أبو تمام

أَأللَّهُ إِني خالِدٌ بعدَ خالِدِ قصيدة أبو تمام

أَأللَّهُ إِني خالِدٌ بعدَ خالِدِ – أبو تمام


أَأللَّهُ إِني خالِدٌ بعدَ خالِدِ … وناسٍ سِرَاجَ المَجْدِ نَجْمَ المَحامِدِ 

وقَدْ تُرِعتْ إثفِيَّة ُ العَرَبِ التي … بها صُدِعَتْ مابينَ تلكَ الجَلاَمِدِ

ألا غَرْبُ دَمْعٍ ناصِرٍ لي على الأسى … ألا حرُّ شعرٍ في الغليلِ مساعدي

فلمْ تكرمِ العينانِ إنْ لم تسامحا … ولاطابَ فَرْعُ الشعْرِ إنْ لم يُسَاعِدِ

لتبكِ القوافي شجوها بعد خالدٍ … بُكَاءَ مُضِلاَّتِ السَّماحِ نَوَاشِدِ

لَكانَتْ عَذَارَاها إذا هيَ أبرِزَتْ … لَدَى خالدٍ مِثْلَ العَذَارَى النَّواهِدِ

وكانَتْ لِصَيْدِ الوَحْشِ مِنها حَلاوَة ٌ … على قَلْبِهِ لَيسَتْ لِصَيْدِ الأوابِدِ

وكانَ يرى سمَّ الكلامِ كأنما … يُقَشَّبُ أحياناً بِسَم الأَسَاوِدِ

تقلصَ ظلُّ العرفِ في كلِّ بلدة … وأطفىء َ في الدنيا سراجُ القصائدِ

فَيا عِيَّ مَرْحُولٍ إليهِ ورَاحل … وخَجْلَة َ مَوْفُودٍ إليهِ ووافِدِ

وياماجداً أَوْفَى بهِ المَوْتُ نَذْرَهُ … فأشعرَ روعاً كلَّ أروعَ ماجدِ

غَداً يَمْنعُ المَعْرُوفُ بعدَكَ دَرَّهُ … وتعذرُ غدرانُ الأكفِّ الروافدِ

ويا شائماً برقاً خدوعاً وسامعاً … لِرَاعِدَة ٍ دَجَّالَة ٍ في الرَّواعِدِ

أقمْ ثمَّ حطَّ الرحلَ والظنَّ إنه … مَضَتْ قِبْلَة ُ الأسفَارِ مِنء بعد خالدِ

تكفأَ متنُ الأرضِ يومَ تعطلتْ … من الجبلِ المنهدِ تحتَ الفدافدِ

فللثغرِ لونٌ قاتمٌ بعد منظرٍ … أنيقٍ وجوٌّ سائلٌ غيرُ راكدِ

لأبرحتَ يا عامَ المصائبِ بعدما … دعتكَ بنو الآمالِ عامَ الفوائدِ

لقدْ نهسَ الدهرُ القبائلَ بعدَه … بِنَابٍ حَديدٍ يَقْطُرُ السَّمَّ عانِدِ

فجَلَّلَ قَحْطاً آلَ قَحْطَانَ وانثنَتْ … نِزَارٌ بِمَنْزُورٍ منَ العَيْشِ جاحِدِ

على أي عِرْنِينٍ غُلِبْنا ومارِنٍ … وأية ُ كفِّ فارقتنا وساعدِ

كأنا فقدنا ألفِ ألفِ مدجَّجٍ … على ألفِ ألفٍ مقربٍ لا مباعدِ

فيا وحشة َ الدنيا وكانتْ أنيسة ً … وَوَحدَة َ مَنْ فيها لَمَصْرعِ واحِدِ

مضَتْ خُيَلاَءُ الخيْلِ وانصَرَفَ الرَّدَى … بأنفَسِ نَفْسٍ مِنْ مَعَدٍّ وَوَالِدِ

