متى أنتَ عنْ ذُهلية ِ الحيّ ذاهلُ قصيدة أبو تمام
متى أنتَ عنْ ذُهلية ِ الحيّ ذاهلُ – أبو تمام
متى أنتَ عنْ ذُهلية ِ الحيّ ذاهلُ … وَقَلْبُكَ مِنها مُدَّة َ الدَّهْرِ آهِلُ
تُطِلُّ الطُّلُولُ الدَّمْعَ في كُل مَوْقِفٍ … وتمثُلُ بالصبرِ الدِّيارُ المواثِلُ
دوارسُ لمْ يجفُ الربيعُ ربوعَها … ولامَرَّ في أغفَالِها وهْوَ غَافِلُ
فَقَدْ سَحبَتْ فيها السَّحائِبُ ذَيلْهَا … وقَدْ أُخمِلَتْ بالنَّوْر فيها الْخَمَائِلُ
تعفينَ منْ زادِ العُفاة ِ إذا انتحى … على الحيِّ صرفُ الأزمة ِ المتماحلُ
لهمْ سلفٌ سمرُ العوالي وسامرٌ … وفيهم جمالٌ لا يغيضُ وجاملُ
لياليَ أضللتَ العزاءَ وجوَّلَتْ … بعَقْلِكَ آرَامُ الْخُدُور العَقَائِلُ
منَ الهيفِ لو أنَّ الخلاخلَ صيِّرتْ … لهَا وُشُماً جَالَتْ عليا الخَلاخِلُ
مها الوحشيِ إلا أن هاتا أوانسٌ … قَنَا الخط إلاَّ أَنَّ تِلْكَ ذَوَابلُ
هوى كان خلساً إنَّ منْ أحسنِ الهوى … هوى جُلتَ في أفنائهِ، وهو خاملُ
أَبَا جَعْفَرٍ إنَّ الجَهالَة َ أُمُّها … وَلُودٌ وأُمُّ العِلْمِ جَدَّاءُ حائِلُ
أَرَى الحَشوَ والدَّهْمَاءَ أضحَوْا كأَنَّهمْ … شُعُوبٌ تَلاقَتْ دُونَنَا وقَبَائِلُ
غَدَوْا وكأنَّ الجَهْلَ يَجْمَعُهُمْ بهِ … أبٌ وذوو الآدابِ فيهمْ نواقِلُ
فكنْ هضبة ً نأوي إليها وحرة ً … يُعَردُ عَنْها الأعوَجِيُّ المَناقِلُ
فإِنَّ الفَتَى في كُل ضَرْبٍ مُنَاسِبُ … مَنَاسِبَ رُوحانِيّة ً مَنْ يُشَاكِلُ
ولمْ تنظمِ العقدَ الكعابُ لزينة ٍ … كما تنظمُ الشملَ الشتيتَ الشمائلُ
وأنتَ شهابٌ في الملماتِ ثاقبٌ … وسَيْفٌ إذا ما هزَّكَ الْحَقُّ قَاصِلُ
مِن البيضِ لَمْ تَنضُ الأَكُفُّ كنَصْلِهِ … ولا حملَتْ مثلاً إليهِ الحمائلُ
مُؤَرثُ نارٍ والإمَامُ يَشُبُّها … وقائل فصلٍ والخليفة ُ فاعلُ
وإنَّكَ إنْ صَدَّ الزَّمانُ بوَجْهِهَ … لطلقٌ ومن دون الخليفة ِ بباسلُ
لَئِن نقِمُوا حُوشِيَّة ً فيكَ دُونَها … لقَدْ عَلِمُوا عَنْ أَي عِلقٍ تُنَاضِلُ
هي الشيءُ، مولى المرءِ قرنٌ مباينٌ … له وابنه فيها عدُوٌّ مُقاتل
إذا فضلت عن رأي غيركَ أصبحت … ورأيُكَ عَنْ جِهَاتِها الست فاضِلُ
وخطْبٍ جليلٍ دُونَها قد شَغَلْتَهُ … وفي دُونِهِ شُغْلٌ لِغيركَ شَاغِلُ
رَدَدْتَ السَّنَا في شَمْسِهِ بَعْدَ كُلفَة ٍ … كأنَّ انتصَافَ اليَوْمِ فيها أَصائِلُ
تَرَى كُلَّ نَقْصٍ تَارِكَ العِرْضِ والتُّقَى … كمالاً إذا الملكُ اعتدى وهو كاملُ
جمعتَ عرى أعمالها بعدَ فُرقة ٍ … إليكَ كما ضمَّ الأنابيبَ عامِلُ
فأضحتْ وقدْ ضُمَّتْ إليكَ ولمْ تزلْ … تُضَمُّ إلى الْجَيْشِ الكَثِيفِ القَنَابِلُ
وما برحَتْ صوراً إليكَ نوازِعاً … أَعِنَّتُها مُذْ رَاسَلْتكَ الرَّسَائِلُ
