أَظُنُّ دُمُوعَهَا سَنَنَ الفَريدِ قصيدة أبو تمام
أَظُنُّ دُمُوعَهَا سَنَنَ الفَريدِ – أبو تمام
أَظُنُّ دُمُوعَهَا سَنَنَ الفَريدِ … وهيَ سلكاهُ منَ نحرٍ وجيدِ
لها منْ لوعة ِ البينِ التدامٌ … يعيدُ بنفسجاً وردَ الخدودِ
حمتنا الطيفَ منْ أمِّ الوليدِ … خطوبٌ شيبتْ رأسَ الوليدِ
رآنا مشعري أرقٍ وحزٍن … وبغيته لدى الركبِ الهجودِ
سُهَادٌ يَرْجَحِنُّ الطَّرْفُ مِنْهُ … ويولعُ كلَّ طيفٍ بالصدودُِِ
بِأَرْضِ البَذ في خَيْشُومِ حَرْبٍ … عقيمٍ منْ وشيكِ ردى ً ولودُ
تَرَى قَسمَاتِنا تَسْوَدُّ فيها … وما أَخْلاقُنا فيها بِسُودِ
تقاسمنا بها الجردُ المذاكي … سِجَالَ الكَر والدَّأبِ الْعَنِيدِ
فَتُمْسِي في سَوابغَ مُحْكمَاتٍ … وَتُمْسِي في السُّروجِ وفي اللًّبُودِ
حَذَوْنَاها الْوَجَى والأيْنَ حتَّى … تجاوَزَتِ الرُّكوعُ إلى السُّجودِ
إذا خرجتْ من الغمراتِ قلنا … خرجْتِ حبائساً إن لم تعودي
فكَمْ مِنْ سُؤْدُدٍ أمكَنْتِ مِنْهُ … برمتهِ على أنْ لم تسودي
أهانكَ للطرادِ لمْ تهوني … عليهِ وللقيادِ أبو سعيدِ
بلاكِ فكنتَ أرشية َ الأماني … وبردَ مسافة ٍ المجدِ البعيدِ
فتى ً هزَّ القنا فحوى سناءٍ … بها لا بالأحَاظي والْجُدُودِ
إِذا سَفكَ الحَياءَ الرَّوْعُ، يَوْماً … وقى دمَ وجههِ بدمِ الوريدِ
قَضَى مِنْ سَنْدَبَايَا كلَّ نَحْبٍ … وأرشقَ والسيوفُ منَ الشهودِ
وأرسلها على موقانِ رهواً … تُثِيرُ النَّقْعَ أكْدَرَ بالكَدِيدِ
رآهُ العلجُ مقتحماً عليهِ … كما اقتحمَ الفناءُ على الخلودِ
فمرَّ ولو يجاري الريحَ خيلتْ … لديهِ الريحُ ترسفُ في القيودِ
شَهدْتُ لَقَدْ أَوَى الإسْلاَمُ مِنْهُ … غدائتذٍ إلى ركنٍ شديدِ
وللكذجاتِ كنتَ لغيرِ بخلٍ … عقيمَ الوعدِ منتاجَ الوعيدش
غَدَت غِيرَانُهمْ لَهُمُ قبُوراً … كَفَتْ فِيهمْ مَؤُونَاتِ اللُّحُودِ
كأَنَّهُمُ مَعاشِرُ أُهْلكوا مِنْ … بَقَايَا قَوْمِ عَادٍ أو ثَمُودِ
وفي أَبْرِشْتَويمَ وَهَضْبَتَيْهَا … طلعتَ على الخلافة َ بالسعودِ
بضربٍ ترقصُ الأحشاءُ منهُ … وتَبْطُلُ مُهْجَة ُ البَطَلِ النَّجِيدِ
بيتَّ البياتَ بعقدِ جأشٍ … أَشدَّ قُوًى مِنَ الْحَجَرِ الصَّلُودِ
رَأَوْا لَيْثَ الغَريفة ِ وهْوَ مُلْقٍ … دراعيهِ جميعاً بالوصيدِ
عَلِيماً أَنْ سَيَرْفُلُ في المَعَالي … إذا ما باتَ يرفلُ في الحديدِ
وكم سَرَقَ الدُّجى من حُسْنِ صَبْرٍ … وغطّى من جِلادِ فتى ً جليدِ
ويَوْمَ التَّل تَل البَذ أُبْنَا … ونحنُ قصارُ أعمارِ الحقودِ
قسمناهمْ فشطرٌ للعوالي … وآخرُ في لظى ً حرقِ الوقودِ
كأنَّ جهنمَ انضمتْ عليهمْ … كلاهَا غَيْرَ تَبْدِيلِ الجُلُودِ
ويَوْمَ انصَاعَ بَابَكُ مُسْتَمِرّاً … مُبَاحَ العُقْرِ مُجْتَاحَ العدِيدِ
تأملّ شخصَ دولتهِ … بِجِسْم لَيْسَ بالْجسْمِ المَدِيدِ
فأزمعَ نية ً هرباً فحامتْ … حُشَاشَتُهُ على أجَلٍ بَلِيدِ
تَقنَّصَهُ بَنُو سِنبَاطَ أَخذاً … بأشراكِ المواثقِ والعهودِ
ولولا أنَّ ريحكَ دربتهمْ … لأحْجَمَتِ الكِلاَبُ عن الأُسُودِ
وهرجاماً بطشتْ بهِ فقلنا … خيارٌ البزِّ كانَ على القعودِ
وقائِعُ قدْ سَكَبْتَ بها سَوَاداً … على ما احمَرَّ مِنْ ريشِ البَريدِ
لئنْ عمتْ بني حواءَ نفعاً … لَقَدْ خَصَّتْ بني عبْدِ الحَمِيدِ
أقولًُ لسائلي بأبي سعيدٍ … كأَنْ لم يَشْفِهِ خَبَرُ القَصِيدِ
أجلْ عينيكِ في ورقي مليا … فقدْ عاينتَ عامَ المحلِ عودي
لبستُ سواهُ أقواماً فكانوا … كما أغنى التيممُ بالصعيدِ
وَتَرْكِي سُرْعَة َ الصَّدَرِ اغْتِباطاً … يَدُلُّ على مُوافقَة ِ الوُرُودِ
فَتًى أَحْيَتْ يَدَاهُ بَعْدَ يأْسٍ … لنَا المَيْتَيْنِ مِنْ كَرَمٍ وجُودِ