أبو تمام

قِرَى دَارِهمْ مِني الدُّمُوعُ السَّوافِكُ قصيدة أبو تمام

قِرَى دَارِهمْ مِني الدُّمُوعُ السَّوافِكُ – أبو تمام


قِرَى دَارِهمْ مِني الدُّمُوعُ السَّوافِكُ … وإنْ عاد صبحي بعدهمْ وهوَ حالكُ

وإنْ بَكَرَتْ في ظُعْنِهمْ وحُدُوجهِمْ … زَيانِبُ مِنْ أَحْبَابِنَا وعَوَاتِكُ

سَقَتْ رَبْعَهُم لا بَلْ سَقَتْ مُنْتَواهُمُ … منَ الأرضِ أخلافِ السحابِ الحواشكُ

وأَلْبَسَهُمْ عَصْبَ الرَّبيع ووَشْيَهُ … ويُمْنَتَهُ نَبْتُ النَّدَى المُتَلاحِكُ

إذا غازلَ الروضُ الغزالة َ نشرتْ … زرابيُّ في أكنافهمْ ودرانكُ

إذا الغَيْثُ سَدَّى نَسْجَهُ خِلْتَ أَنَّه … مَضَتْ حِقْبَة ٌ حَرْسٌ لَهُ وهْوَ حائِكُ

أَلِكْنِي إلى حَي الأَرَاقِم إِنَّه … مِنَ الطائرِ الأحشَاءِ تُهْدَى المآلِكُ

كلوا الصبرَ غضاً واشربوهُ فإنكم … أثرتمُ بعيرِ الظلمِ والظلمُ باركُ

أَتاكُمْ سَليلُ الغَاب في صَدْرِ سَيْفِه … سناً لدجى الإظلامِ والظلمُ هاتكُ

إذا سيلَ سدَّ العذرُ عنْ صلبِ مالهِ … وإنْ همَّ لمْ تسدرْ عليهِ المسالكُ

ركوبٌ لأثباجِ المتالفِ عالمٌ … بأنَّ المعالي دونهنَّ المهالكُ

أَلَحَّ وماحَكْتُمْ وللقدَرِ الْتَقَى … غريمانِ في الهيجا ملحٌّ وماحكُ

هُوَ الحارِثُ النَّاعي بُجَيْرَاً وإنْ يُدَن … لهُ فهوَ إشفاقاً زهيرٌ ومالكُ

رَقَاحيُّ حَرْبٍ طالَما انقَلَبتْ له … قساطلُ يومِ الروعِ وهي سبائكُ

ومستنبطٌ في كلِّ يومٍ منَ الغنى … قليباً رشاآها القنا والسنابكُ

مطلٌّ على الآجالِ حتى كأنهُ … لصرفِ المنايا في النفوسِ مشاركُ

فما تتركُ الأيامُ منْ هوَ آخذٌ … ولا تَأْخُذُ الأيَّامُ مَنْ هُوَ تَارِكُ


صفوحٌ إذا لمْ يثلمِ الصفحُ حزمهُ … وذو تدرإٍ بالفاتكِ الخرقِ فاتكُ

رَبيبُ مُلُوكٍ أَرْضَعَتْهُ ثُدِيَّها … وسِمْعٌ تَرَبَّتْه الرجَالُ الصَّعالِكُ

ولوْ لم يكفكفْ خيله عركتكمُ … بأثقالها عركَ الأديمِ المعاركُ

ولَوْلاَ تُقَاهُ عادَ قَيْضاً مُفَلَّقاً … بأدحيهِ بيضٌ الخدورِ الترائكُ

ولا صْطُفِيَتْ شَوْلٌ فَظلَّتْ شَوَارِداً … قرومُ عشارٍ ما لهنَّ مباركُ

إذَاً لَلَبِسْتُمْ عَارَ دَهْر كأَنَّما … لياليهِ منْ بينِ الليالي عواركُ

ولاجتُذِبَتْ فُرْشٌ مِنَ الأَمْنِ تَحْتَكُمْ … هيَ المثلُ في لينٍ بها والأرائكُ

ولَكنْ أبَى أنْ يُسْتَبَاحَ بِكَفّهِ … سنامكمُ في قومكمْ وهوَ تامكُ

وأنْ تصبحوا تحتَ الأظلِّ وأنتمُ … غَواربُ حَيَّيْ تَغْلِبٍ والحَوَارِكُ

فَتَنْجَذِمَ الأسْبابُ وهْيَ مُغَارَة ٌ … وتَنقطِعَ الأَرْحَامُ وَهْي شَوَابِكُ

فَلاَ تَكْفُرُنَّ الصَّامِتيَّ مُحَمَّداً … آياديَ شفعاً سيبها متادركُ

أهبَّ لكمْ ريحَ الصفاءِ جنائباً … رُخاءً وكانَتْ وهْيَ نُكْبٌ سَوَاهِكُ

فرد القنا ظمآن عنكمْ وأغمدتْ … على حرها بيضُ السيوفِ البواتكُ

وآبَ على سَعدِ السُّعُودِ بِرَحْلِه … عتاقُ المذاكي والقلاصُ الرواتكُ

غدا وكأنَّ اليومَ منْ حسنِ وجههِ … وقَدْ لاحَ بَيْنَ البِيضِ والبَيْض ضاحِكُ

حَيَاتُكَ للدُّنيا حَياة ٌ ظَليلَة ٌ … وفَقْدُكَ للدُّنَيا فَنَاءٌ مُوَاشِكُ

متى يأتكَ المقدارُ ولا تدعَ هالكاً … ولكنْ زمانٌ غَالَ مِثْلكَ هالِكُ


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page