لنمنا وصرفُ الدهرِ ليسَ بنائمٍ قصيدة أبو تمام
لنمنا وصرفُ الدهرِ ليسَ بنائمٍ – أبو تمام
لنمنا وصرفُ الدهرِ ليسَ بنائمٍ … خزمنا لهُ قسراً بغيرِ خزائمِ
ألَسْتَ تَرى سَاعَاتِهِ واقتِسَامَها … نفوسَ بني الدنيا اقتسامَ الغنائمِ ؟
لَيَالٍ إذا أنحَتْ عليكَ عُيونَها … أرتْكَ اعتباراً في عيونِ الأراقمِ
شرقنا بذمِّ الدهرِ يا سلمُ إنهُ … يسيء فما يألو وليس بظالمِ
إذا فقد المفقودُ من آل مالكٍ … تَقَطَّعَ قَلْبي رَحْمَة ً للمَكارِمِ
خليليَّ من بعد الأسى والجوى قفا … ولاتَقِفا فَيْضَ الدُّموعِ السَّواجِمِ
أَلِمَّا فهَذا مَصْرَعُ البأْسِ والنَّدَى … وحسبُ البكا إنْ قلتُ مصرعُ هاشمِ
ألمْ تريا الأيامَ كيفَ فجعننا … بهِ ثمَّ قدْ شاركننا في المآتم؟
خَطَوْنَ إليهِ مِنْ نَدَاهُ وبأْسِهِ … خَلائِقَ أوْقَى مِنْ سُتُورِ التَّمائِمِ
خَلائِقَ كالزَّغْفِ المُضَاعَفِ لم تَكُنْ … لِتَنْفُذَها يَوْماً شَبَاهُ اللَّوائِمِ
ولو عاشَ فينا بعضَ عيشِ فعالهِ … لأخلقَ أعمارَ النسورِ القشاعمِ
رَأَى الدَّهْرُ مِنْهُ عَثْرَة ً ماأقالَها … وهَلْ حازِمٌ يَأْوِي لِعَثْرة ِ حَازِمِ
لَئِنْ كانَ سَيْفُ المَوْتِ أسودَ صارِماً … لقدْ فلَّ منهُ حدَّ أبيض صارمِ
أصابَ امرءاً كانتْ كرائمُ مالهِ … عليهِ إذا ما سيلَ غيرَ كرائمِ
جَرَى المَجْدُ مَجْرَى النَّوْمِ منه فلم يَكُنْ … بغيرِ طعانٍ أو سماحٍ بحالمِ
تبينُ في إشراقِهِ وهوَ نائمٌ … بأنَّ الندى في روحهِ غيرُ نائمِ
فإنَّ توهِ في الدنيا دعائمُ عمرِهِ … فما جُودُه فيها بِوَاهي الدَّعائِمِ
إذا المرءُ لم تهدمْ علاهُ حياتُهُ … فليسَ لها الموتُ الجليلُ بهادِمِ
أهاشمُ صارَ الدمعُ ضربة َ لازمٍ … وماكانَ لَوْلا أنتَ ضَرْبَة لازِمِ
أهاشمُ للحيينِ فيكَ مصائبٌ … دلوه جُمعتْ كانتْ لبعضِ المَواسمِ
مَسَاعٍ تَشَظَّتْ في المَواسِمِ كُلها … ولو جمعتْ كانتْ كبعضِ المواسمِ
لَيَوْمُكَ عندَ الأَزْدِ يَوْمٌ تَخَزَّعَتْ … خُزَاعة ُ مِنها في بُطونِ التَّهَائمِ
وما يَوْمُ زُرْتَ اللَّحْدَ يَوْمُكَ وَحْدَه … علينا ولكنْ يومُ عمرٍو وحاتمِ
فكمْ ملحدٍ في يوم ذلك غانمٍ … وكم منبرٍ في يوم ذلك غارمِ
لئن عمَّ ثكلاً كلَّ شيءٍ مصابُهُ … لَقَدْ خَصَّ أطرافَ السُّيوفِ الصَّوارِمِ
تسلبتِ الدنيا عليهِ فأصبحتْ … خَلائِقُها مِثلَ الفِجَاجِ القَواتِمِ
وما نَكْبَة ٌ فاتتْ بهِ بِعَظيمة ٍ … ولكنَّها مِنْ أُمَّهَاتِ العَظَائِمِ
بني مالكِ قدْ نبهتْ خاملَ الثرى … قُبُورٌ لكمْ مُستَشْرِفاتُ المَعَالِمِ
رَوَاكِدُ قِيسُ الكَف مِنْ مُتنَاوِلٍ … وفيها عُلًى لاتُرتَقَى بالسَّلالِمِ
قضيتم حقوقَ الأرضِ منكمْ بأعظمٍ … عظَامٍ قَضَتْ دَهْراً حُقُوقَ المَقَاوِمِ
خدعتُ لئن صدَّقتُ أنَّ غيابة ً … تكشفُ إلا عن وجوهِ الهيائمِ
رَأَيتُهمُ رِيشَ الجَنَاحِ إذا ذَوَتْ … قَوادِمُ منها أُيدَتْ بِقَوَادِمِ
إذَا اختَلَّ ثَغْرُ المَجْدِ أضحَى جِلادُهمْ … ونائلهمْ من حولهِ كالعواصمِ
فلا تطلبوا أسيافهُمْ في جفونِها … فقدْ أسكنتْ بينَ الطلى والجماجمِ
إذَا ما رِماحُ القَوْمِ في الرَّوْعِ أُكرِمَتْ … مشَارِبُهَا عاشُوا كِرَامَ المَطَاعِمِ