أبو تمام

تجرعْ أسى ً قدْ أقفرَ الجرعُ الفردُ قصيدة أبو تمام

تجرعْ أسى ً قدْ أقفرَ الجرعُ الفردُ – أبو تمام


تجرعْ أسى ً قدْ أقفرَ الجرعُ الفردُ … ودعْ حسيَ عينٍ يجتلبْ ماءها الوجدُ

إذَا انصَرَفَ المَحزُونُ قدْ فَلَّ صَبْرَه … سؤالُ المغاني فالبكاءُ لهُ ردِ

بدتْ للنوى أشياءُ قدْ خلتُ أنها … سيبدؤني ريبُ الزمانِ إذا تبدو

نوى ً كانقضاضِ النجمِ كانتْ نتيجة ً … منَ الهزلِ يوماً إنَّ هزلَ الهوى جدُّ

فلا تحسبا هنداً لها الغدرُ وحدها … سجيً نفسٍ كلُّ غانية ٍ هندُ

وقَالُوا أُسى ً عَنْهَا وقدْ خَصَمَ الأُسَى … جَوَانِحُ مُشْتَاقٍ إذَا خاصمَتْ لُدُّ

وعينٌ إذا هيجتها عادتِ الكرى … ودَمْعٌ إَذَا استَنجدْتَ أسْرَابَهُ نَجْدُ

ومَا خَلفَ أجْفَانِي شُؤونٌ بَخِيلَة ٌ … ولا بَيْنَ أَضلاعي لها حجَرٌ صلْدُ

وكمْ تحتَ أرواقِ الصبابة ِ منْ فتى ً … منَ القَوْمِ حُرٍّ دَمعُهُ للهَوى عَبْدُ

ومَا أَحدٌ طَارَ الفِرَاقُ بقَلْبِهِ … بجْلَدٍ ولَكِنَّ الفِراقَ هوالجلْدُ

ومَنْ كانَ ذَا بَثٍّ على النَّأيَ طارِفٍ … فلِي أَبَداً من صَرْفِهِ حُرَقٌ تُلْدُ

