مالي بعادية ِ الأيامِ من قبلِ قصيدة أبو تمام
مالي بعادية ِ الأيامِ من قبلِ – أبو تمام
مالي بعادية ِ الأيامِ من قبلِ … لَمْ يَثْنِ كَيْدَ النَّوَى كَيدِي ولاحِيَلي
لا شيءَ إلا أباتتُهُ على وجلٍ … ولم تبتْ قطُّ من شيءٍ على وجلِ
قَدْ قَلْقَلَ الدَّمْعَ دَهْرٌ مِنْ خَلائِقِه … طولُ الفراقِ ولا طولٌ من الأجلِ
سَلْنِي عَن الدين والدُّنْيَا أُجِبْكَ، وعَنْ … أبي سعيد وفقديهِ فلا تسلِ
مَنْ كَانَ حَلْيَ الأمَاني قَبْلَ ظَعْنَتِه … فَصِرْتُ مُذْ سَارَ ذَا أُمْنِيَّة ٍ عُطُلِ
نأيُ الندى لا تنائي خلة ٍ وهوى ً … والفجْعُ بالمجدِ غيرُ الفجع بالغزلِ
لئنْ غدا شاحباً تخدي القلاصُ بهِ … لقدْ تخلفتُ عنهُ شاحبَ الأملِ
ملقى الرجاءِ ومُلقى الرحل في نفرٍ … الجودُ عندهمُ قولٌ بلا عملِ
أضحوا بمستنِّ سيلِ الذمّ وارتفعتْ … أموَالُهمْ في هِضَاب المَطلِ والعِلَلِ
مِنُ كُل أَظْمَى الثَّرَى والأرْضُ قَدْ نَهِلتْ … ومُقْشَعِر الرُّبَا والشَّمْسُ في الحَملِ
وأخرسِ الجودِ تلقى الدهرَ سائلهَ … كأنَّهُ واقفٌ منه على طللِ
قد كانَ وعدكَ لي بحراً فصيرني … يَوْمُ الزماعِ إلى الضَّحْضَاحِ والوشَلِ
وبينَ اللهُ هذا من بريته … في قوله ” خُلقَ الإنسانُ من عجلِ “
للَّهِ وَخْدُ المَهَارِي أيَّ مُكْرُمَة ٍ … هَزَّت وأيَّ غَمامٍ قَلقَلَتْ خَضِلِ
خَيْرُ الأخِلاَّءِ خَيرُ الأرْضِ هِمَّتُهُ … وأفضلُ الركبِ يقرو أفضلَ السبُلِ
حُطَّتْ إلى عُمْدَة ِ الإِسلامِ أرْحُلُه … والشمسُ قدْ نفضتْ ورساً على الأصلِ
مُلَبياً طالَما لَبَّى مُنادِيَهُ … إلى الوَغَى غَيْرَ رِعْدِيدٍ ولاوَكَلِ
وَمُحْرِماً أحْرمَت أرْضُ العِرَاق لَهُ … مِنَ النَّدَى واكتَسَتْ ثَوْباً مِنَ البَخَلِ
وسافِكاً لِدماء البُدْنِ قدْ سُفِكَتْ … بهِ دماءُ ذَوِي الإلْحَادِ والنحَلِ
ورامياً جمراتِ الحجِّ في سنة ٍ … رمى بها جمراتِ اليومِ ذي الشعلِ
يرْدِي ويُرْقِلُ نَحوَ المَرْوَتَيْن كَما … يَرْدِي ويُرقِلُ نحوَ الفَارسِ البَطلِ
تُقَبلُ الرُّكْنَ رُكْنُ البْيت نافِلَة ً … ظهرُ كفكَ معموٌ من القبلِ
لَمّا تَرَكْتَ بُيوت الكُفْر خاوية ً … بالغزو آثرتَ بيت اللهِ بالقفلِ
والحَجُّ والغَزوُ مَقْرونانِ في قَرَنٍ … فاذهبْ فأنتَ زعافُ الخيلِ والإبلِ
نفسي فداؤكَ إنْ كانت فداءَكَ منْ … صَرْفِ الحَوَادِثِ والأيَّامِ والدوَلِ
لامُلْبِسٌ مالَهُ مِنْ دُون سَائِلِه … ستراً ولا ناصبُ المعروفِ للعذلِ
لاشَمْسُهُ جَمْرة ٌ تُشْوَى الوُجُوهُ بِها … يوماً ولا ظله عنا بمنتقلِ
تحولُ أمواله عن عهدها أبداً … ولمْ يَزُلْ قَطُّ عن عَهْدٍ ولَمْ يَحُلِ
سَارِي الهُمُومِ طَمُوحُ العَزْمِ صَادِقُه … كأنَّ آراءهُ تنحطُّ منْ جبلِ
أبقى على جولة ِ الأيامِ من كنفي … رَضْوَى وأسْيَرُ في الآفاقِ مِنْ مَثَلِ
نَبَّهْتَ نَبْهَانَ بَعْدَ النَّوْم وانسكَبتْ … بك الحياة ُ على الأحياءِ من ثُعلِ
كَمْ قَدْ دَعَتْ لكَ بالإخلاص مِنْ مَرَة ٍ … فيهمْ وفَدَّاكَ بالآباءِ مِنْ رَجُلِ
إنْ حنَّ نجدُ وأهلوهُ إليكَ فقدْ … مَررْتَ فيهِ مُرُورَ العَارِض الهَطِلِ
وأيُّ أرضٍ بهِ لم تكسَ زهرتَها … وأَيُّ وَادٍ بهِ ظَمْآنُ لَمْ يَسِلِ
ما زال للصارخِ المعلي عقيرته … غوثٌ من الغوثِ تحتَ الحادثِ الجللِ
منْ كلِّ أبيضَ يجلو منهُ سائلهُ … خداً أسيلاً بهِ خذُّ منَ الأسلِ