أبو تمام

لطمحتَ في الإبراقِ والإرعادِ قصيدة أبو تمام

لطمحتَ في الإبراقِ والإرعادِ – أبو تمام


لطمحتَ في الإبراقِ والإرعادِ … وغَدَا عليَّ بسَيْلِ لَوْمِكَ غادِ

أنتَ الفتى كلُّ الفتى لو أنَ ما … تسديهِ في التأنيبِ في الإسعادِ

لا تنكرنَ أنَ يشتكي ثقلَ الهوى … بدني فما أنا منْ بقية ِ عادِ

كَمْ وَقعَة ٍ لي في الهوى مشْهُورَة ٍ … ما كنتُ فيها الحارِثَ بنَ عُبادِ

رَحَلَ العَزاءُ مع الرَّحيلِ، كأنّما … أخذتْ عهودها على ميعادِ

جَادَ الفِرَاقُ بِمَن أَضنُّ بِنأْيهِ … بمسَالِكِ الإتهامِ والإنجادِ

وكأنَّ أفئدة َ النوى مصدوعة ٌ … حتى ً تصدعُ بالفراقِ فؤادي

فإذا فضضتٌ منَ الليالي فرجًة … خالفنها فسددنها ببعادِ

بَلْ ذكْرِة ٌ طَرقَتْ فلمَّا لم أبِتْ … باتتْ تفكرُ في ضروبِ رقادي

أغرتْ همومي فاستلبنَ فضولها … نَوْمِي ونمْنَ على فُضُولِ وِسادي

وإلى جَنابِ أبي المُغيثِ تَواهقَتْ … خوصُ العيونِ موائرُ الأعضادِ

يلقينَ مكروهُ السرى بنظيرهُ … مِنْ جِدّهِ في النَّصّ والإسآدِ

الآنَ جردتِ المدائحَ وانتهى … فيْضُ القَرِيضِ إلى عُبابِ الوَادِي

أضحتْ معاطنُ روضهِ ومياههِ … وَقفاً على الرُّوادِ والوُرَّادِ

عذنا بموسى منْ زمانٍ أنشرتْ … سطواتهِ فرعونَ ذا الأوتادِ

جَبَلٌ مِنْ المعروفِ مَعْروفٌ لَهُ … تقييدُ عادية َ الزمانِ العادي

ما لامرىء ٍ أسرَ القضاءُ رجاءهُ … إلاَّ رجَاؤُكَ أوعَطاؤُكَ فَادي

وإذا المنونُ تخطمتْ صولاتها … عسفاً بيومْ توافقِ وطرادِ


وضمائرُ الأبطالِ تقسمُ روعها … فيها ظُهورُ ضمائرِ الأغمادِ

والخًيلُ تَستَقي الرماحُ نُحورها … مستكرها كعصارة ِ الفرصادِ

أمتعْتَ سَيْفَكَ مِنْ يَدَيْكَ بضربة ٍ … لا تمتعُ الأرواحَ بالإجسادِ

مِنْ أَبْيضٍ لِبياض وَجهِكَ ضامِنٌ … حينَ الوجوهُ مشوبة ٌ بسوادِ

قَدْ كادَ مَضْربُهُ يُجَالِدُ جَفْنَهُ … لَو لَمْ تُسَكنْهُ بيَوْمِ جلادِ

والسَّيْفُ مُغفٍ غَيْر أَنَّ غِرَارَه … يَقِظٌ إذَا هَادٍ نحَاهُ لِهَادِ

أَحْيَيْتَ ثَغْرَ الجُودِ مِنْكَ بِنَائِلٍ … قدْ ماتَ منهُ ثغرٌ كلَ فسادِ

جَاهَدْتَ فيهِ المَالَ عَنْ حَوْبَائِهِ … والمَالُ لَيْسَ جهادُهُ كَجِهَادِ

مَا للخُطوبِ طَغَتْ عليَّ كأنَّها … جهلتْ بأنَّ نداكَ بالمرصادِ

ولقد تَراءَتْنِي بأمْنَعِ جُنَّة ٍ … لما برزتُ لها وأنتَ عتادي

مازلْتُ أَعْلَمُ أَنَّ شِلوي ضَائعٌ … حتّى جعلْتُكَ مَوئلي ومَصَادِي

سَلْ مُخْبِراتِ الشَّعرِ عَنَّي هلْ بَلتْ … في قَدحِ نارِ المَجْدِ مِثْل زِنادي

لم أبقَ حلبة َ منطقِ إلا وقدْ … سَبقْت سَوابِقَها إليْكَ جِيَادِي

أبقينَ في أعناقِ جودكَ جوهراً … أبقى منَ الأطواقِ في الأجيادِ

وغَداً تَبيَّنُ كيفَ غبُ مدائِحي … إِنْ مِلْنَ بي هَمَمي إلى بَغدادِ

ومفاوزُ المالِ يبعدُ شأوها … إنْ لم تكنْ جدواكَ فيها زادي

ومِنَ العجائِبِ شاعرٌ قَعدتْ بهِ … هماتهٌ أوضاعُ عندَ جوادِ


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page