أبو تمام

أما إنه لولا الخليطُ المودعُ قصيدة أبو تمام

أما إنه لولا الخليطُ المودعُ – أبو تمام


أما إنه لولا الخليطُ المودعُ … وربعٌ عفا منه مصيفٌ ومربعُ

لَرُدَّتْ على أعقَابِها أَرْيحيَّة ٌ … منَ الشوقِ واديها منَ الهمِّ مترعُ

لحقنا بأخراهم وقدْ حومَ الهوى … قُلُوباً عَهِدْنا طَيرَها وَهْيَ وُقَّعُ

فردتْ علينا الشمسُ والليلُ راغمٌ … بشمسٍ لهم منْ جانب الخدرِ تطلعُ

نضَا ضَوْءُ هَا صِبْغَ الدُّجنَّة ِ فانطَوَى … لبهجتها ثوبُ السماء المجزعُ

فواللهِ ما أدري أأحلامُ نائمٍ … أَلَمَّتْ بنا أَمْ كانَ في الرَّكْبِ يُوشَعُ 

وعَهْدِي بها تُحْيِي الهَوَى وتُمِيتُه … وتشعبُ أعشارَ الفؤادِ وتصدعُ

وأقرَعُ بالْعُتْبَى حُميَّا عِتَابها … وقدْ تستقيدُ الراحَ حينَ تشعشعُ

وتَقْفُو إلى الجَدْوَى بجَدْوَى وإنَّما … يروقكَ بيتُ الشعرِ حينَ يصرعُ

أَلَمْ تَرَ آرَامَ الظبَاءِ كأنَّما … رأتْ بيَ سيدَ الرملِ والصبحُ أدرعُ

لئن جزعَ الوحشيُّ منها لرؤيتي … لإنْسِيُّها من شَيْبِ رَأْسِيَ أجْزَعُ

غذا الهمُّ مختطاً بفودي خطة ً … طريقُ الردى منها إلى النفس مهيعُ

هو الزورُ يجفى ، والمعاشرُ يجتوى … وذُو الإلْفِ يُقْلى ، والجَديدُ يُرَقَّعُ

لَهُ مَنْظرٌ في العَيْنِ أبيضُ ناصعٌ … ولكنهُ في القلبِ أسودُ أسفعُ

ونَحْنُ نُزَجَّيهِ على الكُرْهِ والرضَا … وأَنْفُ الفَتَى مِنْ وَجهِهِ وهْوَ أَجْدَعُ

لقَدْ سَاسَنا هذا الزَّمانُ سياسَة ً … سُدًى لم يَسُسْها قَطُّ عَبْدٌ مُجَدَّعُ

تروحُ علينا كلَّ يومٍ وتغتدي … خطوبٌ كأنَّ الدهرَ منهنَّ يصرعُ

حلتْ نظفٌ منها لنكسٍ وذو النهى … يدافُ له سمٌّ منَ العيش منقعث

فإنْ نكُ أهملنا فأضعفْ بسعينا … وإنْ نَكُ أُجْبِرْنا فَفيمَ نُتَعْتِع

لقد آسفَ الأعداءَ مجدُ ابن يوسفٍ … وذو النقصِ في الدنيا بذي الفضلِ مولعُ

أخذْت بحبلٍ مِنْه لمَّا لَوَيْتُه … عل مررِ الأيامِ ظلتْ تقطعُ

هو السيلُ إنْ واجهته انقدتَ طوعهُ … وتقتادهُ منْ جانبيهِ فيتبعُ

ولمْ أرَ نفعاً عندَ منْ ليسَ ضائراً … ولَمْ أَرَ ضَرّاً عنْدَ مَنْ ليسَ يَنْفَعُ

يَقُولُ فَيُسمِعُ ويمْشِي فيُسْرعُ … ويَضربُ في ذَاتِ الإلهِ فَيُوجعُ

ممرٌّ لهُ منْ نفسهِ بعضُ نفسهِ … وسائرها للحمدِ والأجرِ أجمعُ

رَأَى البُخْلَ مِنْ كُلٍّ فَظِيعاً فَعَافهُ … على أَنَّهُ مِنْه أَمَرُّ وأَفْظَعُ


