أبو تمام

يا دارُ دارَ عليكَ إرهامُ الندى قصيدة أبو تمام

يا دارُ دارَ عليكَ إرهامُ الندى – أبو تمام


يا دارُ دارَ عليكَ إرهامُ الندى … واهْتَزَّ رَوْضُكِ في الثَّرَى فَتَرَأَّدَا

وكسيتُ منْ خلعِ الحيا مستأسداً … أُنُفاً يُغَادِرُ وَحْشُهُ مُسْتَأْسِدا

طللٌ عكفتُ عليهِ أسألهُ إلى … أَنْ كادَ يُصْبِحُ رَبْعُهُ لِيَ مَسْجِدا

وظللتُ أنشدهُ وانشدُ أهلهُ … والحزنُ خدني ناشداً أو منشدا

سَقْياً لِمَعْهَدِكَ الَّذي لَو لَم يَكُنْ … ما كان قلبي للصبابة ِ معهدا

لمْ يُعْطِ نَازِلَة َ الْهَوَى حَق الْهَوَى … دَنِفٌ أَطَاف بهِ الْهَوَى فَتَجَلَّدا

صبٌّ تواعدتَ الهمومُ فؤادهُ … إنْ أَنتمُ أَخلَفتُمُوهُ مَوْعِدَا

لمْ تنكرينَ معَ الفراقِ تبلدي … وبَرَاعَة ُ الْمُشْتَاقِ أنْ يَتَبَلَّدَا

ياصَاحِبي بِدِمشقَ لَسْتَ بِصَاحِبي … إن لم تمهدْ للهمومِ ممهدا

أَدْنِ الْمُعَبَّدَة َ السنَادَ وأَنْئِها … بالسَّيْرِ ما دَامَ الطريقُ مُعَبَّدَا

وإلى بَنِي عَبدِ الكَريم تَوَاهَقت … رَتْكَ النَّعَامِ رَأى الظَّلاَمَ فخَوَّدَا

كمْ أنجموا قمراً حمى بفعالهِ … قَمَراً ومَكْرُمَة ً تُنَاغِي الفَرْقَدَا

متهللاً في الروعِ منهلاً إذا … ما زندَ اللحزُ الشحيحُ وصردا

منْ كانَ أحمدَ مرتعاً أو ذمة ً … فاللهِ أحمدُ ثمَّ أحمدُ أحمدا

أَضْحَى عَدُوّاً للصَّديقِ إذَا غَدَا … في الحمدِ يعذلهُ صديقاً للعدا


أفنيتُ منهُ الشعرَ في متمدحِ … قَدْ سَادَ حَتَّى كادَ يُفني السُّؤْدُدَا

عَضْبُ العَزِيمة ِ في المَكارِم لَمْ يَدَعْ … في يومهِ شرفاً يطالبهُ غدا

بَرَّزْتَ في طَلَبِ المَعَالي وَاحِداً … فيهَا تَسِيرُ مُغَوراً أَومُنْجِدَا

عجباً بأنكَ سالمٌ منْ وحشِة … في غَايَة ٍ ما زِلْتَ فيها مُفْردَا

وأنا الفِدَاءُ إذَا الرماحُ تَشَاجَرتْ … لكَ والرماحُ منَ الرماحِ لكَ الفدا

وَسَلِمْتَ، أنَّا لا تَزَالُ سِوالِماً … آمَالُنَا بِكَ مَا سَلِمْتَ من الرَّدَى

كمْ جئتَ في الهيجا بيومٍ أبيضٍ … والحَرْبُ قد جَاءَتْ بِيَوْمٍ أَسْوَدَا

أقدمتْ، لمْ تركَ الحمية ِ مصدراً … عنها ولمْ يرَ فيكِ قرنكَ موردا

لم تغْمِدِ السَّيْف الّذي قُلدْتَهُ … حتى َّ تمنى َّ نصلهُ أنْ يغمدا

هيهاتَ لا ينأى الفخارُ وإنْ نأى … عَنْ طَالِب كانتْ مَطِيَّتُه النَّدَى

أَنَّى يَفُوتُكَ مَا طَلَبْتَ وإنَّما … وطَرَاكَ أن تُعْطِي الجَزِيلَ وتُحْمَدَا

لَمَّا زَهِدْتَ زَهِدْتَ في جَمْع الغِنَى … ولقَدْ رَغِبْتَ فكُنتَ فيه أَزْهَدَا

فالمالُ أن ملتَ ليسَ بسالمٍ … مِنْ بَطْشِ جُودِكَ مُصْلِحاً أَومُفْسِدَا

ولأنتَ أكرمُ منْ نوالكَ محتدا … ونداكَ أكرمُ منْ عدوكَ محتدا

لاتَعْدِمَنَّكَ طَيءٌ فَلَقَلَّمَا … عّدِمَتْ عَشِيرتُكَ الجَوَادَ السَّيدَا


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page