حَياةٌ ومَوتٌ وانتِظارُ قيامَةٍ، قصيدة أبوالعلاء المعري
حَياةٌ ومَوتٌ وانتِظارُ قيامَةٍ، – أبوالعلاء المعري
حَياةٌ ومَوتٌ وانتِظارُ قيامَةٍ، … ثَلاثٌ أفادَتْنا ألوفَ مَعانِ
فلا تَمهَرَا الدّنيا المروءَةَ، إنّها … تُفارِقُ أهليها فِراقَ لِعان
ولا تَطلُباها من سِنانٍ وصارِم، … بيَومِ ضِرابٍ، أو بيَومِ طِعان
وإنْ شئتُما أن تَخلُصَا من أذاتِها، … فَحُطّا بها الأثقالَ واتّبِعاني
فَما راعَني منها تَهجّمُ ظالِمٍ؛ … ولا خِمتُ عن وَهدٍ لها ورِعان
ولا حَلّ سرّي، قطّ، في أُذنِ سامعٍ، … وشِنفاهُ، أو قرطاهُ يَستَمِعان
ولم أرقُبِ النَّسرينِ في حومةِ الدُّجَى، … أظنُّهُما في كَفّتي يَقَعان
عَجِبتُ من الصّبحِ المُنيرِ وضِدّهِ، … على أهلِ هذي الأرضِ يَطّلِعان
وقد أخرَجاني بالكَراهَةِ منهما، … كأنّهما، للضّيقِ، ما وَسِعاني
وكيفَ أُرَجّي الخَيرَ يَصدُرُ عَنهما، … وقَد أكَلَتْني فيهما الضَّبُعان؟
وما بَرّ من ساواهما في قياسِهِ، … ببِرّيْ عُقوقٍ، بل هما سَبُعان
وما ماتَ مَيتٌ مَرّةً في سواهما، … كخَصمينِ، في الأرواحِ، يفترِعان
أشاحا فقالا، ضِلّةً: ليسَ عندَنا … محلٌّ، وفي ضِيقِ الثّرَى وَضَعاني
وكَيوانُ والمِرّيخُ عَبدانِ سُخّرا، … ولَستُ أُبالي إنْ هما فَرَعاني
ولو شاءَ مَن صاغَ النّجومَ بلُطفِهِ، … لَصاغَهُما كالمُشتري ودَعان
أيعكِسُ هذا الخلقَ مالكُ أمرِهِ، … لَعَلّ الحِجى والحَظّ يجتَمِعان؟