إنَّ بكاءً في الدارِ منْ أربهْ قصيدة أبو تمام
إنَّ بكاءً في الدارِ منْ أربهْ – أبو تمام
إنَّ بكاءً في الدارِ منْ أربهْ … فشايعا مغرماً على طربهْ
ما سجسجُ الشوقِ مثلَ جاحمهِ … ولاصَرِيحُ الهَوَى كَمُؤْتَشِبِهْ
جيدت بذاني الأكنافِ ساحتها … نَائِي المَدَى واكِفِ الجَدَى سَرِبِهْ
مُزْنٌ إِذَا مَا استَطَارَ بَارقُهُ … أعطى البلادَ الأمانَ منْ كذبهْ
يرجعُ حرّى التلاعِ مترعة ً … رِيّاً وَيثْني الزَّمانَ عن نُوَبِهْ
مَتَى يَضِفْ بَلْدَة ً فقَدْ قُرِيَتْ … بِمُسْتَهِل الشُّؤْبُوبِ مُنْسَكِبِهْ
لا تسلبُ الأرضُ بعدَ فرقتهِ … عَهْدَ مَتَابِيعِه ولا سُلُبِهْ
مُزَمْجَرُ المِنْكبيْنِ صَهْصَلِقٌ … يُطْرِقُ أَزْلُ الزَّمانِ مِن صَخَبِهْ
عاذتْ صدوعُ الفلا به ولقدْ … صَحَّ أَديمُ الفَضَاءِ مِن جُلَبِهْ
قدْ سلبتهُ الجنوبُ والدينُ والدنْ … يا وصافي الحياة ِ في سلبهْ
وَحَرَّشَتْهُ الدَّبُورُ واجْتَنبتْ … ريحُ القَبُولِ الهُبوبَ مِن رَهَبِهْ
وغادرتْ وجههُ الشمالُ فقلْ … لا في نزور الندى ولا حقبهْ
دَعْ عَنْكَ دَعْ ذَا إِذَا انتقَلْتَ إلى … المَدْحِ وَشُبْ سَهْلَة ُ بمُقْتَضَبِهْ
إِنّي لذو ميسَمٍ يَلوحُ على … صعودِ هذا الكلام أو صببهْ
لَسْتُ مِنَ العِيسِ أَو أُكَلفَهَا … وَخدْاً يُدَاوِي المرِيضَ مِن وَصَبِهْ
إلى المصفى مجداً أبي الحسنِ … انْصَعْنَ انصِيَاعَ الكُدْرِي في قَرَبِهْ
ترمي بأشباحنا إلى ملكٍ … نَأْخُذُ مِن مَالِهِ ومن أَدَبِهْ
نجمُ بني صالحٍ وهمْ أنجمُ العلا … لَم مِن عُجْمِهِ ومِنْ عَرَبِهْ
رهطُ الرسولِ الذي تقطعُ أس … بابُ البرايا غداً سوى سببهْ
مهذبٌ قدّتِ النبوة ُ والإس … ـلامُ قدَّ الشراكِ مِن نَسَبِهْ
لَهُ جَلاَلٌ إِذَا تسَرْبَلَهُ … أكسَبَهُ البأْوَ غَيْرَ مُكْتَسِبِهْ
والحظُّ يعطاهُ غيرُ طالبهِ … ويُحْرِزُ الدَّرَّ غيْرُ مُحْتَلِبهْ
كمْ أعطبتْ راحتاهُ من نشبٍ … سَلاَمَة ُ المُعْتَفِينَ في عَطَبِهْ
أَيُّ مُدَاوٍ للمَحْلِ نائِلُهُ … وهانىء ٍ للزمانِ من جربهْ
مشمرٌ ما يكلُّ في طلبِ ال … ـعَلْيَاءِ والحَاسِدُونَ في طَلَبهْ
أعلاهمُ دونه وأسبقهمْ … إلى العُلَى وَاطِىء على عَقِبهْ
يُرِيْحُ قَوْمٌ والجُودُ والحَقُّ والـ … حاجاتُ مشدودة ٌ إلى طنبهْ
وهلْ يبالي إقضاضَ مضجعه … مَن رَاحَة ُ المَكْرُمَاتِ في تَعَبِهْ؟
تلكَ بناتُ المخاضِ راتعة ً … والعودُ في كورهِ وفي قتبهْ
منء ذا كعباسهِ إذا اصطكت ال … أحسابُ أمْ منْ كعبدِ مطلبهْ؟
هيهاتَ أبدى اليقينُ صفحتهُ … وبَانَ نَبْعُ الفَخَارِ مِن غَرَبِهْ
عبدُ المليكِ بنِ صالح بن عليِّ … مبنِ قسيمِ النَّبي في نَسَبِهْ
ألبسهُ المجدَ لا يريدُ بهِ … برداً وصاغَ السماحَ منهُ وبهْ
لُقمانُ صَمْتاً وحِكْمَة ً فإِذا … قالَ لقطنا المرجانَ منْ خطبهْ
إِنْ جَدَّ رَدَّ الخُطُوبَ تَدْمَى وإِنْ … يلعبْ فجدُّ العطاءِ في لعبهْ
يَتْلُو رِضَاهُ الغِنَى بِأَجْمعِهِ … وتحذرُ الحادثاتُ في غضبهْ
تزلُّ عنْ عرضهِ العيوبُ وقدْ … تَنْشَبُ كَفُّ الغَني في نَشَبهْ
تأتيهِ فراطنا فتحكمُ في … لجينهِ تارة ً وفي ذهبهْ
بأيِّ سهمٍ رميته في نصله ال … ماضي وفي ريشهِ وفي عقبهْ؟
لا يكمنُ الغدرَ للصديق ولا … يخطو اسمَ ذي ودهِ إلى لقبهْ
يأبرُ غرسَ الكلامِ فيكَ فخذْ … واجتنِ من زهوهِ ومن رطبهْ
أَمَا تَرى الشُّكْرَ مِن رَبَائِطهِ … جاءَ وسرحُ المديح من جلبهْ؟