أبو تمام

نُسَائِلُهَا أَيَّ المَواطِنِ حَلَّتِ قصيدة أبو تمام

نُسَائِلُهَا أَيَّ المَواطِنِ حَلَّتِ – أبو تمام


نُسَائِلُهَا أَيَّ المَواطِنِ حَلَّتِ … وأيِّ ديارٍ أوطنتها وأيتِ

وماذا عليها لو أشارتْ فودعت … إلينا بأطرافِ البنانِ وأومتِ

وما كانَ إلاّ أنْ تولتْ بها النوى … فَوَلَّى عَزَاءُ القَلْبِ لَمَّا تَوَلَّتِ

فأما عيونٌ العاشقينَ فأسخنتْ … وأَمّا عيُونُ الشامِتينَ فَقَرَّتِ

ولما دعاني البينُ وليتٌ إذْ دعا … ولما دعاها طاوعتهُ ولبتِ

فلمْ أرَ مثلي كانَ أوفى بذمة ٍ … ولا مثلها لم ترعَ عهدي وذمتي

مَشُوقٌ رَمَتْهُ أَسْهُمُ البَيْن فانْثَنَى … صَريعاً لها لمَّا رَمَتْهُ فأَصْمَتِ

ولوْ أَنّها غَيْرُ النَّوَى فَوَّقَتْ لَهُ … بأسهمها لمْ تصمْ فيهِ واشوتِ

كأَنَّ عَليْها الدَّمْعَ ضَرْبة ُ لازِبٍ … إِذَا ما حَمَامُ الأَيْكِ في الأَيْكِ غَنَّتِ

لئنْ ظمئتْ أجفانُ عيني إلى البكا … لقَدْ شَرِبَتْ عَيْني دَماً فَتَروَّتِ

عليها سلامُ اللهِ أني استقلتِ … وأَنَّى اسْتَقَرَّتْ دَارُها واطْمَأَنَّتِ

ومجهولة ِ الأعلامِ طامسة ِ الصوى … إذا اعتسفتها العيسُ بالركبِ ضلتِ

إذا ما تنادى الركبُ في فلواتها … أجابتْ نداءَ الركبِ فيها فاصدتِ

تعسفتها والليلُ ملقٍ جرانهُ … وجوزاؤهُ في الأفقِ حينَ استقلتِ

بِمُفْعَمَة ِ الأَنْسَاعِ مُوجَدَة ِ القَرَا … أمون السرى تنجو إذا العيسُ كلتِ

طَمُوحٌ بِأَثْنَاءِ الزمامِ كَاَنَّمَا … تَخَالُ بِها مِن عَدْوها طَيْفُ جِنَّة ِ

إلى حيثُ يلفى الجودُ سهلاً منالهُ … وخيرِ امرى ٍ شدتْ إليهِ وحطتِ

إلى خَيْرِ مَنْ سَاسَ الرّعيَّة َ عَدْلُهُ … وَوطَّدَ أَعْلاَمَ الهُدَى فاسْتَقَرَّتِ

حبيشَ حبيشُ بنُ المعافى الذي بهِ … أمرتْ حبالُ الدينِ حتى استمرتِ

ولَوْلا أَبُو اللَّيْثِ الهُمَامُ لأَخْلَقَتْ … مِنَ الديْنِ أَسبَابُ الهُدَى وأَرَثَّتِ

أقرِّ عمودَ الدينِ في مستقرهِ … وقدْ نهلتْ منهُ الليالي وعلتِ

ونَادَى المعَالي فاسْتَجَابَتْ نِدَاءَهُ … ولوْ غيرهُ نادى المعالي لصمتِ


ونِيطَتْ بحَقْوَيْهِ الأُمُورُ فَأَصْبَحَتْ … بظل جَنَاحِيْهِ الأُمورُ اسْتَظَلَّتِ

وأحيا سبيلَ العدلِ بعدَ دثورهِ … وأنهجَ سبلَ الجودِ حينَ تعفتِ

وَيُلْوي بأَحْداثِ الزَّمَان انْتِقامُهُ … إِذَا مَا خُطوبُ الدَّهْرِ بالنَّاس أَلْوَتِ

ويَجزيكَ بالحُسْنَى إِذَا كنْتَ مُحْسِناً … وَيغتَفِرُ العُظْمَى إِذا النَّعْلُ زَلَّتِ

يلمُّ اختلالَ المعتفينَ بجودهِ … إذا ما ملماتُ الأمورِ ألمتِ

هُمامٌ، وَرِيُّ الزَّنْدِ، مُسْتَحْصِدُ القُوَى … إذا ما الأمورُ المشكلاتُ أظلتِ

إِذَا ظُلُمَاتُ الرّأْي أُسْدِلَ ثَوْبُها … تَطلَّعَ فِيهَا فَجْرُهُ فَتَجَلَّتِ

به انكشفتْ عنا الغيابة ُ وانفرتْ … جلابيبً جورٍ عمنا فاضمحلتِ

أغرُّ ربيطُ الجأشِ، ماضٍ جنانهُ … إذا ما القلوبُ الماضياتُ ارجحنتِ

نَهُوضٌ بثِقْلِ العبءِ مُضْطَلِعٌ بهِ … وإِنْ عَظُمَتْ فِيه الخُطوبُ وجَلَّتِ

تطوعُ لهُ الأيامُ خوفاً ورهبًة … إذا امتنعتْ من غيره وتأبتِ

لهُ، كلَّ يومٍ، شملَ مجدٍ مؤلفٍ … وشملٌ ندى َ بينَ العفاة ِ مشتتِ

أبا الليثِ، لولا أنتَ لانصرمَ الندى … وأدركتَ الأحداثُ ما قدْ تمنتِ

أَخَافَ فُؤَادَ الدَّهْرِ بَطْشُكَ فانْطَوتْ … على رعبٍ أحشاؤهُ وأجنتِ

حَلَلْتَ مِنَ العِزِّ المُنيفِ مَحَلَّة ً … أَقَامَتْ بِفَوْدَيْهَا العُلَى فأَبَنَّتِ

ليهنىء َ تنوخاً خيرُ أسرة ٍ … إذا أحصيتْ أولى البيوتِ وعدتَ

وأنكَ منها في اللبابِ الذي لهُ … تَطأَطَأَتِ الأَحْيَاءُ صُغْراً وذَلَّتِ

بنى لتنوخِ اللهِ عزاً مؤبداً … تزلُّ عليهِ وطأة َ المتثبتِ

إِذَا ماحُلُومُ النَّاس حِلْمَكَ وازَنَتْ … رَجَحْتَ بأَحْلامِ الرجَال وخَفَّتِ

إِذَا مَا يَدُ الأَيَّامِ مَدَّتْ بَنَانَها … إليكِ بخطبٍ لمْ تنلكَ وشلتِ

وإنْ أزماتُ الدهرِ حلتْ بمعشرِ … أرقتَ دماءَ المحلِ فيها فطلتِ

إذا ما امتطينا العيسَِ نحوكِ لم نخفْ … عِثَاراً ولَمْ نَخْشَ اللَّتَيَّا ولاَ الَّتي


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page