أأيامنا ما كُنتِ إلاَّ مواهبا قصيدة أبو تمام
أأيامنا ما كُنتِ إلاَّ مواهبا – أبو تمام
أأيامنا ما كُنتِ إلاَّ مواهبا … وكُنتِ يإسعافِ الحبيبِ حبائبا
سنُغربُ تجديداً لعهدكِ في البُكا … فَما كُنْتِ في الأَيَّامِ إلاَّ غَرائِبا
ومُعْتَرَكٍ للشَّوْقِ أَهْدَى بهِ الهَوى … إلى ذِي الهَوَى ، نُجْلَ العُيُون رَبائبا
كواعبُ زارتْ في ليالٍ قصيرة ٍ … يُخيَّلنَ لي منْ حُسنهنَّ كواعبا
سَلَبْنَا غِطاءَ الحُسْن عن حُر أَوْجُهٍ … تظلُّ للبِّ السَّالبيها سوالبا
وجوه لو أنّ الأرض فيها كواكبٌ … توقّدُ للسَّاري لكنَّ كواكبا
سلي هلْ عمرتُ القفرَ، وهوَ سباسبٌ … وغادرتُ ربعي من ركابي سباسبا
وغرَّبتُ حتَّى لمْ أجدْ ذكرَ مشرقٍ … وشَرَّقْتُ حَتَّى قَدْ نَسِيتُ المَغارِبا
خُطُوبٌ إذا لاقيتُهنَّ رددنني … جَرِيحاً كأَني قَدْ لَقيتُ الكَتائبا
ومنْ لمْ يُسلِّمْ للنَّوائبِ أصبحتْ … خَلائقُهُ طُرّاً عليه نَوائِبا
وقد يكْهَمُ السّيفُ المسُمّى مَنِيَّة ً … وقد يرجعُ المرءُ المُظفَّرُ خائبا
فآفة ُ ذَا أَلاَّ يُصَادِفَ مِضْرَباً … وآفة ُ ذا ألاَّ يُصادفَ ضاربا
وَمَلآْنَ من ضِغْنٍ كوَاهُ تَوَقُّلِي … إلى الهمَّة العُلْيَا سَناماً وغارِبا
شَهدتُ جسيماتِ العُلَى وهْوَ غائبٌ … وَلْو كانَ أَيضاً شاهِداً كانَ غائبا
إلى الحَسَنِ اقتَدْنا رَكائبَ صَيَّرتْ … لها الحَزْنَ من أرضِ الفلاة ِ ركائبا
نَبَذْتُ إِلَيْه هِمَّتى فكأَنَّما … كَدَرْتُ بِه نَجْماً على الدَّهْرِ ثاقِبا
وكُنْتُ امْرءاً أَلقَى الزَّمانَ مُسَالِماً … فآليْتُ لا أَلقاهُ إِلاَّ مُحَارِبا
لَوِ اقتُسِمَتْ أَخلاقُه الغُرُّ لَمْ تَجدْ … مَعِيباً ولا خلقاً من النَّاس عائبا
إِذَا شِئْتَ أَنْ تُحْصِي فَواضِلَ كَفّه … فكُنْ كاتباً أَو فاتَّخِذْ لك كاتبا
عَطايا هِيَ الأَنْواءُ إلاَّ عَلاَمة ً … دَعَتْ تلكَ أَنواءً وتلك مَواهِبا
هوَ الغَيْثُ لَوْ أَفْرَطْتُ في الوَصْفِ عامِداً … لأَكْذِبَ في مَدْحِيهِ ماكنْتُ كاذِبا
ثَوَى مالُهُ نَهْبَ المعالي، فَأَوْجَبَتْ … عليه زكاة ُ الجُودِ ما ليس واجبا
تُحسَّنُ في عينيهِ إن كُنتَ زائراً … وتزدادُ حُسناً كُلَّما جئتَ طالبا
خدينُ العُلّى أبقى لهُ البذلُ والتُّقى … عَوَاقِبَ مِنْ عُرْفٍ كَفَتْهُ العَواقِبا
يَطُولُ استشاراتِ التَّجَارِبِ رَأْيُهُ … إذا ما ذوو الرأي استشاروا التَّجاربا
برئتُ مِنَ الآمالِ وهيَ كثيرة ٌ … لَدَيْكَ وإنْ جاءتْك حُدْباً لواغِبا
وهَلْ كنتُ إِلاَّ مُذْنِباً يومَ أَنتَحي … سواكَ بآمالٍ فأَقبلتُ تائبا؟