أبو تمام

لَمَكاسرُ الحسنِ بنِ وهبٍ أطيبُ قصيدة أبو تمام

لَمَكاسرُ الحسنِ بنِ وهبٍ أطيبُ – أبو تمام


لَمَكاسرُ الحسنِ بنِ وهبٍ أطيبُ … وأَمَرُّ في حَنَكِ الحَسُودِ وأَعْذَبُ

ولَهُ إِذَا خَلُقَ التَّخَلُّقُ أَو نَبَا … خُلُقٌ كروضِ الحزنِ أوْ هُوَ أخصبُ

ضَرَبَتْ بهِ أُفُقَ الثَّنَاءِ ضَرَائِبٌ … كالمسكِ يُقْتَقُ بالنَّدى ويُطَيَّبُ

يستنبطُ الرُّوحَ اللَّطيفَ نسيمُها … أَرَجاً وتُؤْكَلُ بالضَّمِيرِ وتُشْرَبُ

ذَهَبَتْ بِمَذْهَبِه السَّماحَة ُ، فالتَوَتْ … فيه الظُّنُونُ: أَمَذْهَبٌ أَمْ مُذْهَبُ

ورأيتُ غُرَّتهُ صَبيحة َ نكبة ٍ … جَلَلٍ فَقُلْتُ: أَبارِقٌ أَمْ كَوْكَبُ 

متعتْ كما متعَ الضُّحى في حادثٍ … دَاجٍ كأَنَّ الصُّبْحَ فيهِ مَغْرِبُ

يَفْدِيه قَوْمٌ أَحْضَرَتْ أَعْرَاضُهُمْ … سُوءَ المعَايِبِ، والنَّوَالُ مُغَيَّبُ

مِن كُل مُهْرَاقِ الحَيَاءِ كأَنَّما … غَطَّى غَدِيرَيْ وَجْنَتَيْهِ الطُّحْلُبُ

مُتدسِّمُ الثَّوبينِ ينظرُ زادهُ … نظرٌ يُحدِّقهُ وخدٌّ صُلَّبُ

فإذا طلبتُ لديهمُ ما لمْ أنلْ … أَدْرَكْتُ مِنْ جَدْواهُ ما لا أَطْلُبُ

ضَمَّ الفتَاءَ إلى الفُتُوَّة ِ بُرْدُهُ … وَسَقَاهُ وَسْمِيُّ الشَّبَابِ الصَّيبُ

وَصَفَا كما يَصْفُو الشهَابُ، وإِنَّهُ … في ذاكَ من صِبغِ الحياءِ لمُشربُ

تَلْقَى السُّعُودَ بِوَجْهِهِ وتُحِبُّهُ … وعليكَ مسحة ُ بِغْضَة ٍ، فَتُحبَّبُ


إِنَّ الإِخَاءَ وِلادَة ٌ وأَنا امْرُؤٌ … مِمَّنْ أُوَاخِي حَيْثُ مِلْتُ، فَأُنْجِبُ

وإذا الرِّجالُ تساجلوا في مشهدٍ … فَمُريحُ رأيٍ منهمُ أوْ مُعزبُ

أَحرَزْتَ خَصْلَيْهِ إليْكَ وأَقْبَلَتْ … آراءُ قوْمٍ خَلْفَ رَأْيِكَ تُجْنَبُ

وإِذَا رأُيْتُكَ والكلامُ لآلئٌ … تُؤْمٌ فبِكْرٌ في النظَامِ وثَيبُ

فَكَأَنَّ قُسّاً في عُكاظٍ يَخْطُبُ … وكأَنَّ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّة َ تَنْدُبُ

وكثيرَ عَزَّة َ يومَ بَيْنٍ يَنْسُبُ … وابْنَ المُقَفَّعِ في اليَتِيمة ِ يُسْهِبُ

تكسو الوقارَ وتستخفُّ موقَّراً … طَوراً وتُبكي سامعينَ وتُطربُ

قَدْ جَاءَنَا الرَّشَأُ الّذي أَهْدَيْتَه … خرقاً ولوْ شئنا لقلنا المركبُ

لَدْنُ البنانِ لهُ لسانٌ أعجمٌ … خُرسٌ مَعانيهِ ووجهٌ مُعربُ

يَرْنُو فَيَثْلِمُ فِي القُلوب بطَرْفهِ … ويعنُّ للنَّظر الحرونِ فيُصحبُ

قدْ صرَّف الرَّانونَ خمرة َ خدِّهِ … وأَظنُّهَا بالريق مِنْهُ سَتُقْطَبُ

حَمْدٌ حُبِيتَ به وأَجْرٌ حَلَّقَتْ … مِنْ دُونِهِ عَنْقَاءُ لَيْل مُغْرِبُ

خُذْهُ، وإنْ لَمْ يَرْتَجعْ مَعْرُوفَهُ … مَحْضُ إِذا مُزِجَ الرجالُ مُهذَّبُ

وانفحْ لنا منْ طيبِ خِيمِكَ نفحة ً … إنْ كانتِ الأخلاقُ ممَّا تُوهبُ


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page