ألمْ يأن أنْ تروى الظماءُ الحوائمُ قصيدة أبو تمام
ألمْ يأن أنْ تروى الظماءُ الحوائمُ – أبو تمام
ألمْ يأن أنْ تروى الظماءُ الحوائمُ … وأن ينظمَ الشملَ المشتتَ ناظمُ؟
لَئِنْ أَرْقَأَ الدَّمْعَ الغَيُورُ وقَدْ جَرَى … لقدْ رويتْ منهُ خدودٌ نواعمُ
لقد كان ينسى عهدَ ظمياءَ باللوى … ولكن أملَّتْهُ عليه الحمائمُ
بعثنَ الهوى في قلبِ من ليسَ هائماً … فقل في فؤادٍ رعنهُ وهوَ هائمُ
لها نغمٌ ليستْ دموعاً فإن علتْ … مَضَتْ حَيْثُ لاتمْضي الدُّمُوعُ السَّواجمُ
أما وأبيها لو رأتني لأيقنتْ … بطولِ جوى ينفض منه الحيازمُ
رأَتْ قَسَماتٍ قَدْ تَقسَّم نَضْرَها … سُرَى اللَّيْلِ والإسآدُ فَهْي سَوَاهِمُ
وتَلْويحَ أجسَامٍ تَصَدَّعُ تحتَها … قُلُوبٌ رِياحُ الشَّوْق فيها سَمَائِمُ
ينالُ الفتى من عيشهِ وهو جاهلٌ … ويُكْدِي الفَتَى في دَهْرِهِ وَهْوَ عَالِمٌ
ولَوْ كانَتِ الأرزَاقُ تَجْري على الحِجَا … هلكْنَ إذَنْ مِنْ جَهْلِهنَّ البَهَائِمُ
جَزَى اللَّهُ كَفّاً مِلْؤها مِنْ سَعَادة ٍ … سعَتْ في هلاكِ المالِ والمالُ نائمُ
فلم يجتمعْ شرقٌ وغربٌ لقاصدٍ … ولا المَجْدُ في كَف امْرئٍ والدَّرَاهِمُ
ولَمْ أَرَ كالمَعْرُوفِ تُدْعَى حُقُوقُه … مَغَارمَ في الأقَوام وَهْيَ مَغَانِمُ
ولا كالعُلَى مالَمْ يُرَ الشعْرُ بَيْنها … فكَالأرضِ غُفْلاً ليسَ فِيها مَعالِمُ
وما هو إلا القولُ يسري فتغتدي … لَهُ غُرَرٌ في أَوْجُهٍ ومَوَاسِمُ
يُرى حِكْمَة ً مافيهِ وهْوَ فُكَاهَة ٌ … ويُقْضِي بما يَقْضِي بهِ، وهْوَ ظَالِمُ
إلى أحمدَ المحمودِ رامتْ بنا السرى … نواعِبُ في عَرْضِ الفلا ورَوَاسمُ
خَوَانِفُ يَظْلِمْنَ الظَّلِيم إذا عَدَا … وسيجَ أبيهِ وهوَ للبرقِ شائمُ
نجائبُ قدْ كانتْ نعائمَ مرة ً … مِنَ المَر أَوْ أُمَّاتُهُنَّ نَعَائِمُ
إلى سالمِ الأخلاقِ من كلِّ عائبٍ … وليسَ لهُ مالٌ على الجودِ سالمُ
جَديرٌ بأَنْ لا يُصْبِحَ المَالُ عِنْدَهُ … جَدِيراً بأن يَبْقَى وفي الأرض غَارمُ
ولَيْسَ ببَانٍ لِلعُلى خُلُقُ امرئ … وإنْ جلَّ إلاَّ وهْوَ لِلمَالِ هَادِمُ
لهُ من إيادٍ قمة ُ المجدِ حيثما … سَمتْ وَلها مِنْه البِنَا والدَّعَائِمُ
أناسٌ إذا راحوا إلى الروعِ لم تَرُح … مسالمة ً أسيافهمْ والجماجمُ
بَنُو كُل مشْبُوحِ الذرَاعِ إِذَ القَنَا … ثَنَت أَذْرُعَ الأبطال، وَهْيَ مَعَاصِمُ
إذا سيفهُ أضحى على الهامِ حاكماً … غدا العفو منه وهو في السيفِ حاكمُ
أَخَذْت بأعضَادِ العُرَيْب وقَدْ خَوَتْ … عُيُونٌ كَلِيلاتٌ وذَلَّتْ جَمَاجِمُ
فأضحوا لوِ استطاعوا لفرطِ محبة ٍ … لقد علقتْ خوفاً عليكَ التمائمُ
ولو علم الشَّيْخَانِ أدٌّ ويعرُبٌ … لسرت إذنْ تلكَ العظامُ الرمائمُ
تلاقى بك الحيانِ في كلِّ محفلٍ … جليلٍ وعاشتْ في ذراكَ العماعمُ
فما بالُ وَجْهِ الشعرِ أغْبَرَ قاتماً … وأنفِ العُلى من عطلة ِ الشّعرِ راغمُ
تَدَاركْهُ إِنَّ المَكرُمَاتِ أصابعٌ … وإِنَّ حُلَى الأشعار فيها خَوَاتِمُ
إذا أنتَ لمْ تحفظْهُ لَمْ يَكُ بدْعَة ً … ولا عَجباً أن ضَيَّعَتْهُ الأعَاجمُ
فقدْ هزَّ عطفيهِ القريضُ توقعاً … لِعَدْلِكَ مُذْ صَارَتْ إليكَ المَظَالِمُ
ولولا خلالٌ سنها الشعرُ ما درى … بغاة ُ الندى من أين تؤتى المكارمُ