فلا ملكٌ فردُ المواهبِ واللهى … يُجَاوِزُ بي عَنْهُ ولا رَشأٌ فَرْدُ

محمدُ يا بنَ الهيثمَ انقلبتْ بنا … نَوَى خَطَأٌ في عَقْبِها لَوعَة ٌ عَمْدُ

وحقدٌ منَ الأيامِ، وهيَ قديرة ٌ … وشرٌّ السجايا قدرة ٌ جارها حقدُ

إساءة َ دهرٍ أذكرتْ حسنَ فعلهِ … إليِّ ولولا الشري لم يعرفِ الشهدُ

أما وأبي أحداثهٌ إنَّ حادثاً … حدا بي عنكَ العيسِ للحادثُ الوغدُ

مِنَ النَّكَبات النَّاكباتِ عَن الهَوَى … فمحبوبها يحبوُ ومكروهها يعدوُ

ليالينا بالرقتينِ وأهلها … سق العهدَ منكِ العهدُ والعهدُ والعهدُ

سَحَابٌ متى يَسحَبْ على النَّبتِ ذَيْلَهُ … فلا رجلق ينبو عليهِ ولا جعدٌ

ضربتُ لها بطنَ الزمانِ وظهرهُ … فَلَمْ أَلقَ مِنْ أَيَّامِها عِوَضاً بَعْدُ

لدى ملكٍ منْ أيكة ِ الجودِ لمْ يزلْ … على كَبِدِ المَعْروفِ مِنْ فِعْلِهِ برْدُ

رَقِيقِ حَواشِي الْحِلْمِ لَو أَنَّ حِلْمَهُ … بكفيكَ ما ماريتَ في انهُ بردُ

وذو سورة ٍ تفري الفريَ شباتها … ولا يَقطَعٌ الصَّمصَامُ لَيْسَ لَهُ حَدَ

ودَانِي الجَدَا تَأْتِي عَطايَاهُ مِنْ عَلٍ … ومنصبهُ وعرٌ مطالعهُ جردُ

فقدْ نزلَ المرتادُ منهُ بماجدِ … مواهبهُ غورٌ وسؤددهُ نجدُ


غَدا بالأماني لم يُرِقْ ماءَ وجْهِهِ … مطالٌ ولمْ يعقدْ بآمالهِ الردِّ

بأوفاهمُ برقاً إذا أخلفَ السنا … وأصدقهم رعداً إذا كذبَ الرعدُ

أَبَلهِمُ ريقاً وكَفّاً لِسَائلٍ … وأنضرهمْ وعداً، إذا صوحَ الوعدُ

كَريمٌ ، إذا ألقَى عَصاهُ مُخَيماً … بأرضٍ، فقدْ ألقى بها رحلهُ المجدُ

بهِ أَسْلَمَ المَعْروفُ بالشّامِ بَعْدَمَا … ثَوَى مُنذُ أَوْدَى خالِدٌ وهْو مُرْتَدُّ

فَتَى لا يَرَى بُدّاً مِنَ البَأْسِ والنَّدَى … ولا شيءٍ إلاَّ منهُ غيرهما بدُّ

حَبِيبٌ بَغِيضٌ عِنْدَ رَاميكَ عَنْ قِلَى … وسَيْفٌ على شَانِيك لَيْسَ لَهُ غِمْدٌ

وكمْ أمطرتهُ نكبة ٌ ثمَّ فرجتَ … وللهِ في تفريجها ولكَ الحمدُ

وكَمْ كانَ دَهْراً للحَوادِثِ مُضْغَة ً … فأضحتْ جميعاً وهيَ عنْ لحمهِ دردُ

تصارعهُ لولاكِ كلّ ملمة ً … ويعدو عليهِ الدهرُ منْ حيثِ لا يعدو

تَوَسَّطْتَ مِنْ أَبْنَاءِ سَاسَانَ هَضْبَة ً … لَهَا الكَنَفُ المَحْلُولُ والسَّنَدُ النَّهْدُ

بحيثُ انتمتْ زرقٌ الأجادلِ منهمُ … عُلوّاً وقَامَتْ عَنْ فَرائِسِها الأُسْدُ

ألمْ ترَ أنَّ الجفرَ جفركَ في العلى … قَريبُ الرشَاءِ لاَ جَرُورٌ ولا ثَمْدُ

إذَا صَدَرتْ عَنْهُ الأَعَاجِمُ كلُّهَا … فأَوَّلُ مَنْ يَرْوَى َ به بَعْدَها الأَزْدُ

لَهُمْ بِكَ فَخْرٌ لا الربابُ تُرِبُّهُ … بدعوى ولم تسعدْ بأيامهِ سعدُ

وكمْ لكِ عندي منْ يدِ مستهلة ٍ … عليَّ ولا كُفْرَانَ عِنْدِي ولا جَحْدُ

يدٌ يستذلُ الدهرُ في نفحاتها … ويَخْضَرُّ مِنْ مَعْرُوفِها الأُفقُ الوَرْدُ

ومِثْلِكَ قَدْ خَوَّلْتُهُ المَدْحَ جَازِياً … وإنْ كنتَ لا مثلٌ إليكِ ولا ندُّ

نَظَمْتُ لَهُ عِقْداً مِنَ الشعْرِ تَنْضُبُ الْـ … بحارُ وما دناهُ منْ حليها عقدُ

تَسِيرُ مَسِيرَ الشَّمْسِ مُطَّرَفَاتُها … وما السَّيْرُ مِنها لا العَنيقُ ولا الوَخْدُ

تروحُ وتغدو، بل يراحُ ويغتدي … بِها وهْيَ حَيْرَى لا تَرُوحُ ولا تَغدُو

تقطعُ آفاقَ البلادِ سوابقاً … وما ابتَلَّ مِنها لا عِذارٌ ولا خَدُّ

غَرَائِبُ ما تَنفَكُّ فِيهَا لُبَانَة ٌ … لِمُرتَجِزٍ يَحْدُو ومُرْتَجِلِ يَشدُو

إذا حضرتْ ساحَ الملوكِ تقبلتْ … عقائلُ منها غيرُ ملموسة ٍ ملدُ

أُهينَ لهَا ما في البُدُورِ وأُكْرِمَتْ … لديهمْ قوافيها كما يكرمُ الوفدِ


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page