أبو تمام

يا برقُ طالعْ منزلاً بالأبرقِ قصيدة أبو تمام

يا برقُ طالعْ منزلاً بالأبرقِ – أبو تمام


يا برقُ طالعْ منزلاً بالأبرقِ … واحدُ السحابَ لهُ حداءَ الأينقِ

دمنٌ لَوَتْ عَزْمَ الفُؤادِ ومَزَّقَتْ … فيها دُموعَ العَيْنِ كلَّ مُمَزَّقِ

لا شَوْقَ ما لَمْ تَصْلَ وَجْداً بالتي … تأبى وصالكَ كالآباءِ المحرقِ

يغلي إذا لم يضطرمْ ويرى إذا … لم يَحْتَدِمْ، ويُغِصُّ إنْ لمْ يُشْرِقِ

تأبى معَ التصريدِ إلا نائلاً … إلاَّ يكنْ ماءً قراحاً يمذقُ

نَزْراً كما استَكْرَهْتَ عائِرَ نَفْحَة ٍ … منْ فارة ِ المسكِ التي لم تفتقِ

ما مقربٌ يختالُ في أشطانهِ … مَلآنُ مِنْ صَلَفٍ بهِ وتَلَهْوقِ

بحَوَافِرٍ حُفْرٍ وصُلْبٍ صُلَّبٍ … وأشاعرٍ شعرٍ وخلقٍ أخلقِ

وبشعلة ٍ نبذٍ كأنَّ قليلها … في صَهْوَتَيْهِ بَدْءُ شَيْبِ المَفْرِقِ

ذو أولقٍ تحتَ العجاجِ وإنما … منْ صحة ٍ إفراطُ ذاكَ الأولق

تُغرَى العُيونَ بهِ ويُفْلِقُ شَاعرٌ … في نعتهِ عفواً وليس بمفلقِ

بمصعدٍ منْ حسنهِ ومصوبٍ … ومُجمَّع في خَلْقِهِ ومُفَرَّقِ

صلتانُ يبسطُ إن ردى أو إن عدا … في الأرضِ باعاً مِنْه ليسَ بضَيقِ

وتطرقُ الغلواءُ منه إذا عدا … والكِبْريَاءُ له بغيرِ مُطَرقِ

أَهدَى كُنازٌ جَدَّه فيما مَضَى … للمثل واستصفى أباهُ ليلبقِ

مُسْوَدُّ شَطْرٍ مثلَ ما اسوَدَّ الدُّجَى … مُبْيَضُّ شَطْرٍ كابيضَاضِ المُهْرَقِ

قد سَالَت الأَوضَاحُ سَيْلَ قَرَارة ٍ … فيهِ فمُفْترِقٌ عليهِ ومُلْتَقي

وكأنَّ فارِسُهُ يُصرفُ إذْ بَدا … في منته إبنَ الصباحِ الأبلقِ

صَافِي الأَديمِ كأنَّما أَلبَسْتَهُ … مِنْ سُنْدُسٍ بُرْداً ومِنْ إستبرَقِ

إمليسهُ إمليدهُ لوْ علقتْ … في صَهْوَتَيْهِ العَيْنُ لم تَتَعلٌّقِ


يُرْقَى وما هو بالسَّليمِ ويَغْتَدِي … دونَ السلاحِ سلاحَ أروعَ مملقِ

في مطلبٍ أو مهربٍ أو رغبة ٍ … أو رَهْبَة ٍ أَو مَوْكِبٍ أَو فَيْلَقِ

أمطاكهُ الحسنُ بنُ وهبٍ إنهُ … داني ثرى اليدِ منْ رجاءِ المملقِ

يحصى معَ الأنواءِ فيضُ يمينهِ … ويعدُّ منْ حسناتِ أهلِ المشرقِ

يستنزل الأَمَلَ البَعِيدَ بِبشْرِهِ … بشرَ الخميلة ِ بالربيعِ المغذقِ

وكذا السحائبُ قلما تدعو إلى … معروفها الروادَ إنْ لمْ تبرقِ

مجلي قتامِ الوجه يذهلُ إنْ بدا … لكَ في النديِّ عنِ الشبابِ المونقِ

لوْ كانَ سيفاً ما استبتَ لنصلهِ … مَتْناً لِفَرْط فِرنْدِهِ والرُّوْنَقِ

ثبتَ البيان إذا تحيرَ قائلٌ … أضحى شكالاً للسان المطلق

لم يتبعْ شنعَ اللغاتِ ولا مشى … رَسْفَ المُقَّيدِ في حُدُودِ المَنْطِقِ

في هذه قسم الكلامِ وهذهِ … كالسورِ مضروباً لهُ والخندقِ

يَجْنِي جَناة َ النَّحلِ مَنْ أَعْلَى الرُّبَا … زَهَراً ويَشْرَعُ في الغَديرِ المُتْأَقِ

أُنُفُ البَلاغة ِ لا كَمَنْ هُوَ حَائرٌ … متلددٌ في الموتعِ المتعرقِ

عِيرٌ تَفرَّق إنْ حَدَاها غَيْرُه … ومتى يسقها وادعاً تستوسقُ

تَنْشَقُّ في ظُلَمِ المَعاني إِنْ دَجَتْ … منه تباشيرُ الكلامِ المشرقِ

ألبسْ سليمانَ الغنى وافتحْ لهُ … باباً إزاء الخفضِ ليسَ بمغلقِ

واقربْ إليهِ فإنَّ أحرى المزنِ أنْ … يروي الثرى ما كانَ غيرَ محلقِ

عَتُقَتْ وَسِيلتُه وأَيَّة ُ قِيمَة ٍ … للتبعيِّ العضبِ إنْ لمْ يعتقِ

وتخطَّ بزته فربتْ خلة ٍ … في دَرْجِ ثَوْبِ اللاَّبِسِ المُتَنَوقِ

شَنْعَاءُ بَيْنَ المَرْكَبِ الهمْلاَجِ قَدْ … كَمَنَتْ وبينَ الطَّيْلَسانِ المُطْبَقِ


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page