أبو تمام

سرتْ تستجيرُ الدمعَ خوفَ نوى غدِ قصيدة أبو تمام

سرتْ تستجيرُ الدمعَ خوفَ نوى غدِ – أبو تمام


سرتْ تستجيرُ الدمعَ خوفَ نوى غدِ … وعَادَ قَتاداً عِنْدَها كُلُّ مَرْقدِ

وَأَنْقَذَها مِنْ غَمْرَة ِ الْمَوْتِ، أَنَّهُ … صدودُ فراقِ لا صدودُ تعمدِ

فأَجْرَى لَها الإشْفَاقُ دَمْعاً مُوَرَّداً … منَ الدمِ فوقَ خدٍ موردِ

هيَ البدرُ يغنيها توددُ وجهها … إلى كُل مَنْ لاقَتْ وإنْ لَمْ تَوَدَّدِ

ولكنني لمْ أحو وفراً مجمعاً … فَفُزْتُ بهِ إلاَّ بشَمْلٍ مُبَدَّدِ

ولمْ تعطني الأيامُ نوماً مسكناً … أَلَذُّ بهِ إلاَّ بنَوْمٍ مُشَرَّدِ

وطولُ مقامِ المرءِ في الحي مخلقُ … لديباجتيهِ فاغتربَ تتجددِ

فإني رأيْتُ الشَّمسَ زيدتْ مَحَبَّة ً … إلى النَّاس أَن ليْسَتْ عليهمْ بِسرْمَدِ

حلفتُ بربِ البيضِ تدمى متونها … ورَب القَنَا الْمُنْادِ والْمُتقصدِ

لقدْ كفَّ سيفُ الصامتي محمدِ … تباريحَ ثأرِ الصامتي محمدِ

رمى اللهُ منهُ بابكاً وولاتهُ … بقاصَمَة ِ الأَصْلاَبِ في كُل مَشهِدِ

بأسْمَحَ مِنْ غُر الْغَمَامِ سمَاحَة ً … وأشجعَ منْ صرفِ الزمانِ وأنجدِ

إِذَا ما دَعَوْنَاهُ بأجْلَحَ أَيْمَنٍ … دَعاهُ، وَلَمْ يَظلِمْ بأصْلَعَ أَنكدِ

فَتًى يَوْمَ بَذ الْخُرَّمِيَّة ِ لَمْ يَكُنْ … بهيابٍ نكسٍ ولا بمعردِ

قفا سندبايا والرماحُ مشيحة … تهدى ّ إلى الروحِ الخفيَّ فتهتدي

عَدا اللَّيْلُ فيهَا عَنْ مُعَاويَة َ الرَّدَى … وما شكَّ ريبُ الدهرِ في أنهُ رديَ

لَعَمْرِي لقَدْ حَرَّرْتَ يَوْمَ لَقِيتَهُ … لوَ أنَّ القَضَاءَ وَحدَهُ لَمْ يُبَردِ

فإِنْ يَكُنِ الْمِقْدَارُ فيهِ مُفَنداً … فما هوَ في أشياعهِ بمفندِ

وفي أَرْشَق الْهَيْجَاءِ والْخَيْلُ تَرْتمي … بأبْطَالِهَا في جَاحِمٍ مُتَوقدِ

عَطَطْتَ على رغمِ العِدا عزْمَ بابَكٍ … بصبرِكَ عَطَّ الأتحمي المُعَضَّدِ

فَإلاَّ يَكُنْ وَلَّى بِشِلْوٍ مُقَدَّدٍ … هُناكَ فَقَدْ وَلَّى بِعَزْمٍ مُقَدَّدِ

وقدْ كانتِ الأرماحُ أبصرنَ قلبهُ … فأرمدها سترُ القضاءِ الممدد

وموقانَ كانتْ دارَ هجرتهِ فقدْ … توردتها بالخيلِ أيِّ توردِ

حَطَطْتَ بها، يَوْمَ العَرُوبَة ِ، عِزَّهُ … وكانَ مقيماً بينَ نسر وفرقدِ

رآكَ سَديدَ الرأْيِ والرُّمْحِ في الوَغَى … تَأَزَّرُ بالإقْدَامِ فيهِ وتَرْتَدي

ولَيْسَ يُجَلي الكَرْبَ رَأْيٌ مُسَدَّدٌ … إذا هوَ لمْ يؤنسْ برمحٍ مسددِ

فمرَّ مطيعاً للعوالي معوداً … منَ الخوفِ والإحجامِ ما لم يعودَّ


وكان هو الْجَلْدَ القُوَى ، فَسَلَبْتَهُ … بحسنِ الجلادِ المحضِ حسنَ التجلدِ

لَعَمْري لقَدْ غَادَرْتَ حِسْيَ فُؤادِهِ … قَريبَ رِشَاءٍ للقَنَا سَهْلَ مَوْرِدِ

