صحبي قفوا مليتكمْ صحبا قصيدة أبو تمام
صحبي قفوا مليتكمْ صحبا – أبو تمام
صحبي قفوا مليتكمْ صحبا … فاقضُوا لنا مِنْ رَبْعِها نَحْبَا
دارٌ كأَنَّ يَدَ الزَّمانِ بأَنـ … ـواعِ البِلَى نَشَرَتْ بِها كُتْبَا
أينَ الأولى ؟ كانوا بعقوتها … والدَّهْرُ يَسْكُبَ ماءَ هُ سَكْبَا؟
إذْ فيهِ كلُّ خريدة ٍ فنقٍ … عُذِرَ الفتى إِنْ هَامَ أَو حَبَّا
فرَغَ الوشاحُ بِها وقد مَلأَتْ … منها الشوى الخلخالُ والقلْبا
وإِذَا تَهادَتْ خِلْتَها غُصُناً … لدْناً تلاعبُه الصبا رطبا
نصبتْ له البلوى منعَّمة ً … جُعلتْ لناظرِ عينهِ نصبا
قصدتْ له قبلَ الفراقِ فما … أبقَتْ له كَبِداً ولا قَلْبَا
قُلْ لِلجُلُودي الذي يَدُه … ذَهبتْ بمالِ جُنُودِهِ شَعْبَا
اللهُ أعطاكَ الهزيمة َ إذْ … جذبتكَ أسبابُ الردى جذْبا
لاقَيْتَ أَبطالاً تحُثُّ إِلى … ضَنْكِ المَقامِ شَوازِباً قُبَّا
فنَزلتَ بينَ ظُهُورِهمْ أشِراً … فقروكَ ثمَّ الطعنَ والضربَا
ضيفاً ولكنْ لا أقولُ له … أهلاً بمثواهُ ولا رحبا
في حيثُ تَلْقَى الرُّمْحَ يَشرعُ في … نطف الكلى والمرهفَ الغضبا
والخَيْلُ سانحة ٌ وبَارِحَة ٌ … والمَوْتُ يَغشَى الشَّرْقَ والغَرْبَا
والبيضُ تلمعُ في أكفِّهمِ … رَأْدَ الضُّحَى فَتخالُها شُهْبَا
ثمَّ انثنتْ عيناكَ قدْ رأتا … أَمْراً فأَودَعَتِ الحشَا رُعْبَا
وشغِلْتَ عن دَبْغِ الجُلودِ بما … نَشَرَ البلاءَ وجَلَّلَ الخَطْبَا
وَافَتْكَ خَيْلٌ لو صَبَرْتَ لها … لنهبنَ روحكَ في الوغا نهبا
هيهاتَ لمَّا أنْ بصرتَ بهمْ … أغشوكَ ثوبَ الجهدِ والكربَا
وحَسِبْتهُمْ أُسْداً أساوِدَ أَو … إبلاً تصولُ قرومُها جربَا
منْ حيِّ عدنانٍ وأخوتِهمْ … قحطَانَ لا مِيلاً ولا نُكْبَا
ورَأَيتَ مَرْكبَ ما أَرَدْتَ بهم … صعباً ومغمزَ عودهمْ صلبا
ورميتَ طرفَكَ ناظراً فرأى … في كلِّ أرضٍ موقداً حربا
وعُصِمْتَ باللّيلِ البَهيمِ وقَدْ … ألقى عليكَ ظلامُه حُجبا
فسريتَ تغشى البيدَ مجتزعاً … بالعِيسِ مِنها الحَزْمَ والسَّهْبَا
وتركتَ جندكَ للقنا جزراً … والبيضُ تجذبُ هامَهمْ جذبَا
قَتْلاً وأَسْراً في الحديدِ معاً … يَتَوقَّعُونَ القَتْلَ والصَّلْبَا
فأشكرْ أياديَ ليلة ٍ سمحتْ … لكَ بالبقاءِ وركبَها ركبا
بَلْ لا تُؤَدّي شُكْرَها أَبَداً … حتى تصيرها لكمْ ربَّا