قد نابتِ الجزعَ من أرويّة َ النوبُ قصيدة أبو تمام
قد نابتِ الجزعَ من أرويّة َ النوبُ – أبو تمام
قد نابتِ الجزعَ من أرويّة َ النوبُ … واسْتَحْقَبَتْ جدَّة ً مِن رَبْعِها الحِقَبُ
ألو بصبركَ إخلاقُ اللوى وهفا … بِلُبكَ الشَّوقُ لَمَّا أَقْفرَ اللَّبَبُ
خفّتْ دموعكَ في إثرِ الحبيبِ لدنْ … خفّتْ من الكثبش القضبانُ والكثبُ
أطَاعَها الحُسْنُ وانحَطَّ الشَّبَابُ على … فؤادها وجرتْ في روحها النسبُ
لم أنسها وروفُ البينِ تظلمها … ولامُعَوَّلَ إِلاَّ الوَاكِفُ السَّرِبُ
أَدنَتْ نِقاباً على الخدَّيْنِ وانَتَسَبَتْ … لِلْنَّاظِرينَ بقَدٍّ لَيْسَ يَنْتَسِبُ
ولو تبسمُ عجنا الطرفَ في بردٍ … وفي أَقاحٍ سَقَتْها الخَمْرُ والضَّرَبُ
مِنْ شِكْلِهِ الدُّرُّ في رَصْفِ النظام ومِنْ … صفاتهِ الفتنتانِ: الظلمُ والشنبُ
كانتْ لنا ملعباً نلهو بزخرفهِ … وقد ينفّسُ عن جدِّ الفتى اللعبُ
وعاذلٍ هاجَ لي باللومِ مأربة ً … باتتْ عليها همومُ النّفسِ تصطخِبُ
لمّا أطالَ ارتجالَ العذلِ قلتُ لهُ: … الحَزْمُ يُثْني خُطُوبَ الدَّهْرِ لا الخُطَبُ
لَمْ يَجْتَمِعْ قَطُّ في مِصْرٍ ولاطَرَفٍ … مُحَمَّدُ بنُ أَبي مَرْوَانَ والنُّوَبُ
لي من أبي جعفرٍ آخية ٌ سببٌ … إِنْ تَبْقَ يُطْلَبْ إِلى مَعْرُوفيَ السَّبَبُ
صحّتْ، فما تمارى من تأملها … مِنْ نَحْوِ نائِله في أَنَّها نَسَبُ
أَمَّتْ نَدَاهُ، بِيَ العِيسُ التي شَهدَتْ … لها السُّرَى والفَيافِي أَنَّها نُجُبُ
هَمٌّ سَرَى ثُمَّ أَضحَى هِمَّة ً أمَماً … أضحتْ رجاءً وأمستْ وهي لي نشبُ
أَعْطَى ونُطْفَة ُ وَجْهي في قَرَارتها … تصونها الوجناتُ الغضة ُ القشبُ
لَنْ يَكْرُمَ الظَّفَرُ المُعْطَى وإِنْ أُخِذَتْ … بِهِ الرَّغَائِبُ حتَّى يَكْرُمَ الطَّلَبُ
إِذَا تَبَاعَدَتِ الدُّنيا فَمطلَبُها … إذا توردتهُ من شعبهِ كثبُ
ردءُ الخلافة ِ في الجلّى إذا نزلتْ … وقَيمُ المُلْكِ لا الواني ولا النَّصِبُ
جَفْنٌ يعافُ لَذيذَ النَّوْم ناظِرُهُ … شحاً عليها وقلبٌ حولها يحبُ
طليعة ٌ رأيهُ من دونِ بيضتها … كما انتَمَى رَابِئٌ في الغَزْو مُنْتَصِبُ
حتَّى إِذَا مَا انَتَضَى التَّدْبيرَ ثابَ لَهُ … جَيْشٌ يُصَارِعُ عَنْهُ ما لَهُ لَجَبُ
شعارها اسمكَ إنْ عدّتْ محاسنها … إذ اسمُ حاسدكَ الأدنى لها لقبُ
وَزيرُ حَقٍّ ووَالي شُرْطَة ٍ ورحَا … دِيوان ملْكٍ وشِيعِيٌّ ومُحْتَسِبُ
كالأرحبيِّ المذكي سيره المرطى … والوخدُ والملعُ والتقريبُ والخببُ
عودٌ تساجلهُ أيامهُ فبها … من مسهِ وبهِ من مسها جلبُ
ثبتُ الجنانِ إذا اصطكتْ بمظلمة ٍ … في رحلهِ ألسنُ الأقوامِ والركبُ
