لَوْ صَحَّحَ الدَّمْعُ لي أوْ ناصَحَ الكَمَدُ قصيدة أبو تمام
لَوْ صَحَّحَ الدَّمْعُ لي أوْ ناصَحَ الكَمَدُ – أبو تمام
لَوْ صَحَّحَ الدَّمْعُ لي أوْ ناصَحَ الكَمَدُ … لقلَّما صَحِباني الرُّوحُ والجَسَدُ
خانَ الصَّفَاءَ أَخٌ كانَ الزمانُ له … أخاً فلم يتخَوَّنْ جسمَه الكَمَدُ
تساقُطُ الدَّمعِ أدنَى مابُلِيتُ بهِ … في الحُب إذْ لم تَساقَط مُهجة ويَدُ
لا والذي ارتكتْ تطوي الفجاجَ له … سَفائِنُ البَر في خَد الثَّرَى تَخِدُ
لأنفدنَّ أسى إذْ لم أمتْ أسفاً … أو ينفَدُ العمرُ بي أو يَنفَدُ الأبَدُ
عني إليكِ فإني عنكِ في شغلٍ … لي منهُ يومٌ يبكي مهجتي وغدُ
وإنَّ بجرية ً نابتْ جأرتُ لها … إلى ذُرى جلَدِي فاستَوهلَ الجَلَدُ
هِيَ النَّوائِبُ فاشجَيْ أَوْ فَعِي عِظَة ً … فإِنَّها فُرَصٌ أثْمارُها رَشَدُ
هبي تريْ قلقاً من تحته أرقٌ … يحدوهما كمدٌ يحنو له الجسدُ
صماءُ سمُّ العدى في جنبها ضربٌ … وشربُ كأسِ الردى في فمِّها شهدُ
هُناكَ أُمُّ النُّهَى لم تُودِ مِنْ حَزَنٍ … ولم تَجُدْ لبني الدُّنْيا بما تَجِدُ
لو يعلمُ الناسُ علمي بالزمانِ وما … عاثَتْ يَدَاه لما رَبُّوا ولا ولَدُوا
لايُبْعِد اللهُ مَلْحُوداً أقامَ بهِ … شَخْصُ الحِجَى وسَقاهُ الواحدُ الصَّمَدُ
ياصاحبَ القَبْرِ دَعْوَى غيرِ مُثَّئبٍ … إنْ قالَ أودى الندى والبدرُ والأسدُ
باتَ الثَّرَى بأخي جَذْلان مُبْتَهِجاً … وبتُّ يحكمُ في أجفانيَ السهدُ
لَهْفي عليكَ ومالَهْفي بمُجدية … مالم يَزُركَ بنفسي حَرُّ ما أَجِدُ
أنسَى أبا الفَضْلِ يَعْفُو التُّرْبُ أحسنَه … دوني ودلوُ الردى في مائِهِ يردُ؟
ويلٌ لأمكَ أقصرْ إنَّه حدثٌ … لم يعتقدْ مثله قلبٌ ولا جلدُ
عاقَ الزمانُ رضيعَ الجودِ لم يقهِ … أهلٌ ولم يَفْدِهِ مالٌ ولاوَلَدُ
حينَ ارتوى الماءَ وافترتْ شبيبتُه … عن مُضحِكٍ للمعَالي ثَغْرُه بَرَدُ
وقِيلَ أحمدُها بَلْ قيلَ أمجدُها … بلْ قِيلَ أنجدُها إنْ فُرَّتِ النُّجُدُ
رُودُ الشَّبابِ كنَصْلِ السَّيفِ لاجَعَدٌ … في راحَتَيْهِ ولافي عُودِهِ أَوَدْ
سقى الحبيسَ ومحبوساً ببرزخهِ … منَ السميِّ كفيتُ الودقِ يطردُ
بحيثُ حلَّ أبو صقر فودَّعَه … صفو الحياة ِ ومنْ لذاتِها الرغدُ
بحيثُ حَلَّ فَقِيدُ المَجْدِ مُغتَرباً … ومُورِثاً حَسراتِ ليسَ تُفْتَقَدُ