وكانَ بعيدَ القعرِ منْ كلَّ ماتحٍ … فغادرتهُ يسقى ويشربُ باليدِ

وللكذجِ العليا سمتْ بكَ همٌة … طَمُوحٌ يَرُوحُ النَّصْرُ فيها ويَغْتَدِي

وقدْ خزمتَ بالذلِ انفَ ابن خازمِ … وَأَعْيَتْ صيَاصِيَها يَزيدَ بنَ مَزْيَدِ

لَما بَتُّ في الدُّنْيَا بنَوْمٍ مُسَهَّدِ … وَأَطْلَقْتَ فيهمْ كُلَّ حَتْفٍ مُقَيّدِ

وبالهضبْ منْ أبرشتويمَ ودروذٍ … على كل نشزمتلئبٍّ وَفرفدِ

وليلة َ أبليتَ البياتَ بلاءهُ … منَ الصبرِ في وقتٍ من الصبرِ مجحدِ

فيا جَوْلَة ً لاتَجْحَدِيهِ وَقَارَهُ … ويا سيف لا تكفرْ ويا ظلمة ٌ أشهدي

ويالَيْلُ لَوْ أني مكانَكَ بَعْدَهَا … لما بثُّ في الدنيا بنومِ مسهدِ

وَقائعُ أَصْلُ النَّصْرِ فيهَا وَفَرْعُهُ … إذا عددَ الإحسانُ أو لمْ يعددِّ

فمَهْمَا تكُنْ مِنْ وَقْعَة ٍ بَعْدُ لا تَكُنْ … سوى حسنٍ مما فعلتَ مرددِ

مَحَاسِنُ أًصْنَافِ الْمُغَنينَ جَمَّة ٌ … وما قصباتُ السبقِ إلاَّ لمعبدِ

جَلَوْتَ الدُّجَى عَنْ أَذْرَبيجَانَ بَعْدَمَا … تَرَدَّتْ بِلَوْنٍ كالْغَمامَة ِ أَرْبَدِ

وكانتْ وليسَ الصبحُ فيها بأبيضِ … فأَمْسَتْ وَلَيْسَ اللَّيْلُ فيها بأَسْوَدِ

رأى بابكٌ منكَ التي طلعتْ لهُ … بنحسٍ وللدينِ الحنيفِ بأسعدِ

هَزَزْت لَهُ سَيْفاً مِنَ الكَيْدِ إنَّما … تُجَذُّ بهِ الأعْنَاقُ مالم يُجرّدِ

يَسُرُّ الذي يَسْطُو بهِ وهوَ مُغْمَدٌ … ويَفْضَحُ مَنْ يَسْطو بهِ غَيْرِ مُغْمَدِ

وإني لأرْجُو أَنْ تُقَلدَ جيدَه … قِلادَة َ مَصْقُول الذُّبابِ مُهَنَّدِ

منظمة ً بالموتِ يحظى بحليها … مُقَلدُها في النَّاس دُونَ الْمُقَلَّدِ

إليْكَ هَتَكْنا جُنْحَ ليْلٍ كأَنَّهُ … قد اكتحلتْ منهُ البلادٌ بإثمدِ

تقلبُ في الآفاقِ صلاً كأنما … يقلبُ في فكيهِ شقة َ مبردِ

تلافى جداكَ المجتدينَ فأصبحوا … ولَمْ يَبْقَ مَذْخُورٌ ولَمْ يَبْقَ مُجْتَدِ

إِذَا ما رَحى ً دَارَتْ أَدْرتَ سمَاحة ً … رحى َ كلَّ إنجازٍ على كلِّ موعدِ

أتيتكَ لم أفزعَ إلى غيرِ مفزعِ … ولمْ أنشدِ الحاجاتِ في غيرِ منشدِ

ومن يرجُ معروفُ البعيدِ فإنما … يديَ عولتْ في النائباتِ على يدي


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page