دَعِ العَبَرَاتِ تَنهَمِرُ انْهِمَارَا، قصيدة أبو فراس الحمداني
دَعِ العَبَرَاتِ تَنهَمِرُ انْهِمَارَا، – أبو فراس الحمداني
دَعِ العَبَرَاتِ تَنهَمِرُ انْهِمَارَا، … و نارَ الوجدِ تستعرُ استعارا
أتطفأُ حسرتي ، وتقرُّ عيني ، … و لمْ أوقدْ ، معَ الغازينَ ، نارا؟
رأيتُ الصبرَ أبعدَ ما يرجَّى ، … إذَا ما الجَيْشُ بِالغَازِينَ سَارَا
وَأعْدَدْتُ الكَتَائِبَ مُعْلَماتٍ … تنادي ، كلَّ آنٍ ، بي : سعارا
وَقَدْ ثَقّفْتُ للهَيْجَاءِ رُمْحي، … وَأضْمَرْتُ المَهَارِي والمِهَارَا
و كانَ إذا دعانا الأمرُ حفَّتْ … بِنَا الفِتْيَانُ، تَبتَدِرُ ابْتِدَارَا
بخيلٍ لاَ تعاندُ منْ عليها ، … وَقَوْمٍ لا يَرَوْنَ المَوْتَ عَارَا
وراءَ القافلينَ بكلِّ أرضٍ ، … وَأَوَّلُ مَنْ يُغِيرُ، إذَا أغَارَا
ستذكرني ، إذا طردتْ ، رجالٌ ، … دفقتُ الرمحَ بينهمُ مرارا
و أرضٌ ، كنتُ أملؤها خيولاً ، … و جوٍّ ، كنتُ أرهقهُ غبارا
لَعَلّ الله يُعْقِبُني صَلاحاً … قويماً ، أو يقليني العثارا
فأشفي منْ طعانِ الخيلِ صدراً … وَأُدرِكُ من صُرُوفِ الدّهرِ ثَارَا
أقمتُ على ” الأميرِ ” ، وكنتُ ممنْ … يعزُّ عليهِ فرقتهُ ، اختيارا
إذا سارَ ” الأميرُ ” ، فلا هدوا … لنفسي أو يؤوبَ ، ولا قرارا
أكابدُ بعدهُ همَّـا ، وغمَّـا ، … و نوماً ، لا ألذُّ به غرارا
وَكُنْتُ بِهِ أشَدّ ذَوِيّ بَطشاً، … وَأبْعَدَهُم، إذا رَكِبُوا، مَغَارَا
أشُقّ، وَرَاءهُ، الجَيشَ المُعَبّا، … و أخرقُ ، بعدهُ ، الرهجَ المثارا
إذَا بَقِيَ الأمِيرُ قَرِيرَ عَيْنٍ … فديناهُ ، اختياراً ، لا اضطرار
أبٌ برٌّ ، ومولى ، وابنُ عمٍ ، … و مستندٌ ، إذا ما الخطبُ جارا
يَمُدّ عَلى أكَابِرِنَا جَنَاحاً، … و يكفلُ ، في مواطننا ، الصغارا
أراني اللهُ طلعتهُ ، سريعاً ، … وَأصْحَبَهُ السّلامَة َ، حَيثُ سَارَا
وَبَلّغَهُ أمَانِيَهُ جَمِيعاً، … و كانَ لهُ منَ الحدثانِ جارا