يا ربْعُ لَوْ رَبَعُوا على ابنِ هُمُومِ قصيدة أبو تمام
يا ربْعُ لَوْ رَبَعُوا على ابنِ هُمُومِ – أبو تمام
يا ربْعُ لَوْ رَبَعُوا على ابنِ هُمُومِ … مُسْتَسْلِمٍ لجَوَى الفِرَاقِ سَقِيمِ
قَدْ كُنْتَ مَعْهُوداً بأَحْسَنِ سَاكنٍ … منَّا وأحسن دمنة ٍ ورسومِ
أَيَّامَ لِلأَيَّامِ فيكَ غَضَارَة ٌ … والدهرُ فيَّ وفيكَ غيرُ مُليمِ
وظباءُ أنسكَ لمْ تبدَّلْ منهمُ … بظِباء وَحْشِكَ ظاعِناً بِمُقيمِ
مِنْ كل ريمِ لَوْ تَبَدَّى قَطَّعَت … ألحاظُ مُقْلَتِه فُؤَادَ الريمِ
أما الهوى فهو العذابُ فإنْ جرتْ … فيهِ النَّوَى فَأَلِيمُ كُل أَلِيمِ
أمَرَ التَّجلُّدَ بالتَّلَدُّدِ حُرْقَة ٌ … أمرتْ جمودَ دموعهِ بسجومِ
ولا والطلولِ الدارساتِ ألية ً … من معرقٍ في العاشقين صميمِ
ما حَاوَلَتْ عَيْني تَأَخُرَ سَاعة ٍ … فالدَّمْعُ مُذْ صَارَ الفِراقُ غَريمي
لم يبرحِ البينُ المشتُّ جوانحي … حتَّى تَروَّت مِنْ هَوًى مَسْمُومِ
وإلى جَنَابِ أبي الحُسْينِ تَشَنَّعت … بزمامِها كالمصعبِ المخطومِ
جاءَتْكَ في مُعْجٍ خَوَائِفَ في البُرَى … وعَوَارِفٍ بالمَعْلَمِ المَأْمُومِ
مِنْ كُل ناجِيَة ٍ كأَنَّ أَدِيمَها … حِيصَتْ ظِهَارَتُه بِجلدِ أَطُومِ
تنئي ملاطيها إذا ما استكرهتْ … سَعْدَانَة ً كإدَارَة ِ الفُرْزُومِ
طلبتكَ من نسلِ الجديل وشدقمٍ … كومٍ عقائلُ من عقائلَ كومِ
ينسنَ أصواتَ الحداة ِ ونبرها … طَرَباً لأَصْوَاتِ الصَّدَى والبُومِ
فأَصَبْنَ بَحْرَ نَدَاكَ غيرَ مُصَرَّدٍ … ورداً وأمَّ نداكَ غيرَ عقيمِ
لَمَّا وَرَدْنَ حِيَاضَ سَيْبِكَ طُلَّحاً … خَيَّمنَ ثُمَّ شَرِبْنَ شُرْبَ الهِيمِ
إِنَّ الخَلِيفَة َ والخَليِفَة َ قَبْلَه … وجداكَ تربَ نصيحة ً وعزيمِ
وجداكَ محموداً فلمَّا يألوا … لكَ في مُفَاوضَة ٍ ولا تَقْديمِ
ما زلتَ منْ هذا وذلكَ لابساً … حللاً من البتجيلِ والتعظيمِ
نفسي فداؤكَ والجبالُ وأهلُها … في طرمساءَ من الحروبِ بهيمِ
بالدَّاذَوَيْهِ وخَيْزَجٍ وذَوَاتِها … عَهْدٌ لسَيْفكِ لَمْ يَكُنْ بِذَمِيمِ
بالمُصْعَبيينَ الَّذِينَ كأنَّهُمْ … آسَادُ أغيالٍ وجِنُّ صَرِيمِ
مِثلُ البٌدُورِ تُضِيءُ إلاَّ أَنَّها … قد قُلْنِسَتْ مِنْ بَيْضَها بِنُجُومِ
