أبو تمام

أجلْ أيها الربعُ الذي خفَّ آهِلهْ قصيدة أبو تمام

أجلْ أيها الربعُ الذي خفَّ آهِلهْ – أبو تمام


أجلْ أيها الربعُ الذي خفَّ آهِلهْ … لَقَدْ أَدرَكَتْ فيكَ النَّوَى ما تُحاوِلُه

وقَفْتُ وأحشَائي مَنَازلُ للأَسَى … بهِ،وَهْوَ قَفْرٌ قَدْ تَعَفَّتْ مَنازِلُهْ

أُسَائلُكُمْ مابَالُهُ حَكَمَ البِلَى … عليهِ، وإلا فاتركُوني أسائِلُهْ

لَقَد أحسَنَ الدَّمْعُ المُحَامَاة َ، بَعْدَما … أَسَاءَ الأسَى إِذْ جَاوَرَ القَلْبَ دَاخِلُهْ

دعا شوقُهُ يا ناصرَ الشوقِ دعوة ً … فلَبَّاهُ طَلُّ الدَّمْعِ يجْري ووَابِلُهْ

بيَوْمٍ تُريكَ المَوْتَ في صُورَة ِ النَّوَى … أَوَاخِرُهُ منْ حَسْرَة ٍ وأَوائِلُهْ

وقَفْنَا عَلَى جَمْرِ الوَدَاعِ، عَشِيَّة ً … ولا قلبَ، إلا وهوَ تغلي مراجلُهْ

وفي الكلة ِ الصفراءِ جؤذرُ رملة ٍ … غدا مستقلاً والفراقُ معادلهْ

تيقنتُ أن البينَ أولُ فاتكٍ … به مذ رأيتُ الهجرَ، وهوَ يغازلهْ

يُعَنفُني أنْ ضِقْتُ ذَرْعاً بنَأْيهِ … ويَجْزَعُ أَن ضاقَتْ عليه خَلاخلُهْ

أَتَتْكَ أَمِيرَ المؤْمنينَ وقَدْ أتى … عليها المَلأ دْماثُهُ وجَرَاوِلُهْ

وصلنَ السرى بالوخْد في كلِّ صحصحٍ … وبالسُّهُد المَوْصُول والنَّوْمُ خَاذِلُهْ

رواحِلُنا الليلُ النهارَ رأيْتَها … بإِرقالها مِنْ كُل وَجْهٍ تُقابِلُهْ

إلى قطبِ الدُّنيا الذي لو بفضلهِ … مَدَحْتُ بَني الدُّنيا كَفَتْهُمْ فَضَائِلُهْ

من البأسُ والمعروفُ والجودُ والتقى … عيالٌ عليه رزقهنَّ شمائلُهْ

جلا ظلماتِ الظلمِ عن وجهِ أُمَّة … أَضَاءَ لَها منْ كَوْكب الْحَقِّ آفِلُهْ

ولاذَتْ بِحقْويْهِ الخِلافَة ُ والتَقَتْ … على خدرْها أرمَاحُهُ ومناصلُه

أتتهُ مغذا قدْ أتاها كأنَّها، … ولا شكَّ، كانت قبلَ ذاكَ تُراسلُهْ

بمُعْتَصِمٍ باللَّهِ قَدْ عُصِمَتْ بهِ … عرى الدين والتفتْ عليها وسائلُهْ

رعى اللهُ فيهِ للرعية ِ رأفة ً … تُزَايِلُه الدُّنْيَا ولَيْسَتْ تُزَايِلُهْ


فأضحوا، وقدْ فاضتْ إليهِ قلوبهمْ … ورحمتُه فيهمْ تفيضُ ونائلُه

وقامَ، فقامَ العدلُ في كلِّ بلدة ٍ … خَطِيباً وأَضْحَى المُلْكُ قَدْ شَقَّ بازِلُهْ

وجَرَّدَ سَيْفَ الحق حتَّى كأنَّهُ … من السلِّ مسودٍ غمدُهُ وحمائلُه

رضينا على رغمِ الليالي بحُكمِهِ … وهَلْ دَافِعٌ أَمراً وذُو العَرْشِ قائِلُهْ

لقدْ حانَ منْ يُهدي سويداءَ قلبهِ … لحدِّ سنانٍ في يدِ اللهِ عاملُه

وكَمْ نَاكِثٍ لِلعَهْدِ قَدْ نَكَثَتْ بهِ … أمانيهِ واستخذى لحقكَ باطلُهْ

فأمكنْتهُ من رمة ِ العفوِ رأفة ً … ومَغْفِرة ً إِذْ أَمكنَتْكَ مَقَاتِلُهْ

وحاط لهُ الإفرارُ بالذنبِ روحَه … وجُثْمانَه إِذْ لَمْ تَحُطْهُ قَبَائِلُهْ

إذا مارِقٌ بالغَدْرِ حَاوَلَ غَدْرَة ً … فذَاكَ حَرِيٌّ أنْ تَئِيمَ حَلائِلُهْ

فإنْ باشرَ الإصحارَ فالبيضُ والقَنا … قرَاهُ وأحواضُ المنايا مُناهِلُهْ

وإِنْ يَبْنِ حِيطَاناً عليْه، فإنّما … أُولئِكَ عُقَّالاتُهُ لا مَعَاقِلُهْ

وإلا فأعلمْهُ بأنك ساخِطٌ … ودَعْهُ فإِنَّ الْخَوْفَ لا شَكَّ قاتِلُهْ

بيمنِ أبي إسحاقَ طالتْ يدُ العُلى … وقامَتْ قَناة ُ الدينِ واشتدَّ كاهِلُهْ

هُوَ اليَمُّ مِنْ أَي النَّواحي أتيتَهُ … فلُجَّتُه المعروفُ والجُودُ سَاحِلُهْ

تعوَّدَ بسط الكفِّ حتى لو أنَّه … ثناها لقبضٍ لمْ تُجبهُ أنامِلُهْ

ولو لم يكنْ في كفِهِ غيرُ روحِهِ … لجادَ بها، فليتقِ اللهَ سائلُهْ

عطاءٌ لو اسطاعَ الذي يستميحُهُ … لأصبَحَ مِنْ بَيْن الوَرَى وَهْوَ عَاذِلُهْ

إِذَا آمِلٌ سَاماهُ قَرْطَسَ في المُنَى … مواهبهُ حتى يؤملَ آمِلُهْ

لُهى ً تَسْتثيرُ القَلْبَ لَوْلاَ اتّصَالُها … بحسنِ دفاعِ اللهِ وسوسَ سائلُهْ

إمامَ الهُدَى وابنَ الهُدَى أَيُّ فَرْحَة ٍ … تَعجَّلَها فِيكَ القَرِيضُ وقَائِلُهْ

رجاؤكَ للباغي الغنى عاجِلُ الغنى … وأَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ لِقَائِكَ آجِلُهْ


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page