَّدْرِ إِلاَّ أَنَّ صائِغَها الشَّفْرُ

وما الدمعُ ثانٍ عزمتي ولو أنها … سقى خدها من كلّ عينٍ لها نهرُ

جمعتُ شعاعَ الرأيِ ثمَّ وسمتهُ … بحزمٍ لهُ في كلِّ مظلمة ٍ فجرُ

وصارَعْتُ عَنْ مَصْرٍ رَجَائِي ولم يَكُنْ … لِيَصْرَعَ عَزْمي غيرَ ما صرعَتْ مَصْرُ

و طحطت سدّا سدُّ يأجوجَ دونهُ … من الهمِّ لم يفرغ على زبرهِ قطرُ

بِذِعْلِبَة ٍ ألوَى بِوَافِرِ نَحْضِها … فتى ً وافرُ الأخلاقِ ليس لهُ وفرُ

فكَمْ مَهْمَهٍ قَفْرٍ تَعشَّقْتُ مَتْنَهُ … على متنها والبرُّ من آلهِ بحرُ

وما القَقْرُ بالبِيدِ القَواءِ بَل التي … نَبَتْ بي وفيها ساكِنُوها هي القَفْرُ

ومَنْ قامَرَ الأيَّامَ عَنْ ثَمَراِتها … فأحجِ بهِ أن ينجلي ولها القمرُ

فإنْ كانَ ذَنْبي أَنَّ أحسنَ مَطْلَبي … أَساءَ ففي سُوءِ القَضَاءِ ليَ الغُدْرُ

قضاءُ الذي ما زال في يدهِ الغنى … ثَنَى غَرْبَ آمالي وفي يَديَ الفَقْرُ

رضيتُ وهل أرضى إذا كان مسخطي … مِنَ الأمرِ ما فيهِ رِضا مَنْ له الأَمْرُ 

فأشجيتُ أيامي بصبرٍ حلونَ لي … عَواقِبَه والصَّبْرُ مِثْلُ اسمِهِ صَبْرُ

أبى لي بحرُ الغوثِ أن أرأمَ التي … أُسبُّ بها والنجرُ يشبههُ النجرُ

وهَلْ خابَ مَنْ جِذْماهُ في ضنءِ طَيىء ٍ … عديِّ العدّيين القلمسُ أو عمرو

لنا غُرَرٌ زَيدِيَّة ٌ أُدَدِيّة ٌ … إذا نجمت ذلّت لها الأنجمُ الزهرُ

لنا جوهرٌ لو خالط الأرضَ أصبحت … و بطنانها منهُ وظهرانها تبرُ

جَدِيلَة َ والغَوْثَ اللَّذينِ إليهما … صَغَتْ أُذُنٌ لِلمَجْدِ ليسَ بَها وَقْرُ

مقاماتُنَا وَقْفٌ على الحِلْمِ والحِجَى … فأمْرَدُنا كَهْلٌ وأَشْيَبُنا حَبْرُ

أَلَّنا الأَكُفَّ بالعَطَاءِ فجَاوَزَتْ … مدى اللينِ الاّ أنَّ أعراضنا صخرُ


كأنَّ عَطَايانا يُناسِبْنَ مَنْ أَتَى … و لا نسبٌ يدنيهِ منا ولا صهرُ

اذا زينة ُ الدنيا من المالِ أعرضت … فأَزيَنُ مِنها عِندنا الحَمْدُ والشُّكْرُ

وُكُورُ اليَتَامَى في السنين فَمَنْ نَبا … بفرخٍ لهُ وكرٌ فنحنُ لهُ وكرُ

أَبَى قَدْرُنا في الجُودِ إلاَّ نَباهة ً … فليس لمالٍ عندنا أبداً قدرُ

ليسحج بجودٍ من أرادَ فإنهُ … عَوَانٌ لهذا النّاسِ وهْوَ لَنَا بِكْرُ

جَرَى حاتِمٌ في حَلْبَة ٍ منه لَوْ جَرَى … بها القَطْرُ شَأْواً قيلَ أيُّهُما القَطْر

فتى ذخرَ الدنيا أناسٌ فلم يزل … لها باذلاً فانْظُرْ لِمَنْ بَقِيَ الذُّخرُ

فمن شاءَ فليفخرَ بما شاءَ من ندى … فليس لحيِّ غيرنا ذلك الفخرُ

جمعنا العلى بالجودِ بعد افتراقها … إلينا كما الأيامُ يجمعها الشهرُ

بِنَجْدَتِنَا ألقَتْ بِنَجْدٍ بَعَاعَها … سحابُ المنايا وهي مظلمة ٌ كدرٌ

بكُل كَمِيٍّ نَحْرُهُ غَرَضُ القَنا … إذا اضطرمَ الأحشاءث وانتفخ السحرُ

يُشَيعُهُ أَبناءُ مَوْتٍ إلى الوَغَى … يُشَيعُهُم صَبْرٌ يُشَيعُهُ نَصْرُ

كماة ٌ إذا ظلَّ الكماة ُ بمعركٍ … و أرماحهم حمرٌ وألوانهم صفرُ

بِخَيلٍ لِزَيْد الخَيل فيها فَوارِسٌ … اذا نطقوا في مشهدٍ خرسَ الدهرُ

على كُل طِرْف يَحْسُرُ الطَّرْفَ سابحٍ … وَسَابِحَة ٍ لكنْ سِبَاحَتُها الحُضْرُ

طَوَى بَطْنَها الإِسآدُ حتَّى لو أنَّه … بدا لك ما شككتُ في أنهث ظهرُ

ضَبِيبِيّة ٌ ما إِنْ تُحَدثُ أنفُساً … بما خَلفَها مادامَ قُدَّامَها وِتْرُ

فإن ذمت الأعداءُ سوءَ صباحها … فليسَ يُؤَدي شُكْرَها الذئْبُ والنَّسْرُ

بِها عَرَفَتْ أَقَدَارَها بعدَ جَهْلِها … بأَقْدارِها قَيْسُ بنُ عَيلاَنَ والفِزْرُ

و تغلبُ لاقت غالباً كلّ غالبٍ … و بكرٌ فألفت حربنا بازلا بكرُ

وأنتَ خَبِيرٌ كيفَ أبقَتْ أُسُودُنَا … بَنِي أَسَدٍ إنْ كان يَنْفَعُكَ الخُبْرُ

وقسمتنا الضيزى بنجدٍ وأهلها … لنا خطوة ٌ في أرضها ولهم فترُ

مساعٍ يضلُّ الشعرُ في كنهِ وصفها … فما يهتدي إلاّ لأصغرها الشعرُ


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page