أبو الفضل بن الأحنف

يا مُوقدَ النّار بالهِنْديّ والغارِ قصيدة أبو الفضل بن الأحنف

يا مُوقدَ النّار بالهِنْديّ والغارِ – أبو الفضل بن الأحنف


يا مُوقدَ النّار بالهِنْديّ والغارِ … هَيّجتَ لي حَزَناً يَا مُوقِدَ النّارِ

بينَ الرّصافة ِ والمَيدانِ أرقُبُها … شُبّت لغانية ِ بيْضاءَ مِعطارِ

هَاجَتْ ليَ الرّيحُ مِنْها نَفحَ رائِحة ٍ … أحيت عظامي وهَاجَتْ طولَ تَذكاري

يا فوزُ أنْتِ التي جَشّمتِني رَقصاً … يبري المَهاري بتَرحالٍ وتسيارِ

غِبتُمْ وَغِبْنَا فَلَمّا كانَ أوبُكُمُ … أبنا فنحنُ وأنتمْ رَهنُ أسفارِ

وما أرى اثنين حَالَ النّاسُ بينهما … مثلي ومثلكِ في جَهدٍ وإضرارِ

تَشكو الفِراقَ ويشكوهُ وما اجتمعا … يوماً ولا افْتَرقا إلاّ بِمقدارِ

وما يرى في وصالِ اثنينِ قد شُغِفا … مَا لَمْ يَميلا إلى الفَحْشاء، من عارِ

إذَا تَعَمّدْتُكُمْ جاوزتُ بابَكُمُ … كيْ لا تكونوا لإقبالي وإدباري

أخبّرُ النّاس أني قد سلوتكمُ … والله يَعلمُ ما مكنونُ إضماري

ما تَطعَمُ النومَ عيني من تذكّرِكُمْ … فما أنامُ إذا ما نام سُمّاري

أخلُو إذا هجَعَ النُّوَّامُ كلُّهُمُ … فَمَا أُسامِرُ إلاّ عامِرَ الدَّارِ

لكُلّ جفنٍ على خدّي على حدة ٍ … طريقة ٌ دمعها مُستَوكفٌ جارِ

استمطِرُ العَينَ لا تفنى مدامعُها … كأنّ يَنبوعَ بحرٍ بينَ أشفاري

ليتَ المَهذّبَ عبدَ اللّه خالصتي … ومن لدَيهِ مِن الإخوانِ حُضّاري

مِنْهُم حُمَيدٌ وَدَاودٌ وَصَاحِبُهُ … و الأخْنَسيّ وبشرٌ وابنُ سيّارِ

قَومٌ هُمُ خَنْدَقُوا لي في قُلوبِهِمُ … على الحصونِ فأخْلَوْهَا لأسْراري


مَن كانَ لَمْ يَرَ مَشغُوفاً بَرَاهُ هوى ً … فَلْيَأتِني يَرَ نِضواً عَظمُه عار

ينسَلُّ عنّي قمِيصي مِن ضَنى جَسدي … ولَوْ شدَدتُ على الجِلْبابِ أزراري

ما يَنقَضي عجبي من جَهلِ حاسدة ٍ … كانَتْ بذي الأثل من خدني وأنصاري

سَمّتْ ولِيدَتَها فَوزاً مُغَايَظة ً … عذرتُ لوْ لطمَتني ذاتُ إسوارِ

وما يَزالُ نِساءٌ مِن قرابتها … مِن كلّ ناحية ٍ يَهتِكنَ أسْتاري

وقَدْ صَبَرتُ على قَومٍ مُنيتُ بِهم … وما تَكَلّمتُ إلا بعد إعذارِ

أنَا وعَمُّكِ مِثْلُ المُهرِ يَمنَعُهُ … مِن قُوتِه مَربِضُ المستأسدِ الضاري

لَوْ كُنتَ يا عَمها حَرّانَ سَرَّكَ أن … تحيَا بإظماء إيرادٍ وإصْدارِ

فما أخو سفَرٍ فب البيد مُرْتَهَنٍ … قَدْ كانَ في رُفَقٍ شتّى لأمصارِ

أخطَا الطَّريقَ وأفنَى الزادَ وانقطعَتْ … عَنْهُ المَناهِلُ في تَيهاء مِقفارِ

يّدعو بصوتَ شجيّ لا أنيسَله … قد غابَ عنه أنيسُ الأهلِ والجارِ

لَوْ جُرّعَ الماءَ لاسْتَطْفَاهُ مَوقِعُه … من الحشى من لَظّى فيهِ وتَسعارِ

حتى تبيّنَ أنْ لا دلْوَ حاضِرة ٌ … ولا رِشاءٌ ولا عَهدٌ لآثارِ

دَلّى عِمامتَه حتّى إذا انقشَعَتْ … غَمامة ُ الماء عَنْ عَذبٍ ومَوّارِ

أهوى يُقلّبها في الماء مُغتبطاً … يَكُرُّها فيهِ طوراً بعدَ أطوارِ

حَتّى إذا هُوَ روّاهَا وأخرَجَها … وقالَ قَد نلتُ يُسراً بعدَ إعسار

وجرّها صَوّبَتْ في البئرِ راجعة … ً واستبَلَتْ نفسُه الدّنيا بإكشارِ

يوماً بأجهدَ منّي حينَ تَمنعُني … لغيرِ جُرمٍ لُبَاناتي وأوطاري


مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page