لك القَلمُ الأعْلَى الذي بِشَبَاتِه … تُصَابُ مِنَ الأمْر الكُلَى والمَفَاصَلُ
لَهُ الخَلَواتُ اللاّءِ لولا نجيُّها … لما احتفَلَتْ للمُلْكِ تلك المحافِلُ
لُعابُ الأَفاعي القَاتِلاتِ لُعابُهُ … وأرْيُ الجْنَى َ اشتَارَتْهُ أَيْدٍ عواسِلُ
لهُ ريقَة ٌ طَلٌّ ولكنَّ وقْعَها … بآثارِه في الشَّرْقِ والغَرْبِ وَابِلُ
فصِيحٌ إذَا استْنطَقْتَهُ وَهْوَ رَاكِبٌ … وأعْجَمُ إِنْ خَاطَبْتَهُ وهْوَ راجلُ
إذا ما امتطى الخمسَ اللطافَ وأفرغتْ … عليهِ شِعابُ الفِكْرِ وهْيَ حوافِلُ
أَطاعَتْهُ أطرافُ القَنَا وتَقَوَّضَتْ … لنجواه تقويضَ الخيامِ الجحافِلُ
إذَا استَغْزَرَ الذّهْنَ الذَّكِيَّ وأقبلتْ … أعاليهِ في القِرطَاسِ وهْيَ أسافِلُ
وقدْ رَفَدَتْه الْخَنْصران وشددَّتْ … ثَلاثَ نَواحيهِ الثَّلاثِ الأَنَامِلُ
رأيتَ جليلاً شأنُهُ وهو مُرهفٌ … ضنى ً وسميناً خطبهُ وهو ناحلُ
أرى ابن أبي مروانَ أما عطاؤهُ … فَطَامٍ وأمَّا حُكْمُه فَهْوَ عَادِلُ
هو المرءُ لا الشورى استبدت برأيهِ … ولا قبضتْ من راحتيه العواذلُ
مُعرَّسُ حَقٍّ مالُهُ ولَرُبَّما … تحيَّفَ منه الخطبُ والخطبُ باطلُ
لَقَاحٌ، فَلمْ تَخْدِجْهُ بالضّيْم مِنَّة … ولانَالَ أنْفاً مِنْهُ بالذُّل نَائِلُ
ترى حَبْلَهُ غرْثَانَ مِنْ كل غَدْرة ٍ … إِذَا نُصِبَتْ تَحْتَ الحِبَال الْحَبَائِلُ
فَتًى لا يرى أَنَّ الفَرِيصَة َ مقتَلٌ … ولكنْ يرى أن العيوبَا لمقاتلُ
ولا غمرٌ قد رقصَ الخفضُ قلبه … ولاطَارِفٌ في نِعْمَة ِ اللَّهِ جَاهِلُ
أَبا جَعْفَرٍ إِنَّ الْخليفة َ إِنْ يَكُنْ … لِوُرَّادِنا بحْراً فإِنَّكَ ساحِلُ
وما راغبٌ أسرى إليكَ براغبٍ … ولاسَائلٌ أَمَّ الْخَليفَة َ سَائِلُ
تقطَّعتِ الأسْبَابُ إِنْ لَمْ تُغِرْ لَها … قوى ويصلها من يمينك واصلُ
سَوَى مطْلبَ يُنْضِي الرَّجَاءَ بطُولِه … وتخلقُ إخلاقَ الجفون الوسائلُ
وقدْ تأْلَفُ العيْنُ الدُّجَى وهْوَ قَيْدُها … ويُرْجى شِفاءُ السَّم السُّمَّ قَاتلُ
ولي همة ٌ تمضي العصورُ وإنها … كعهدِك من أيامِ وعدِك حاملُ
سنونَ قطعناهنَّ حتى كأنما … قَطَعْنَا لِقُرْب العَهْدِ مِنْها مراحِلُ
وإِنَّ جَزيلاتِ الصَّنَائِعِ لامْرِئٍ … إذا ما الليالي ناكرتهُ معاقلُ
وإن المعالي يوم بناءها … وشيكاً كما قدْ تسترمُّ المنازلُ
ولو حاردتْ شولٌ عذرتُ لقاحها … ولكن حُرمتُ الدرَّ والضرعُ حافلُ
منحتكها تشفي الجوى ، وهو لاعجٌ … وتبْعَثُ أشجان الفَتَى ، وهْوَ ذَاهِلُ
تَرُدُّ قَوَافيها إذَا هِيَ أُرسلَتْ … هوامِلَ مَجْدِ القَوْمِ وهْيَ هَوَامِلُ
فكَيْفَ إذَا حَلَّيْتَها بحُلِيها … تَكُونُ وهذا حُسْنُها وَهْيَ عَاطِلُ
أكابرَنا عطفاً علينا فإننا … بنا ظَمَأٌ مُرْدٍ وأنتُمْ مَنَاهِلُ