وأبي المنازلِ إنّها لشجونُ قصيدة أبو تمام
وأبي المنازلِ إنّها لشجونُ – أبو تمام
وأبي المنازلِ إنّها لشجونُ … وعلى العجومة ِ إنَّها لتبينُ
فاعقِلْ بِنضْوِ الدَّارِ نِضْوَكَ يقْتَسِمْ … فرطَ الصبابة ِ مسعدٌ وحزينُ
لاتَمْنَعَني وَقْفَة ً أشفي بها … داءَ الفريقِ فإنَّها ماعونُ
واسقِ الأثافي من شؤوني ريَّها … إنَّ الضنين بدمعهِ لضنينِ
والنُّؤْيُ أُهْمِدَ شَطْرُهُ فكأَنَّه … تحت الحوادثِ حاجبٌ مقرونُ
حزنٌ غداة َ الحزنِ هاجَ غليلَه … في أبرقِ الحنانِ منكَ حنينُ
سمة ُ الصبابة ِ زفرة ٌ أو عبرة ٌ … متكفَّلٌ بهما حشاً وشؤونُ
لولا التفجعُ لأدعى هضبُ الحمى … وصَفا المُشقَّرِ أَنَّهُ مَحْزُونُ
سيروا بني الحاجاتِ ينجحْ سعيكمْ … غَيْثٌ سَحَابُ الْجُودِ مِنْهُ هَتُونُ
فالحادثاتُ بوبله مصفودة ٌ … والمحلُ في شؤبوبهِ مسجونُ
حَملُوا ثَقِيلَ الهّم واستَنعى بهم … سفرٌ يهدُّ المتنَ وهو متينُ
حتَّى إذَا ألقَوْه عَنْ أكتافِهِمْ … بالعَزْمِ وهْوَ على النَّجاحِ ضَمِينُ
وجَدُوا جَنَابَ المُلكِ أخْضَر واجتلَوْا … هارونَ فيهِ كأنَّهُ هارونُ
ألفوا أميرَ المؤمنينَ وجوده … خَضِلُ الغَمَامِ وظِلُّهُ مَسْكُونُ
فغدوا وقدْ ثقوا برأفة ِ واثقٍ … باللَّهِ طائرُهُ لَهُمْ مَيْمُونُ
قرَّتْ به تلكَ العيونُ بالملكِ وأشرقتْ … تلكَ الخُدُودُ وإنَّهُنَّ لجُونُ
مَلكُوا خِطَامَ العَيْشِ بالمَلِكِ الذي … أخلاقهُ للمكرماتِ حصونُ
مَلِكٌ إذا خاضَ المَسامِع ذِكْرُهُ … خَفَّ الرَّجَاءُ إليهِ وهْوَ رَكِينُ
لَيْثٌ إذا خَفَقَ اللوَاءُ رَأَيْتهُ … يعلو قرا الهيجاءِ وهي زبونُ
لِحِياضِها مُتَوَددٌ ولِخَطْبِها … متعمدٌ وبثديها ملبونُ
جعل الخلافة فيه ربُّ قولُه … سُبْحانهُ للشَيءِ كُنْ فيكُونُ
ولقَدْ رَأَيْنَاها لَهُ بِقُلُوبِنا … وظُهُورُ خِطْبٍ دُونَه وبُطُونُ
ولِذاكَ قِيلَ مِنَ الظُّنُونِ جَلِيَّة ٌ … صِدْقٌ وفي بعضِ القُلُوبِ عُيُونُ
ولقد عَلِمْنا مذْ تَرَعْرَعَ أَنَّه … لأِمينِ رَب العالمينَ أَمِينُ
يابنَ الْخَلائِفِ إنَّ بُرْدَكَ مِلْؤُهُ … كرمٌ يذوبُ المزنُ منهُ ولينُ
نورٌ من الماضي عليكَ كأنَّهُ … نورٌ عليهِ من النبيِّ مبينُ
يسمو بك السفاحُ والمنصورُ والـ … ـمهديُّ والمعصومُ والمأمونُ
مَنْ يَعْشُ ضَوْءَ الآل يَعْلَمْ أَنَّهمْ … ملأٌ لدى ملإِ السماءِ مكينُ
… ظِلُّ الهُدَى ، غَابٌ لَها وعَرِينُ
قومٌ غدا الميراثُ مضروباً لهمْ … سورٌ عليه من القرانِ حصينُ
فيهمْ سكينة ُ ربهمْ وكتابهُ … وإمامَتَاهُ واسمُهُ المَحْزُونُ
وَادٍ مَنَ السُّلْطَانِ مُحْمًى لم يَكُنْ … لِيَضِيمَ فيهِ المُلْكَ إلاَّ الدينُ
في دولة ٍ بيضاءَ هارونية ٍ … متكنفاها النصرُ والتمكينُ
قدْ أصبح الإسلامُ في سلطانها … والهند بعضُ ثغورها والصينُ
يفدِي أَمينَ اللَّهِ كلُّ مُنَافِقٍ … شنآنُه بينَ الضلوعِ كمينُ
ممنْ يداهُ يسريانِ ولمْ تزلْ … فِينا وكِلتْا رَاحَتَيْكَ يَمِينُ
تُدْعَى بَطاعَتِكَ الوُحُوشُ فَترْعَوِي … والأسدُ في عريسها فتدينُ
مافَوْقَ مَجْدِكَ مرْتَقَى مَجْدٍ ولا … كلُّ افتخارٍ دونَ فخرِكَ دونُ
جَاءَتْكَ مِنْ نَظْمِ اللسانِ قِلادَة ٌ … سمطانِ فيها اللؤلؤُ المكنونُ
حُذِيَتْ حِذَاءَ الحَضْرَمِيَّة ِ أُرهِفَت … وأجادها التخصيرُ والتلسينُ
إنسية ٌ وحشية ٌ كثرتْ بها … حركاتُ أهلِ الأرضِ وهيَ سكونُ
يَنبُوعُها خَضِلٌ وحَلْيُ قريضِها … حَلْيُ الهَدِي وَنَسْجُهَا مَوْضُونُ
أما المعاني فهيَ أبكارٌ إذا … نصتْ ولكنَّ القوافيَ عونُ
أحذَاكَها صَنَعُ اللسانِ يَمُدُّه … جفرٌ إذا نضبَ الكلامُ معينُ
ويُسِيءُ بالإحسَانِ ظَنّاً لاكَمَنْ … هوَ بابنة ِ وبشعرهِ مفتونُ
يرمي بهمته إليكَ وهمُّه … أَمَلٌ لهُ أَبَداً عليكَ حَرُونُ
فمناهُ في حيثُ الأماني رتعٌ … ورجاؤهُ حيثُ الرجاءُ كنينُ
ولعلَّ ما يرجوهُ مما لمْ يكنْ … بَكَ عاجِلاً أَوْ آجِلاً سَيَكُونُ