وَلَّى بِها المَخذُولُ يَعْذِلُ نَفسَهُ … مُتَمَطراً في جَيْشِهِ المَهْزُومِ
رَامُوا اللَّتَيَّا والَّتي فاعتَاقُهْم … سَيْفُ الإمَام ودَعْوَة ُ المَظْلُومِ
ناشَدْتَهُمْ باللهِ يومَ لَقِيتَهُمْ … والخَيْلُ تحتَ عَجَاجَة ٍ كالنيمِ
وَمَنَحْتَهُمْ عِظَتَيْكَ مِنْ مُتَوَعرٍ … مُتَسَهلٍ قاسِي الفُؤَادِ رَحِيمِ
حتى إذا جمحوا هتكتَ بيوتهمْ … باللَّهِ ثُمَّ الثامِن المَعْصُومِ
فَتَجَرَّدَتْ بيضُ السٌّيُوفِ لِهَامِهمْ … وَتَجرَّدَ التَّوْحِيدُ لِلتَّخريمِ
غادَيْتَهُمْ بالمَشْرِقَيْن بوَقْعَة ٍ … صدعتْ صواعقُها جبالَ الرومِ
أخرَجْتَهُمْ بَلْ أَخرَجَتْهُمْ فِتنَة ٌ … سَلَبتهُمُ مِنْ نَضرَة ٍ ونَعِيمِ
نقلوا من الماءِ النمير وعيشة ٍ … رغدٍ إلى الغسلين والزقومِ
والْحَرْبُ تَعْلَمُ حينَ تَجْهَلُ غَارَة ٌ … تغلي على حطب القنا المحطومِ
أنَّ المنايا طوعُ بأسكَ والوغى … ممزوجُ كأسكِ من ردى وكلومِ
والحَرْبُ تَرِكَبُ رَأْسَها في مَشهدٍ … عدلَ السفيهُ بهِ بألفِ حليمِ
في ساعة ٍ لو أن لقماناً بها … وهْوَ الْحَكِيمُ لَصَارَ غيرَ حَكيمَ
جثمت طيورُ الموتِ في أوكارها … فتركنَ طيرَ العقل غير جثومِ
والسَّيفُ يَحْلِفُ أَنَّكَ السَّيْفُ الذي … ما اهتزَّ إلا اجتثَّ عرشَ عظيمِ
مشتِ الخطوبُ القهقرى لمَّا رأتْ … خَبَبي إليكَ مُؤَكداً برَسِيمِ
فزعتْ إلى التوديع غيرَ لوابثٍ … لمَّا فزعتُ إليكَ بالتسليمِ
والدَّهْرُ أَلاَمُ مَنْ شَرقْتَ بلَوْمِه … إلاَّ إذَا أشرَقتَهُ بكريمِ
أهببتَ لي ريحَ الرجاء فأقدمتْ … هِمَمي بها حتَّى استَبَحْنَ هُمُومي
أيقظتَ للكرمِ الكرام بناطقٍ … لنداكَ أظهر كنزَ كلِّ قديمِ
ولقدْ نكونُ ولا كريمَ ننالُهُ … حتى تخوضَ إليه ألفَ لئيمِ
فسننتَ بالمعروفِ من أثر الندى … سنناً شفت من دهرنا المذمومِ
وسمَ الورى بخصاصة ٍ فوسمته … بسماحة ٍ لاحتْ على الخرطومِ
جليتَ فيهِ بمقلة ٍ لمْ يقذِها … بُخْلٌ ولم تُسْفَحْ على مَعْدُومِ
يقعُ أنبساطُ الرزق في لحظاتها … نَسَقاً إذا وَقَعَت على مَحْرُومِ
ويَدٍ يَظَلُّ المَالُ يسْقُطُ كَيْدُه … فيها سُقُوطَ الهَاءِ في التَّرْخيمِ
لا يأملُ المالُ النجاة َ إذا عدا … صَرْفُ الزَّمان مُجَاءَة ً بعَدِيمِ