أبو تمام

أهدِ الدموعَ إلى دارِ وما صحها قصيدة أبو تمام

أهدِ الدموعَ إلى دارِ وما صحها – أبو تمام


أهدِ الدموعَ إلى دارِ وما صحها … فَلِلْمَنَازِلِ سَهْمٌ في سَوَافِحَهَا

أشلى الزمانُ عليها كلَّ حادثة ٍ … وفرقة ٍ تظلمُ الدنيا لنازحها

حَلَفْتُ حَقّاً، لقَدْ قَلَّتْ مَلاَحتُهَا … بمنْ تخرمُ عنها منْ ملائحها

إِنْ تبْرَحَا وتَبَاريحي على كَبدٍ … ما تستقرُّ، فدمعي غيرُ بارحها

دَارٌ أُجِلُّ الهَوَى عنْ أن أُلِمَّ بها … في الركبِ إلاَّ وعيني منْ منائحها

إذا وصفتُ لنفسي هجرها جمحتْ … ودائعُ الشوقِ في أقصى جوانحها

وإنْ خَطَبْتُ إِليْهَا صَبْرَها جعَلَتْ … جِرَاحَة ُ الوَجْدِ تَدْمى في جَوَارِحِهَا

ما للفيافي وتلكَ العيسُ قد خزمتْ … فلمْ تظلمْ إليها منْ صحاصحها؟

فُتْلٌ إِذا ابْتَكَرَ الغَادي على أَمَلٍ … خلفنهُ يزجرُ الحسرى برائحها

تُصْغي إلى الحَدْوِ إصْغَاءَ القِيان إلى … نَغْمٍ إِذَا استغْرَبَتْهُ مِنْ مُطَارِحِهَا

حتَّى تَؤُوبُ كأَنَّ الطَّلْحَ مُعْتَرِضٌ … بشوكهِ في المآقي من طلائحها

إلى الأكارمِ أفعالاً ومنتسباًَ … لمْ يَرْتَعِ الذَّمُّ، يَوْماً، في طَوائِحها

آسَاسُ مَكَّة َ والدُّنْيا بِعُذْرِتِها … لَمْ يَنزِلِ الشَّيْبُ في مَثْنَى مسَائِحِها

قومٌ همُ أمنوا قبلَ الحمام بها … من بينِ ساجعها الباكي ونائحها

كانُوا الجِبالَ لها قَبْلَ الجِبالِ وهُمْ … سالوا ولمْ يكُ سيلٌ في أباطحها

والفَضْلُ إِنْ شَمِل الإظلامُ سَاحَتَها … مصباحها المتجلي منْ مصابحها

منْ خيرها مغرساً فيها ووسعها … شِعْباً تُحَطُّ إليه عِيرُ مادِحِها

لا تَفْتَ تُزْجِي فَتِيَّ العِيسِ سَاهِمَة ً … إلى فَتَى سِنها مِنْهَا وقَارِحِها

حتى تناولَ تلكَ القوسَ باريها … حقّاً وتُلقي زِنَاداً عنْدَ قَادِحِها

كأنَّ صاعقة ً في جوفِ بارقة ٍ … زئيرهُ واغلاً في أذنِ نابحها

سِنَانُ مَوْتٍ ذُعَافٍ مِن أَسَنَّتها … صفيحٌ تتحامى من صفائحها


ذُر تُدْرَإِ وإِبَاءٍ في الأُمورِ وهَلْ … جَواهِرُ الطَّيْرِ إلاَّ في جَوارِحِهَا

هشماً لأنفِ المسامي حينهُ فسما … لهاشمٍ، فضلها فيها ابنُ صالحها

ياحَاسِدَ الفَضْلِ لا أَعْرِفْكَ مُحْتَشِداً … لِغَمْرَة ٍ أَنْتَ عِنْدِي غَيْرُ سَابِحها

لكوكبٍ نازحٍ من كفٍّ لامسهِ … وصخرة ٍ وسمها في قرنِ ناطحها

ولاتَقُلْ إنَّنَا مِن نَبْعَة ٍ فلقَدْ … بانَتْ نَجائِبُ إبْلٍ مِنْ نَواضِحِها

سَميْدَعٌ يَتَغَطَّى مِن صَنائِعِه … كما تَغَطّى رجالٌ مِن فَضَائِحها

وفارة ُ المسكِ لا يخفي تضوعها … طولُ الحجابِ ولا يزري بفائحها

للّه دَرُّكَ في الخَوْدِ الَّتي طَمَحَتْ … مَا كَانَ أرقَاكَ يا هَذَا لِطَامِحِها

نقية ُ الجيبِ لا ليلٌ بمدخلها … في بَابِ عَيْبٍ ولاصُبْحٌ بِفَاضِحِها

أخذتها لبوة َ العريس ملبدة ً … في الغَابِ والنَّجْمُ أَدْنَى مِنْ مَنَاكِحِهَا

لَوْ أَنَّ غَيْرَ أبِي الأَشْبَالِ صافَحَها … شَكَّتْ بِمَخْلَبها كَفَّيْ مُصافِحِها

جاءتْ بصقرينِ غطريفينِ لو وزنا … بهضبِ رضوى إذاً مالا براجحها

بِهَاشِميَّيْنِ بَدْريَّيْنِ إِن لَحَجَتْ … مغَالِقُ الدَّهْرِ كانا مِن مَفَاتِحِها

نصلانِ قدْ أثبتا في قلبِ شائنها … نارينِ أوقدتا في كشحِ كاشحها

وكذبَ اللهُ أقولاً قرنتَ بها … بِحُجَّة ٍ تُسْرَجُ الدُّنْيَا بِوَاضِحها

مُضِيئَة ٍ نَطَقتْ فينا كما نَطقَتْ … ذبيحة ُ المصطفى موسى لذابحها

لئنْ قلبيكَ جاشتْ بالسماحة ِ لي … لقَدْ وَصَلْتُ بِشُكْرِي حَبْلَ ماتِحِهَا

وقدْ رأتني قريشٌ ساحباً رسني … إليْكَ عَنْ طَلْقها وَجْهَاً وَكالحها

إِذَا القَصَائِدُ كانَتْ مِنْ مَدَائِحهمْ … فأَنت لاشَك عِنْدي مِنْ مَدَائِحِها

وإنْ غرائبها أجدبنَ منْ بلدٍ … كانَتْ عَطاياكَ أَنْدَى مِنْ مَسارِحِها


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page