أبو تمام

داعَ دعا بلسانِ هادٍ مرشدِ قصيدة أبو تمام

داعَ دعا بلسانِ هادٍ مرشدِ – أبو تمام


داعَ دعا بلسانِ هادٍ مرشدِ … فأجابَ عزمٌ هاجدٌ في مرقدِ

نادَى وَقدْ نَشرَ الظَّلامُ سُدولهُ … والنَّومُ يحكمُ في عُيون الرُّقَّدِ

يا ذائدِ الهيمِ الخوامسِ وفها … عشراً وافِ بها حياضَ محمدِ

يمددنَ للشرفِ المنيفِ صوادياً … أعناقهنَ إلى حياضِ السؤددِ

وتَنبَّهتْ فِكرٌ فَبتنَ هَواجِساً … في قلبِ ذي سمرِ بها متهجدِ

لما رأيتكَ يا محمدُ تصطفي … صفوَ المحامدِ منْ ثناءِ المجتدي

سيرتُ فيكَ مدائحي فتركتها … غرراً تروحُ بها الرواة ُ وتغتدي

مالي إذا ما رضتُ فيكَ غربية ً … جاءَتْ مَجيءَ نَجيبة ٍ في مَقوَدِ

ما ذاكَ إلاَّ أنَّ زندكَ لمْ يكنْ … في كفِّ قادحهِ بزندٍ مصلدِ

صدَّقْتَ مَدحي فيكَ حينَ رَعيتَني … لِتحرُّمي بالسَّيّدِ المُتَشَهدِ

ولجأْتُ مِنكَ إلى ابنِ مَلكٍ أَنبأَتْ … عنهُ خلائقهُ بطيب المحتدِ

ملكٌ يجودُ ولا يُؤامرُ آمِراً … فيهِ ويَحكمُ في جَداه المُجْتَدِي

ويقولُ والشرفُ المنيفُ يحفهُ … لا خيرَ في شرفٍ إذا لم أحمدِ

وأكون عندَ ظنونِ طلابِ الندى … وأذُبُّ عن شَرفي بما مَلكتْ يدِي

يأبى لعرضي أنْ يكونَ مشعثاً … جودٌ وقاهُ بطارفٍ وبمتلدِ

ولراحتيهِ دِيمتانِ : قَديمة ٌ … لي بالودادِ وديمة ٌ بالعسجدِ

كمْ منْ ضريكٍ قد بسطتَ يمينهُ … بَعدَ التَّحيُّنِ في ثَراءٍ سَرمدِ

ولربَّ حَربٍ حائلٍ لقَّحتهَا … ونَتجتَها مِنْ قَبلِ حينِ المَولدِ

فإذا بَعثتَ لِناكثينَ عزيمة ً … عصفتْ رؤوسق منْ سيوفٍ ركدِ

إِنَّ الخلافة َ لوجَزتكَ بموقفٍ … جعلتْ مثالكَ قبلة ً للمسجدِ

وَسعتْ إليك جُنودها حتَّى إذا … وافتكَ خَرَّ لديكَ كلُّ مُقَلَّدِ

واللهُ يشكرُ والخليفة ُ موقفاً … لكَ شَائعاً بالبذ صَعْبَ المَشْهَد


في مأزقٍ ضنكِ المكرِّ مغصصٍ … أزَزِ المجَالِ مِنَ القَنا المُتقصدِ

نازلتَ فيهِ مفنداً في دينهِ … لا بأسهِ فرآكَ غيرَ مفندِ

فَعلوْتَ هامَتَهُ فطَارَ فراشُها … بشهابِ موتِ في اليدينِ مجردِ

يافارِسَ الإسْلامِ أنتً حَميْتَه … وكفَيتَهُ كلَبَ العَدو المعتدِي

ونصرْتهُ بكتائِب صَيَّرتَها … نصباً لعوراتِ العدوِّ بمرصدِ

أصبحتَ مفتاحَ الثغورِ وقفلها … وسداد ثلمتها التي لم تسدد

أدركت فيه دم الشَّهيد وثاره … وفلجتَ فيه بشكر كلِّ موحدِ

ضحكتْ لهُ أكبادُ مكة َ ضحكها … في يومِ بدرٍ والعتاة ِ الشهدِ

أحيَيْت للإسلامِ نَجدة َ خالِدٍ … وفَسَحْتَ فيهِ لِمُتْهمٍ ولمُنْجدِ

لوْ أنَّ هرثمة َ بنَ أعينَ في الورى … حَيٌّ وعايَنَ فضْلَهُ لم يَجْحَدِ

أو شَاهدَ الحَرْبَ المُمِرَّ مذَاقُهَا … لرآهُ أقمعَ للعتاة ِ العندِ

وأجرَّ للخَيلِ المُغيرة ِ في السُّرى … وأَذبَّ مِنهُ باللسَانِ وباليد

أما الجيادُ فقدْ جرت فسبقتها … وشربتَ صفو زلالها في الموردِ

غادرتَ طلحة َ في الغبارِ وحاتماً … وأبانَ حسرى عنْ مداكَ الأبعدِ

وطلعتَ في درج العلى حتى إذا … جئتَ النجومَ نزلتَ فوقَ الفرقدِ

فانعمْ فكنيتكَ التي كنيتها … فَأُلٌ جرَى لكَ بالسَّعادة ِ فاسْعدِ

ولقدْ وفدتَ إلى الخليفة ِ وفدة ً … كانت على قدرٍ بعد الأسْعُدِ

زرتَ الخليفة َ زورة ً ميمونة ً … مذكورَة ً قطَعتْ رَجاءَ الحُسَّدِ

يتنفسونَ فتنثني لهواتهمْ … من جمرة ِ الحسدِ التي لم تبردِ

نفسُوكَ فالتَمسوا نَداكَ فحاولوا … جَبلاً يَزِلُّ صفيحُهُ بالمَصعَدِ

دَرسَتْ صفائحُ كيدهم فكأنَّما … أذكرنَ أطلالاً برقة ثمهدِ


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page