عفتْ أربعُ الحلاتِ للأربعِ الملدِ قصيدة أبو تمام
عفتْ أربعُ الحلاتِ للأربعِ الملدِ – أبو تمام
عفتْ أربعُ الحلاتِ للأربعِ الملدِ … لِكُل هَضِيم الكَشْحِ مَجْدُولَة ِ القَد
لسلمى سلامانٍ وعمرَ عامرٍ … وهِنْدِ بَنِي هِنْدٍ وسُعْدِي بني سَعْدِ
ديار هَراقتْ كُلَّ عَينٍ شَحيحَة ٍ … وأوطأتِ الأحزانَ كلَّ حشاً صلدِ
فعُوجَا صُدُورَ الأرْحَبيَّ وأسْهِلا … بذاكَ الكثيبِ السهلِ والعلمِ الفردِ
ولاتَسْألاني عَنْ هوى ً قد طَعِمْتُما … جَوَاهُ فليسَ الوَجْدُ إلاَّ من الوَجْدِ
حطَطْتُ إلى أَرْضِ الجُدَيديّ أَرحُلي … بِمَهرِيَّة ٍ تَنْباعُ في السَّيْرِ أو تَخْدِي
تَؤُمُّ شِهابَ الْحَرْبِ حَفصاً ورَهْطُهُ … بنو الحربِ لا ينبو ثراهمْ ولا يكدي
ومنْ شكَّ أنَّ الجودَ والبأسَ فيهم … كمنْ شكَّ في أنَ الفصاحة َ في نجدِ
أنَخْتُ إلى سَاحَاتهِمْ وجَنَابِهِمْ … ركابي وأضْحَى في دِيَارِهِمِ وَفْدِي
إلى سيْفهِمْ حَفْصٍ ومازَال يُنْتَضَى … لهمْ مثلُ ذاكَ السيفِ منْ ذاكَ الغمدِ
فَلمْ أغْشَ بَاباً أنكَرتْني كلابُهُ … ولم أَتَشَبَّثْ بالوَسيلَة ِ من بُعْدِ
فأصبحتُ لا ذلُّ السؤالِ أصابني … ولا قدحتُ في خاطري روعة ُ الردِ
يَرَى الوَعْدَ أَخْزَى العَارِ إِنْ هو لم تكن … مواهبهُ تأتي مقدمة ً الوعدِ
فلوْ كانَ ما يعطيهِ غيثاً لأمطرتْ … سحائبهُ من غيرِ برقٍ ولا رعدِ
دَرِيَّة ُ خيْلٍ مايزالُ لدى الوَغى … لهُ مخلبٌ وردٌ منَ الأسدِ الوردِ
مِنَ القَوْمِ جَعْدٌ أَبْيَضُ الوَجْهِ والنَّدَى … وليسَ بنانٌ يجتدى منهُ بالجعدِ
وأنتَ وقد مجتْ خراسانُ داءها … وقد نَغِلَتْ أطرافُهَا نَغَلَ الجِلْدِ
وأوْبَاشُها خُزْرٌ إلى العَرَب الأُلى … لِكيْما يكونَ الحُرُّ مِنْ خَوَلِ العَبْدِ
لَياليَ باتَ العِزُّ في غَيْرِ بَيْتِه … وعظمَ وغدُ القومِ في الزمنِ الوغدِ
وما قصدوا إذْ يسحبونَ على المنى … برُودَهُمُ إلاَّ إلى وَارِثِ البُرْدِ
وراموا دمَ الإسلامِ لا منْ جهالة ٍ … ولا خطإٍ بل حاوَلُوهُ على عَمْدِ
فمجوا بهِ سماً وصاباً ولو نأتْ … سيوفكَ عنهم كانَ أحلى منَ الشهدِ
ضممتَ إلى قحطانِ عدنانَ كلها … ولَمْ يجِدُوا إذْ ذاك مِنْ ذاكَ مِنْ بُد
فأَضْحَتْ بِكَ الأحْياءُ أَجْمَعُ أُلْفَة ً … كما أُحْكِمَتْ في النَّظم واسطة ُ العِقدِ
وكنتَ هناكَ الأحنفَ الطبَّ في بني … تميمٍ جميعاً، والمُهلَّبَ في الأزْدِ
وكنتَ أبا غسانَ مالكَ وائلٍ … عَشِيَّة َ دَانَى حَلْفَه الحِلْف بالعقدِ
ولمَّا أماتَتْ أنجُمُ العَرَبِ الدُّجى … سرتْ وهيَ أتباعٌ لكوكبكِ السعدِ
وهلْ أسدُ العريسِ إلاَّ الذي له … فضيلتهُ في حيثُ مجتمعُ الأسدِ
فهمْ منكَ في جيشٍ قريبٍ قدومهُ … عليهمْ وهُمْ مِنْ يُمْنِ رأْيكَ في جُنْدِ
ووقرتَ يافوخَ الجبانِ على الردى … وزِدتَ غدَاة َ الرَّوْع في نجْدَة ِ النَّجْدِ
رأيتَ حروبُ الناسِ هزلاً وإن علا … سَناها وتلكَ الحرْبُ مُعْتَمدُ الجد
فيا طيبَ مجناها ويا بردَ وقعها … على الكبدِ الحرى وزادَ على البردِ
ورفَّعتَ طرفاً كان لوْلاكَ خاشعاً … وأوردتَ ذودَ العزَّ في أولِ الوردِ
فَتى بَرَّحتْ هَاماتُهُ وفعالُهُ … بهِ فهو في جهْدٍ وما هو في جَهْد
مَتَتُّ إليه بالقرابة ِ بَيْنَنا … وبالرَّحِم الدُّنيا فأغنتْ عنِ الوُد
رأى سالفَ الدنيا وشابكَ آلهُ … أحقَّ بأنَّ يرعاهُ في سالفِ العهدِ
فيا حُسنَ ذاكَ البِر إذْ أنا حاضر … وياطيبَ ذاكَ القَوْل والذكْر مِنْ بعدِي
وما كنتُ ذا فقْر إلى صُلبِ مالِهِ … ما كانَ حفصٌ بالفقيرِ إلى حمدي
ولكن رَأى شُكري قِلادَة سُؤْدُدٍ … فصَاغَ لها سِلكاً بَهيّاً مِنْ الرفْدِ
فمَا فاتَني ما عِندَه مِنْ حبائِهِ … ولا فاتهُ منْ فاخرِ الشعرِ ما عندي
وكَمْ مِنْ كَريمٍ قد تخضَّر قَلبُه … بذاكَ الثناءِ الغضِّ في طرقِ المجدِ