هوَ المَوْتُ، فاصْنَعْ كلَّ ما أنتَ صانعُ، قصيدة أبو العتاهية
هوَ المَوْتُ، فاصْنَعْ كلَّ ما أنتَ صانعُ، – أبو العتاهية
هوَ المَوْتُ، فاصْنَعْ كلَّ ما أنتَ صانعُ، … وأنْتَ لِكأْسِ المَوْتِ لاَ بُدَّ جارِعُ
ألا أيّها المَرْءُ المُخادِعُ نَفسَهُ … رُويداً أتَدْرِي مَنْ أرَاكَ تخَادِعُ
ويا جامِعَ الدُّنيا لِغَيرِ بَلاَغِهِ … سَتَتْرُكُهَا فانظُرْ لِمَنْ أنْتَ جَامِعُ
وَكم قد رَأينا الجامِعينَ قدَ اصْبَحَتْ … لهم، بينَ أطباقِ التّرابِ مَضاجعُ
لَوْ أنَّ ذَوِي الأبْصَارِ يَرَعُوْنَ كُلَّمَا … يَرَونَ، لمَا جَفّتْ لعَينٍ مَدامِعُ
فَما يَعرِفُ العَطشانَ مَنْ طالَ رِيُّهُ، … ومَا يَعْرِفُ الشَّبْعانُ مَنْ هُوَ جائِعُ
وَصارَتْ بُطونُ المُرْملاتِ خَميصَة ً، … وأيتَامُهُمْ منهمْ طريدٌ وجائعُ
وإنَّ بُطُونَ المكثراتِ كأنَّما … تنقنقُ فِي أجوافِهِنَّ الضَّفَادِعُ
وتصْرِيفُ هذَا الخَلْقِ للهِ وَحْدَهُ … وَكُلٌّ إلَيْهِ، لا مَحَالَة َ، راجِعُ
وللهِ فِي الدُّنيَا أعَاجيبُ جَمَّة ٌ … تَدُلّ على تَدْبيرِهِ، وبَدَائِعُ
وللهِ في أسرارُ الأمُورِ وإنْ جَرَتْ … بها ظاهِراً، بَينَ العِبادِ، المَنافِعُ
وللهِ أحْكَامُ الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ … ألاَ فهوَ معْطٍ مَا يَشَاءُ ومَانِعُ
إذا ضَنّ مَنْ تَرْجو عَلَيكَ بنَفْعِهِ، … فذَرْهُ، فإنّ الرّزْقَ، في الأرْضِ، واسعُ
وَمَنْ كانَتِ الدّنْيا هَواهُ وهَمَّهُ، … سبَتْهُ المُنَى واستعبدَتْهُ المَطَامِعُ
وَمَنْ عَقَلَ استَحيا، وَأكرَمَ نَفسَه، … ومَنْ قَنِعَ استغْنَى فَهَلْ أنْتَ قَانِعُ
لِكلِّ امرِىء ٍ رأْيَانِ رَأْيٌ يَكُفّهُ … عنِ الشّيءِ، أحياناً، وَرَأيٌ يُنازِعُ