لا المنطقُ اللغوُ يزكو في مقاومهِ … يوماً ولا حجة ُ الملهوفِ تستلبُ
كأنما هوَ في نادي قبيلتهِ … لا القلبُ يهفو ولا الأحشاءُ تضطربُ
وتَحْتَ ذَاكَ قَضَاءٌ حَزُّ شَفْرَتِهِ … كما يَعَضُّ بأَعْلَى الغَارِبِ القَتَبُ
لاَ سَوْرَة ٌ تُتَّقَى مِنْهُ ولابَلَهٌ … ولا يَحِيفُ رِضاً مِنْهُ ولاغَضَبُ
ألقى إليكَ عرى الأمرِ الإمامُ، فقدْ … شدَّ العناجُ من السلطانِ والكربُ
يَعْشُو إِليكَ وضَوْءُ الراي قائِدُهُ … خَلِيفَة ٌ إِنما آرَاؤُهُ شُهُبُ
إنْ تمتنعْ منهُ في الأوقات رؤيتهُ … فكُلُّ ليْثٍ هَصورٍ غِيلُهُ أَشِبُ
أوْ تلقَ من دونهِ حجبٌ مكرّمة ٌ … يوماً فقدْ ألقيتْ من دونكَ الحجبُ
والصبحُ تخلفُ نورَ الشمس غرتهُ … وقرنها من وراءِ الأفقِ محتجبُ
أَما القَوافي فقَدْ حَصَّنْتَ عُذْرتها … فما يُصَابُ دَمٌ مِنها ولا سَلَبُ
مَنَعْتَ إِلاَّ من الأكْفَاءِ نَاكِحَها … وكانَ منكَ عليها العطفُ والحدبُ
وَلَوْ عَضَلْتَ عن الأكْفَاءِ أَيَّمَها … وَلَم يَكُنْ لَكَ في أَطْهَارِهَا أَرَبُ
كانتْ بناتِ نصيبٍ حينَ ضنَّ بها … عَنِ المَوالِي، ولَمْ تَحْفِلْ بها العَرَبُ
أَمَّا وحَوْضُكَ مَمْلُوءٌ، فَلا سُقِيتْ … خَوامِسي إِنْ كَفَى أَرْسَالَها الغَرَبُ
لوْ أنَّ دجلة َ لم تحوجْ وصاحبها … أَرضَ العِرَاقَيْنِ لم تُحْفَرْ بها القُلُبُ
لم ينتَدِبْ عُمَرٌ للإِبْلِ يَجْعَلُ مِنْ … هذا اللُّجَين فدَارَتْ فيهُم العُلَبُ
إِنَّ الأَسِنَّة ِ والمَاذِيَّ مُذْ كَثُرا … فلا الصّياصي لها قدرٌ ولا اليلبُ
لا نجمَ من معشرٍ إلاّ وهمتهُ … عليكَ دائِرة ٌ يا أَيُّها القُطُبُ
وما ضميريَ في ذكراكَ مشتركٌ … ولا طريقي إلى جدواكَ منشعبُ
لي حرمة ٌ بكَ لولا ما رعيتَ وما … أوجبت من حفظها ما خلتها تجبُ
بَلَى لَقَدْ سَلَفَتْ في جَاهِليَّتِهمْ … للحقِّ ليسَ كحقي نصرة عجبُ
أَنْ تَعلَقَ الدلْوُ بالدَّلْوِ الغَرِيبَة ِ أَوْ … يُلابِسَ الطُّنُبَ المُسْتَحصِدَ الطُّنُبُ
إِنَّ الخَلِيفَة َ قَدْ عَزَّتْ بِدَوْلَتِهِ … دعائمُ الدين، فليعززْ بكَ الأدبُ
مالي أرى جلباً فعماً ولستُ أرى … سَوْقَاً ومَا لي أَرَى سَوْقاً ولاجَلَبُ
أرضٌ بها عشبٌ جرفٌ وليسَ بها … مَاءٌ وأُخْرَى بها ماءٌ ولا عُشُبُ
خُذها مُغَربَة ً في الأرْضِ آنِسَة ً … بِكُل فَهْمٍ غَرِيبٍ حِينَ تَغْتَربُ
منْ كلِّ قافية ٍ فيها إذا اجتنيت … منْ كلٍّ مايَجْتَنيهِ المُدْنَفُ الوَصِبُ
الجِدُّ والهَزْلُ في تَوْشيعِ لُحْمَتها … والنبلُ والسخفُ والأشجانُ والطربُ
لايُستَقى مِن جَفيرِ الكُتْبِ رَوْنَقُها … ولم تَزلْ تَسْتَقِي مِن بَحْرِها الكُتبُ
حسيبة ٌ في صميمِ المدحِ منصبها … إذْ أكثرُ الشعرِ ملقى ً ما لهُ حسبُ