ياساحِرَ الطّرْفِ أنت الدّهرَ وَسنانُ ، قصيدة أبو نواس
ياساحِرَ الطّرْفِ أنت الدّهرَ وَسنانُ ، – أبو نواس
ياساحِرَ الطّرْفِ أنت الدّهرَ وَسنانُ ، … سرُّ القلوبِ لدَى عَينَيكَ إعْلانُ
إذا امتَحَنْتَ بطَرْفِ العينِ مُكتَتَماً، … ناداكَ مِنْ طَرْفِهِ بالسرّ تِبْيانُ
تَبدو السّرائرُ إنْ عَيناكَ رَنّقَتا، … كأنّما لكَ في الأوْهامِ سُلطانُ
مالي وما لَكَ ، قـد جَزّأتَني شِيَـعـاً ، … وأنتَ مِمّا كَساني الدّهرُ عُرْيانُ
أرَاكَ تَعمَلُ في قَتلي بِلا تِرَة ٍ، … كأنّ قَتلـي عـتـد الــلهِ قَـرْبــانُ
غَادِ المدامَ، وإنْ كانتْ محَرَّمَة ً، … فلِلْكَبائِرِ عِندَ الله غُفْرانُ
صَهباءُ، تَبني حَباباً كلّما مُزِجتْ، … كأنّهُ لُؤلُؤٌ يَتلُوهُ عِقيانُ
كانتْ على عَهدِ نُوحٍ في سَفينَتِهِ، … من حَرّ شَـحنَـتِهـا ، والأرْضُ طـوفانُ
فلَمْ تَزَلْ تَعجُمُ الدّنيا، وتعجُمُها … حتى تَـخَـيّرَها للخَـبْءِ دْهْـقــانُ
فصانَها في مَغارِ الأرْضِ، فاختَلَفتْ … على الدّفينَة ِ أزْمانٌ وأزْمَانُ
ببَلدَة ٍ لم تَصِلْ كَلْبٌ بها طُنُباً … إلى خِباءٍ، ولا عَبْسٌ وذُبْيانُ
لَيسَتْ لِـذُهْـلٍ ، ولا شيبانِها وَطَنـاً ، … لكِنّهـا لبَني الأحـرارِ أوطـانُ
أرْضٌ تَبَنّى بهـا كِـسْـرى دَسَـاكِرَهُ ، … فمـا بهـا مِنْ بني الـرّعْـناءِ إنْسـانُ
وما بها مِنْ هَشيمِ العُرْبِ عَرْفَجة ٌ، … ولا بها مِنْ غِذاءِ العُرْب خُطبانُ
لكنْ بها جُلّنَارٌ قد تَفَرّعَهُ، … آسٌ ، وَكَـلّلَـهُ وَرْدٌ وسـوسـانُ
فـإنْ تَنَـسّـمَـتْ مِـنْ أرْواحِها نَسَماً … يَوْماً تَنَسّمَ في الْخَيْشُوم رَيحانُ
يالَيلَـة َ طَلَعَتْ بالسّعْدِ أنْجُمُها ، … فباتَ يفتكُ بالسّكـرانِ سكـرانُ
بِتْـنـا نَـدينُ لإبْـليـسٍ بطـاعَتِـهِ ، … حتى نَعَى اللّيْلَ بالنّاقوسِ رُهْبانُ
فقامَ يَسحَبُ أذْيالاً مُنَعَّمَة ً، … قـد مَسّهـا مِـنْ يَـدي ظُـلْمٌ وعـدوانُ
يقـولُ : يا أسَفي ، والدّمْـعُ يغلِبُـهُ ، … هتَكتَ منّي الذي قد كانَ يُصْطانُ
فـقلتث : لَيثٌ رأى ظَبْـياً فـواثَـبَـهُ ، … كَـذا صُـرُوفُ لَيـالي الدّهـر ألـوانُ