فأَيْنَ شِفَاءُ الثَّغْرِ أينَ إذا القَنَا … خطرنَ على عضوٍ من الملكِ فاسدِ؟


وأينَ الجِلادُ الهَبْرُ إذْ ليسَ سَيدٌ … يَقِي جِلْدَة َ الأحسَابِ إنْ لم يُجَالِدِ؟

ومَنْ يَجْعل السُّلطانَ حَبْلَ وَرِيدِهِ … ومنْ ينظمِ الأطرافَ نظمَ القلائدِ؟

ومنْ لم يكنْ ينفكُّ يغبقُ سيفَهُ … دماً عانداً من نحرِ ليثٍ معاندِ ؟

بِنَفسيَ مَنْ خَطّتء رَبيعة ُ لَحْدَه … ولا زال مهتزَّ الربي غيرَ هامِدِ

أقام به مِنْ حي بَكْرِ بنِ وائلٍ … هنيِّ الندى مخضرَّ إثرَ المواعدِ

فماذا حوتْ أكفانُه من شمائل … مناهلَ أعدادٍ عذابَ المواردِ

خلاَئِقُ كانَتْ كالثُّغُورِ تُخرمَتْ … وكانَ عليها واقفاً كالمجاهدِ

فكَمْ غالَ ذَاكَ التُّرْبُ لي ولِمَعْشَرِي … وللناسِ طُرّاً مِنْ طَرِيفٍ وَتالِدِ

أشيْبَانُ لا ذَاكَ الهلالُ بِطالِعٍ … علينا ولا ذاكَ الغمامُ بعائدِ

أشَيْبَانُ ماجَدي ولاجَدُّ كَاشِحٍ … ولاجَدُّ شيءٍ يَوْمَ وَلَّى بصاعِدِ

أَشَيْبَانُ عَمَّتْ نارُها مِنْ مُصِيبة ٍ … فَما يُشتَكى وَجْدٌ إلى غيرِ وَاجِدِ

لإنْ أقرَحَتْ عَيْنَيْ صَدِيقٍ وصاحِب … لقد زعزعتْ ركنيْ عدوٍّ وحاسدِ

لئنْ هي أهدَتْ للأقاربِ ترحة ً … لقَدْ جَلَّلَتْ تُرْباً خُدُودَ الأباعِدِ

فما جانِبُ الدُّنيا بِسَهلٍ ولا الضُّحَى … بطَلْقٍ ولاماءُ الحَيَاة ِ بِبارِدِ

بَلَى وأبِي إنَّ الأميرَ محمّداً … لقطبُ الرحى مصباحُ تلكَ المشاهدِ

حَمِدْتُ اللَّيالي إذ حَمَتْ سَرْحَنا بهِ … ولستُ لها في غير ذاك بحامدِ

عليه دليلٌ من يزيدَ وخالدٍ … ونورانِ لاحا من نجارٍ وشاهدِ

منَ المكرمينَ الخيلَ فيهمْ ولم يكنْ … لِيُكْرِمَها إلاَّ كِرَامُ المَحاتِدِ

أخو الحربِ يكسوها نجيعاً كأنما … مُتُونُ رُبَاها منهُ مِثْلُ المَجَاسِدِ

إذا شبَّ ناراً أقعدتْ كلَّ قائمٍ … وقامَ لها منْ خوفهِ كلُّ قاعدِ

فقلْ لملوك السيسجان ومنْ غدا … بأَرَّانَ أو جُرْزانَ غيرَ مُناشِدِ

ألا القُوا مَقالِيدَ البِلادِ وَهَلْ لها … رتاجٌ فيلقي أهلُها بالمقالدِ ؟

ولا يغوكم شيطانُ حربٍ فإنه … مَعَ السَّيفِ يَدْمَى نَصْلُه غيرُ مَارِدِ

ولا تفترقْ أعناقُكم إنَّ حولها … رُدَينيَّة ً يَجَمَعْنَ هامَ الشَّوارِدِ

وما كثرتْ في بلدة ٍ قصدُ القنا … فتقلعَ إلا عنْ رقابٍ قواصدِ


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page