وكلُّ كسوفٍ في الداراريَّ شنعة ٌ … ولكنهُ في الشمسِ والبدرِ أشنعُ

معادُ الورى بعدَ المماتِ وسيبهُ … معادٌ لنا قبلَ المماتِ ومرجعُ

لهُ تالدٌ قدْ وقؤَ الجودُ هامهُ … فقرتْ وكانتْ لاتزالُ تفزعُ

إذا كَانَتِ النُّعْمَى سَلُوباً مِن امْرئٍ … غدتْ منْ خليجيْ كفه، وهيَ متبعُ

وإنْ عثرتْ سودُ الليالي وبيضها … بوحْدَتِهِ أَلفيْتَها وَهْيَ مَجْمَعُ

وإِنْ خَفَرَتْ أَمْوَالَ قَوْمٍ أَكُفُّهُمْ … منَ النيلِ والجدوى فكفاهُ مقطعُ

ويَوْمٍ يَظَلُّ العِزُّ يُحْفَظُ وَسْطَهُ … بسمرِ العوالي والنفوسُ تضيعُ

مصيفٍ منَ الهيجا ومنْ حاجم الوغى … ولكنَّه مِنْ وابِلِ الدَّمِ مَرْبَعُ

عَبُوسٍ كَسَا أَبْطَالَهُ كُلَّ قَوْنَسٍ … يُرَى المرْءُ مِنْهُ وهْوَ أَفرَعُ أَنْزَعُ

وأَسمَرَ مَحْمَر العَوَالي يَوُمُّهُ … سنانٌ بحبات القلوبِ ممتعُ

منَ اللاءِ يشربنَ النجيعَ من الكلى … غريضاً، ويَرْوَى غَيْرُهُنَّ فيَنْقَعُ

شققتَ إلى جبارهِ حومة َ الوغى … وقنعتهُ بالسيفِ وهو مقنعُ

لَدَى سندبايا والهضَابِ وأَرْشَقٍ … وموقانِ والسمرُ اللذانُ تزعزعُ

وأبرَشتويمٍ والكذاجِ وملتقى … سنابكها والخيلُ تردي وتمزعُ

غَدَتْ ظُلَّعاً حَسْرَى وغَادَرَ جَدُّها … جُدُودَ أُناسٍ وِهْي حَسْرَى وظَلَّعُ

هَوَ الصُّنْعُ إِنْ يَعْجَلْ فنَفْعٌ وإِنْ يَرِثْ … فللريثُ في بعضِ المواطنِ أسرعُ

أَظَلَّتكَ آمالي وفي الْبطْشِ قُوَّمٌ … وفي السَّهْمِ تَسْديدٌ وفي القَوْسِ مَنْزَعُ

وإنَّ الغنى لي إنْ لحظتُ مطالبي … مِنَ الشَّعْرِ، إلاّ في مَدِيحكَ، أَطْوَعُ

وإنكَ إنْ أهزلتَ في المحلِ لم تضعْ … ولم ترعَ إنْ أهزلت والروضُ ممرعُ

رأيتُ رجائي فيكَ وحدكَ همة ً … ولكنهُ في سائرِ الناسِ مطمعُ

وكمْ عاثرٍ منا أخذتَ بضبعهِ … فأضحى له في قلة ِ المجدِ مطلعُ

فصارَ اسمهُ في النائباتِ مدافعاً … وكانَ اسمُه مِنْ قبْلُ وهْوَ مُدَفَّعُ

وما السَّيْفُ إلاّ زُبْرَة ٌ لو تَرَكْتَهُ … على الخلقة ِ الأولى لما كانَ يقطعُ

فَدُونَكَها لَوْلا لَيَانُ نَسِيبِها … لَظَلَّتْ صِلابُ الصَّخْرِ مِنْهَا تَصدَّعُ

لها أخواتٌ قبلها قد سمعتها … وإنْ لم تَزعْ بي مُدَّة ً فسَتَسْمَعُ


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page