أبو تمام

تقي جمحاتي لستُ طوعَ مُؤنِّبي قصيدة أبو تمام

تقي جمحاتي لستُ طوعَ مُؤنِّبي – أبو تمام


تقي جمحاتي لستُ طوعَ مُؤنِّبي … وليس جَنيبي، إِنْ عَذَلْتِ، بِمُصْحِبي

فلم تُوفدي سُخطاً إلى مُتنصِّلٍ … ولمْ تُنزلي عتباً بساحة ِ مُعتبِ

رَضِيتُ الهوى والشَّوْقَ خِدْناً وصاحِباً … فإِنْ أَنتِ لَمْ تَرْضَيْ بِذَلِكَ فاغْضَبي

تُصرِّفُ حالاتُ الفِراقِ مُصرَّفي … على صَعْبِ حَالاتِ الأَسَى ومُقَلَّبِي

ولي بدنٌ يأوي، إذا الحُبُّ ضافهُ … إلى كبدٍ حرَّى وقلبٍ مُعذَّبِ

وخُوطيَّة ٍ شَمْسِيَّة ٍ رَشَئِية ٍ … مُهَفْهَفَة ِ الأَعْلَى رَدَاحِ المُحَقَّبِ

تُصَدعُ شَمْلَ القَلْبِ مِن كل وِجْهَة ٍ … وتشعبُهُ بالبثِّ منْ كلِّ مشعبِ

بِمُخْتَبَلٍ سَاجٍ مِنَ الطَّرْفِ أحْوَرٍ … وَمُقْتَبِلٍ صَافٍ مِنَ الثَّغْرِ أَشْنَبِ

منَ المُعطياتِ الحُسنَ والمؤتياتهِ … مُجلببة ً أوْ فاضلاً لمْ تُجَلْبَبِ

لَو انَّ امْرَأَ القَيْسِ بنَ حُجْرٍ بَدَتْ لَهُ … لما قال مُرّا بي على أمِّ جُندُبِ

فتلكَ شُقُوري لا ارتيادُكِ بالأذى … مَحَليَ إِلاَّ تَبْكُرِي تَتَأَوَّبِي

أحاولتِ إرشادي؟ فعقلي مُرشدي … أَمِ استَمْتِ تَأَديبي فَدَهْرِي مُؤَدبي

هُمَا أَظْلَما حَالَيَّ ثُمَّتَ أَجلَيا … ظَلامَيْهما عن وَجْهِ أَمْرَدَ أَشْيَبِ

شجى ً في حُلوقِ الحادثاتِ، مُشرِّقٍ … بهِ عَزْمُهُ في التُّرَّهَاتِ مُغَربِ

كَأَنَّ لَهُ دَيْناً على كلّ مَشْرِقٍ … من الأرضِ أو ثأراً لدى كلّ مغربِ

رأيتُ لِعيَّاشٍ خلائقَ لمْ تكنْ … لتكْمُلَ إلاَّ في اللُّبابِ المُهذَّبِ


لَهُ كَرَمٌ لَوْ كَانَ في الماءِ لَمْ يَغِضْ … وفي البَرْقِ ماشَامَ امْرؤٌ بَرْقَ خُلَّبِ

أخُو أزماتٍ، بذله بذلُ مُحسنٍ … إلينا ولكنْ عُذرُهُ عُذْرُ مُذنبِ

إذا أمَّهُ العافونَ ألفوا حِياضهُ … مِلاءً وأَلفَوْا رَوْضَهُ غَيْرَ مَجْدِبِ

إِذَا قَالَ أَهْلاً مَرْحَباً نَبعَتْ لَهُمْ … مِياهُ النَّدَى مِن تَحْتِ أَهْل ومَرْحَبِ

يَهُولُكَ أَنْ تَلْقاهُ صَدْراً لِمَحْفِلٍ … ونَحْراً لأَعْدَاءٍ وقَلْباً لِمَوْكِبِ

مصادٌ تلاقتْ لُوَّذا بريودهِ … قبائلُ حيَّيْ حضرموتَ ليعربِ

بأروع مضَّاءٍ على كلّ أروعٍ … وأَغْلَبَ مِقْدَامٍ على كلّ أَغْلَبِ

كلوذهمُ فيما مضى منْ جدودهِ … بِذي العُرْفِ والإِحْمَادِ قَيْلٍ ومَرْحَبِ

ذَوونَ، قُيُولٌ لَمْ تَزَلْ كلُّ حَلْبَة ٍ … تمزّق منهمْ عن أغرَّ مُحنَّبِ

هُمَامٌ كنَصْلِ السَّيْفِ كَيْفَ هَزَزْتَهُ … وَجَدْتَ المَنايا مِنْهُ في كل مَضْرِبِ

تَرَكْتَ حُطاماً مَنكِبَ الدَّهْر إِذْ نَوَى … زِحَامِيَ لَمَّا أَنْ جَعَلْتُكَ مَنْكِبِي

وما ضيقُ أقطارِ البلادِ أضافني … إِلَيْكَ ولكِنْ مَذْهَبِي فِيكَ مَذْهَبِي

وأنتَ بمصرٍ غايتي وقرابتي … بها وبنو الآباءِ فيها بنو أبي

ولاغَرْوَ أَن وَطَّأْتَ أَكْنَافَ مرْتَعي … لِمُهْملِ أَخفاضِي ورَفَّهْتَ مَشْرَبي

فَقَوَّمْتَ لي مَا اعْوَجَّ مِنْ قَصْدِ هِمتَّي … وبيَّضتَ لي ما اسودَّ من وجهِ مطلبي

وهاتا ثيابُ المدحِ فاجرُرْ ذُيولها … عليكَ وهذا مركبُ الحمدِ فاركبِ


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page