دَنِفٌ بَكَى آياتِ رَبْعٍ مُدْنَفِ قصيدة أبو تمام
دَنِفٌ بَكَى آياتِ رَبْعٍ مُدْنَفِ – أبو تمام
دَنِفٌ بَكَى آياتِ رَبْعٍ مُدْنَفِ … لولا نَسِيمُ تُرَابهَا لَمْ يُعْرَفِ
طَابَت لأقدَامٍ وَطِئْنَ تُرابَها … فَنَفَحْنَ نَشْرَ لَطِيمَة ٍ مع قَرْقَفِ
أرَجٌ أَقَامَ مِنَ الأحِبَّة ِ في الثَّرى … وصرى ً أريقتْ بالدموعِ الذرفِ
أخَذَ البِلى آياتِها فَرَمى بها … بيَد البَوارِحِ في وُجوهِ الصَّفصَفِ
وحدي وقفتُ ولمْ أقل منْ عبرة ٍ … وقفتْ حشاي بها لحادينا قفِ
وحسدتُ ما غادرتْ فيها منْ بلى ً … و بَلَوْتُهَا بوَمِيضِ طَرْفٍ مُوسَفِ
و ظَلِلْتُ أُلحِفُ في السُّؤالِ رُسُومَهَا … والمَنْعُ مِنْ تُحَفِ السُّؤَالِ المُلْحِفِ
فلنؤيها في القلبِ نوي شفهُ … وَلَهٌ بِظاعِنها وبالمُتَخلفِ
وكأنما استسقى لهنَّ محمدٌ … فرُسُومُهنَّ من الحَيا في زُخرُفِ
سألَ السماكَ فجادها بحيائهِ … منهُ بوبلٍ ذي وميضٍ أوطفِ
متعانقِ الحوذانِ تنشرهُ الصبا … خَضِلاً وتَطْوِيهِ كطي الرَّفْرَفِ
وثوى الربيعُ بها فليسَ يقلهُ … عَنْها نَئيحُ سَمُومِ قَيْظٍ مُعصِفِ
حَمَلَتْ رَجَايَ إليكَ بِنْتُ حديقة ٍ … غَلْبَاءُ لَمْ تُلْقَحْ لِفحْلٍ مُقْرِفِ
نتجتْ وقدْ حوتِ الهنيدة َ وابتنتْ … في شَطْرِها وتَبوّعَتْ في النَّيفِ
فأتَتْ مَحلَّي وهْي حَملُ بَناتِها … تَسري بقَائمتيْ خَرِيقٍ حَرْجَفِ
فاعتامها ذو خبرة ٍ بفحولها … نَدَسٌ بجِبْلة ِ خَلْقِها مُتَلَطفِ
حتى إذا تمتْ فلم يعجزهُ من … أشلائها مذخورة َ المتلهفِ
صارتْ إليَّ بجؤجؤٍ ذي ميعة ٍ … قَدَمٍ تَدِفُّ به وعَجزٍ مِصرَفِ
تَنْسَلُّ في لُجَجٍ حَكَتْ أغْمَارُها … فِعْلَ المُحمَّدِ في الزَّمانِ المُجْحِفِ
ثُمَّ اجتَنتْ شِلْوي فصِرتُ جَنينَها … مُتَمكَّناً بقَرارِ بَطْنٍ مُسْدِفِ
فَمَتَى تَعَثَّرَ بالرفَاقِ ذِكَرْتَهُ … فَيَمُرُّ تحتي قِطْعَ لَيْلٍ أَغْضَفِ
فأجاءها بعدَ المخاضِ طلوقها … بمراهقٍ السنينِ كهلٍ أهيفِ
عوجاءُ تستلبُ الزمامَ وتحتذي … عوجاً يجدنَ لها استلابَ النفنفِ
أشِرَتْ بِطَى الشي في أَثْبَاجِها … فهوتْ كثعبانِ الصفا المتخوفِ
أَمَّتكَ والشَّيْطَانُ يَزْهَبُ ظِلَّها … فأَتَتْكَ وَهْيَ تَفُوقُ حِلْمَ الأحنفِ
منْ كانَ يقصدُ في نصيحتهُ لها … فمحمدُ في النصحِ عينُ المسرفِ
أوريتَ زنديْ رأفة ٍ وتألقٍ … فتقصدا بالنازعِ المتعسفِ
نالَ الردى وحوى الغنى بمحمدٍ … عندَ الخليفة ِ مذنبونَ ومعتفِ
في اللَّهِ يُنجِزُ وَعْدَه ووَعيدَهُ … للمُعتفينَ وللعَنُودِ المُتْرَفِ
سكنتَ أحشاءَ الرعية ِ في حشا … قلبٍ ذكيِّ عنْ لسانٍ مرهفِ
لمْ يبلغ القلمَ الذي يجدي به … في اللهِ ألفا مرهفٍ ومثقفِ
بأكفِ أبدالٍ إذا أموا بها … مَلْمُومَة ً عَمِلوا بما في المُصحَفِ
تَسْتَلُّ خَائِنة َ العُيُونِ بمُقْلَة ٍ … تَحْوي ضَمائرَها ولَمَّا تَطِرفِ