أبو فراس الحمداني

عَذيرِيَ مِن طَوَالعَ في عِذَارِي، قصيدة أبو فراس الحمداني

عَذيرِيَ مِن طَوَالعَ في عِذَارِي، – أبو فراس الحمداني


عَذيرِيَ مِن طَوَالعَ في عِذَارِي، … وَمِنْ رَدّ الشّبَابِ المُسْتَعَارِ

و ثوبٍ ، كنتُ ألبسهُ ، أنيقٍ … أجررُ ذيله، بينَ الجواري

و ما زادتْ على العشرينَ سني … فما عذرُ المشيبِ إلى عذاري ؟

و ما استمتعتُ منْ داعي التصابي … إلى أنْ جَاءني داعي الوَقَار

أيا شيبي ، ظلمتَ ‍ ويا شبابي … لقَد جَاوَرْتُ، مِنكَ، بشَرّ جارِ

يُرَحِّلُ كُلّ مَنْ يَأوِي إلَيْهِ … و يختمها بترحيلِ الديارِ

أمرتُ بقصهِ ، وكففتُ عنهُ ، … وقرَّ على تحمُّـلهِ قراري

وَقُلْتُ: الشّيبُ أهوَنُ مَا أُلاقي … مِنَ الدّنْيا وَأيْسَرُ ما أُدارِي

وَلا يَبْقَى رَفِيقي الفَجْرُ حَتى … يضمَّ إليهِ منبلجَ النهارِ “

“و إني ما فجعتُ بهِ لألقى … بهِ ملقى العثارِ منَ الشعارِ”

و كمْ منْ زائرٍ بالكرهِ مني … كرهتُ فراقهُ بعدَ المزارِ

متى أسلو بلا خلٍّ وصولٍ … يُوَافِقُني، وَلا قَدَحٍ مُدَارِ؟

و كنتُ ، إذا الهمومُ تناوبتني ، … فزعتُ منَ الهمومِ إلى القفارِ

أنَختُ وَصَاحِبَايَ بذي طُلُوحٍ … طَلائِحَ، شَفَّهَا وَخْدُ القِفَارِ

وَلا مَاءٌ سِوَى نُطَفِ الأدَاوِي، … وَلا زَادٌ سِوَى القَنَصِ المُثَارِ

فَلَمَّا لاحَ بَعْدَ الأينِ سَلْعٌ، … ذكرتُ منازلي وعرفتُ داري

ألَمّ بِنا، وَجُنْحُ اللّيلِ داجٍ، … خيالٌ زارَ وهناً منْ نوارِ

أبَاخِلَة ٌ عَلَيّ، وَأنتِ جارٌ، … وَواصِلَة ٌ عَلى بُعْدِ المَزَارِ

تلاعبُ بي ، على هوجَ المطايا ، … خلائِقُ لا تَقُرّ عَلى الصَّغَارِ


و نفسٌ ، دونَ مطلبها الثريا … وَكَفّ دُونَهَا فَيضُ البِحَارِ

أرى نفسي تطالبني بأمرٍ … قَلِيلٌ، دُونَ غَايَتِهِ، اقتِصَاري

و ما يغنيكَ منْ هممٍ طوالٍ … إذا قرنتْ بأعمارٍ قصارِ؟

وَمُعْتكِفٍ عَلى حَلَبٍ بَكِيٌّ، … يقوتُ عطاشَ آمالٍ غزارِ

يقولُ ليَ : ” انتظرْ فرجاًَ ” ومن لي … بأنَّ الموتَ ينتظرُ انتظاري؟

عليَّ لكلِّ همٍ ، كلُّ عيسٍ … أمونُ الرحلِ موخدة ُ القفارِ

وَخَرّاجٌ مِنَ الغَمَراتِ خِرْقٌ، … أبو شبلينِ ، محميُّ الذمارِ

شَدِيدُ تَجَنّبِ الآثَامِ وَافٍ، … عَلى عِلاّتِهِ، عَفُّ الإزارِ

فَلا نَزَلَتْ بيَ الجِيرَانُ إنْ لمْ … أُجَاوِرْهَا مُجَاوَرَة َ البِحَارِ

… أُصَاحِبْهَا بِمَأمُونِ الفِرَارِ

وَلا صَحِبَتْنيَ الأمْلاكُ إنْ لمْ … أُصَبّحْهَا بِمُلْتَفّ الغُبَارِ

بجيشٍ لا يحلُّ بهمْ مغيرٌ … وَرَأيٍ لا يَغِبّهُمُ مُغَارِ

شددتُ على الحمامة ِ كورَ رحلٍ … بعيدُ حلهُ ، دونَ اليسارِ

تَحُفّ بِهِ الأسِنّة ُ، وَالعَوَالي، … و مضمرة ُ المهاري ، والمهاري

يعدنَ ، بعيدَ طولِ الصونِ ، سعياً … لِمَا كُلّفْنَ مِنْ بُعْدِ المَغَارِ

و تخفقُ حوليَ الراياتُ حمراً ، … وتتبعني الخضارمُ منْ “نزارِ “

وَإنْ طُرِقَتْ بِدَاهِيَة ٍ نَآدٍ … تدافعها الرجالُ بكلِّ جارِ

عَزِيزٌ حَيثُ حَطّ السّيرُ رَحْلي، … تداريني الأنامُ ولا أداري

و أهلي من أنختُ إليهِ عيسي ، … وَدَارِي حَيثُ كُنتُ مِنَ الدّيَارِ


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page