أبو تمام

أَبْدَتْ أَسى ً أَنْ رَأَتْني مُخْلِسَ القُصَبِ قصيدة أبو تمام

أَبْدَتْ أَسى ً أَنْ رَأَتْني مُخْلِسَ القُصَبِ – أبو تمام


أَبْدَتْ أَسى ً أَنْ رَأَتْني مُخْلِسَ القُصَبِ … وآلَ ما كانَ منْ عُجبٍ إلى عَجَبِ

سِتٌّ وعِشْرُونَ تَدْعُوني فَأَتْبَعُهَا … إلى المشيبِ ولم تظلمْ ولم تَحُبِ

يومي من الدَّهرِ مثلُ الدَّهرِ مُشتهرٌ … عَزْماً وحَزْماً وَسَاعي منه كالحِقبِ

فأَصْغِري أَنَّ شَيْباً لاَحَ بِي حدَثاً … وأَكْبِرِي أَنَّني في المَهْدِ لم أَشِبِ

ولايُؤَرقْكِ أيماضُ القَتيرِ بِهِ … فإنَّ ذاكَ ابتسامُ الرّأي والأدبِ

رأتْ تشنُّنهُ فاهتاجَ هائجها … وقال لاعِجُهَا لِلعَبْرة ِ: انْسكِبي

لا تُنكري منه تخديداً تجلِّلهُ … فالسَّيْفُ لا يُزْدَرَى إنْ كانَ ذَا شُطَبِ

لا يطردُ الهمَّ إلاَّ الهمُّ من رجلٍ … مُقَلْقِلٍ لِبَنَاتِ القَفْرَة ِ النُّعُبِ

ماضٍ، إذا الكُرَبُ التفتْ رأيتَ لهُ … بِوَخْدِهنَّ اسْتِطَالاتٍ على النُّوَبِ


سَتُصْبِحُ العِيسُ بي، واللَّيْلأُ عِنْدَ فَتًى … كثيرِ ذكْرِ الرضَا في ساعة ِ الغَضَبِ

صدفتُ عنهُ، فلم تصدفْ مودَّتهُ … عنِّي وعاودهُ ظنِّي، فلم يخِبِ

كالغَيْثِ إِنْ جِئَتَهُ وافَاكَ رَيقُهُ … وإنْ تحمَّلت عنهُ كان في الطِّلبِ

خَلاَئِقَ الحَسَنِ استَوْفِي البَقَاءَ، فَقَدْ … أصبحتِ قُرَّة َ عينِ المجدِ والحسبِ

كأَنَّماَ هُو مِنْ أَخْلاَقِهِ أَبداً … وإنْ ثوى وحدهُ في جحفلٍ لَجبِ

صِيغَتْ لهُ شيمة ٌ غرّاءُ من ذهبٍ … لكنَّها أَهْلَكُ الأَشياءِ للذَّهَبِ

لمَّا رَأَى أَدَباً في غَيْرِ ذي كَرَمٍ … قدْ ضاعَ أوْ كرماً في غير ذي أدبِ

سمَا إلى السُّورة ِ العلياءِ، فاجتمعا … في فِعْلِهِ كاجتماعِ النَّورِ والعُشُبِ

بَلَوْتُ مِنْكَ وأَيَّامِي مُذَمَّمَة ٌ … مَوَدَّة ً وُجِدَتْ أَحْلَى مِنَ النَّشَبِ

مِن غَيْرِ مَا سَبَبٍ مَاضٍ، كَفى سَبَباً … لِلحُر أَنْ يَعْتَفي حُرّاً بِلا سَبَبِ


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page