أَرَاكَ أكبَرْتَ إدْمَاني على الدمَنِ قصيدة أبو تمام
أَرَاكَ أكبَرْتَ إدْمَاني على الدمَنِ – أبو تمام
أَرَاكَ أكبَرْتَ إدْمَاني على الدمَنِ … وحملي الشوقَ منْ بادٍ ومكتمنِ
لا تكثرنَّ ملامي إنْ عكفتُ على … رَبْعِ الحَبيبِ فلَمْ أعكف على وَثَنِ
سلوتُ إنْ كنتُ أدري ما تقولُ إذنْ … مجَّتْ مقالتها في وجهها أذني
الحُّبُّ أَوْلى بِقَلْبي في تَصَرُّفِهِ … مَنْ أَن يُغادِرَني يَوْماً بلا شَجَنِ
حَلَبْتُ صَرْفَ النَّوَى صَرْفَ الأسَى وحَداً … بالبَث في دَوْلة ِ الإغْرامِ والدَّدَنِ
مما وجَدْتُ على الأحشاءِ أوقدَ مِنْ … دَمْعٍ على وَطَنٍ لي في سِوَى وَطَني
صَيَّرْتُ لي مِنْ تَبَارِي عَبْرَتي سَكَناً … مذْ صرتُ فرداً بلا إلفٍ ولا سكنِ
مَنْ ذَا يُعظمُ مِقْدَارَ السُّرورِ بِمَنْ … يهوى إذا لم يعظم موضع الحزنِ ؟
العيشُ والهمُّ والليلُ والتمامُ معاً … ثلاثة ٌ أبداً يُقرنَّ في قرنِ
أقُولُ للحُرَّة ِ الوَجْنَاءِ لاتَهِني … فقدْ خلقتِ لغير الحوضِ والعطنِ
ما يحسنُ الدهرُ أنْ يسطو على رجلٍ … إِذَا تَعلَّقَ حَبْلاً مِنْ أبي حَسَنِ
كَمْ حالَ فَيْضُ نَدَاهُ يَوْمَ مُعْضِلَة ٍ … وبَأْسُهُ بينَ مَنْ يَرْجُوهُ والمِحَنِ
كأنني يومَ جردتُ الرجاءَ لهُ … عَضْباً أخّذْتُ بهِ سَيْفاً على الزَّمنِ
فَتًى تَريشُ جَنَاحَ الجُودِ رَاحَتُهُ … حتى يخالَ بأنَّ البخلَ لم يكنِ
وتشتري نفسُه المعروفَ بالثمنِ الـ … ـغالي ولوْ أنَّها كانتْ من الثمنِ
أَموَالُه وعِدَاهُ مِنْ مَوَاهِبهِ … وبَأْسه يَطْلُبونَ الدَّهْرَ بالإحَنِ
يُقَشعُ الفِتَنَ المُسْوَدَّ جَانِبُها … ومالُه من ندَاه الدهرَ في فتنِ
إذا بدا لكَ مرٌّ في كتائبهمْ … لم يحجبِ الموتُ عن روحٍ ولا بدنِ
كمْ في العلى لهمُ والمجدِ من بدعٍ … إذا تُصفَّحَتِ اختِيرَتْ على السُّنَنِ
قَوْمٌ إذَا هَطَلَتْ جُوداً أكفُّهُمُ … عَلِمْتَ أنَّ النَّدَى مُذْ كانَ في اليَمَنِ