عَسَى وَطَنٌ يَدْنُو بهِمْ ولَعَلَّما قصيدة أبو تمام
عَسَى وَطَنٌ يَدْنُو بهِمْ ولَعَلَّما – أبو تمام
عَسَى وَطَنٌ يَدْنُو بهِمْ ولَعَلَّما … وأنْ تعتبَ الأيامُ فيهمْ فربَّما
لهمْ منزلٌ قد كان بالبيض كالمها … فَصِيحُ المَغَاني ثُمَّ أصبحَ أعجمَا
ورَدَّ عُيُونَ النَّاظِرينَ مُهَانَة ً … وقد كانَ مما يرجعُ الطرفُ مكرما
تبَدَّلَ غاشِيهِ بريمٍ مُسَلمٍ … تردى رداءَ الحسن طيفاً مسلِّما
ومن وشي خد لم ينمنمْ فرندُه … معالمَ يذكرنَ الكتابَ المنمنا
وبالحلْي إِنْ قَامَتْ تَرَنَّمَ فَوْقَها … حَماماً إذا لاقى حَمَاماً تَرَنَّما
وبالخَدْلة ِ السَّاقِ المُخَدَّمة ِ الشَّوَى … قَلائِصَ يَتْبَعْنَ العَبنَّى المُخَدَّما
سَوَارٍ إذا قاتَلْنَ مُمْتَنِعَ الفَلا … جَعَلْنَ الشَّعَارَيْنِ الجَدِيلَ وشَدْقَما
إلى حائِطِ الثَّغْرِ الذي يُورِدُ القَنَا … من الثغرة ِ الريا القليبَ المهدَّما
بسابغ معروف الأمير محمدٍ … حدا هجماتِ المال منْ كانَ مصرِما
وحطَّ الندى في الصامتينَ رحلَه … وكانَ زَمَاناً في عَدِي بن أخْزَما
يرَى العَلْقَمَ المَأْدُومَ بالعِز أريَة ً … يمانِيَة ً والأريَ بالضَّيْم عَلقَمَا
إذا فرشوهُ النصفَ ماتتْ شذاتُه … وإن رتُعوا في ظُلْمِهِ كانَ أظلَما
لقَدْ أصبحَ الثُّغْرَان في الدَّينِ بَعْدَما … رأوا سرعان الذلِّ فذاً وتوءمَا
وكنتَ لِنَاشيهمْ أَباً ولِكَهْلِهِم … أخاً ولذي التقويس والكبرة آبنما
ومَنْ كان بالبيض الكواعِب مُغْرَماً … فمَا زلْتَ بالبيض القَواضِب مُغْرما
ومنْ تيمت سمرُ الحسان وأدمُها … فمَا زلْتَ بالسُّمْر العَوالي مُتَيَّمَا
جدعتَ لهمْ أنفَ الضلال بوقعة ٍ … تَخَرَّمتَ في غَمَّائِها مَنْ تَخرَّمَا
لئنْ كانَ أمسى في عقرقسَ أجدَعا … لمنْ قبلُ ما أمسى بميمذ أخرما
ثَلِمْتَهُمُ بالمشْرَفي وقلَّما … تثلَمَ عزُّ القومِ إلا تهدَّما
قطعتَ بنانَ الكفرِ منهمْ بميمذٍ … وأتبعتها بالرومِ كفاً ومعصما
وكم جَبلٍ بالبذ مِنْهُمْ هدَدْتَه … وغاوٍ غوى حلَّمْتَه لو تحلَّما
ومُقْتَبَلٍ حَلَّتْ سُيُوفُكَ رَأْسَهُ … ثغاماً ولولا وقعُها كانَ عظلما
فلمَّا أَبَت أحكَامَه الشيْبَة ُ اغتَدَى … قناكَ لما قدْ ضيعَ الشيبُ محكما
إذا كنت للألوى الأصمِّ مُقوماً … فأوردْ وريديهِ الأصمَّ المقوَّما
ولما التقى البشرانِ أنقعَ بشرُنا … لِبشْرِهِمِ حَوْضاً مَنَ الصَّبْرِ مُفْعَما
وسَاعدَه تحتَ البَياتِ فَوارسٌ … تخالُهمُ في فحمة ِ الليلِ أنجُما
وقد نثرتهُمْ روعة ٌ ثمَّ أحدقوا … به مثلما ألفتَ عقداً مُنظَّما
بسافِر حُر الوَجْهِ لَوْ رَامَ سوْءَة ً … لَكانَ بجلباتِ الدُّجَى مُتَلثَّما
مثلتَ له تحتَ الظلامِ بصورة ٍ … على البعدِ أقنتهُ الحياءَ فصمَّما
كَيُوسُفَ لَمَّا أَنْ رَأَى أَمْرَ رَبه … وقدْ همَّ أن يعروريَ الذنبَ أحجمَا
وقدْ قالَ إما أن أغادرَ بعدَها … عظيماً وإما أن أغادرَ أعظُما
ونعمَ الصريخُ المستجاشُ محمدٌ … إذا حَنَّ نَوْءٌ لِلمَنايا وأرزَما
أشاحَ بفتيان الصباحِ فأكرهُوا … صدورَ القنا الخطيِّ حتى تحطما
هو افترع الفتحَ الذي سارَ معرِقاً … وأنجَدَ في عُلو البلادِ وأتْهَمَا
لَهُ وقْعة ٌ كانتْ سَدى ً فأنَرْتَها … بأخرى وخيرُ النصرِ ما كانَ مُلحَمَا
هُما طرفَا الدهر الذي كان عهدُنا … باوَّلهِ غُفْلاً فَقد صَارَ مُعْلَما
لقَدْ أذكرَانا بأْسَ عَمْروٍ ومُسْهرٍ … وَما كانَ مِنْ إسْفِنْدِيَاذَ ورُسْتَما
رأَى الرُّومُ صُبْحاً أنَّها هيَ إذْ رَأَوْا … غَداة َ التَقَى الزَّحْفَانِ انَّهما هَما
هزبرا غريفٍ شدَّ منْ أبهريهما … ومتنيهما قربُ المزعفرِ منهما
فأُعطِيتَ يَوْماً لَو تَمَنَّيْتَ مِثْلَه … لأعجَزَ رَيْعَانَ المُنى والتَّوهُّما
لحقتهما في ساعة ٍ لو تأخرتْ … لقدْ زجرَ الإسلامُ طائرَ أشأما
فلَوْ صَحَّ قَوْلُ الجَعْفَريَّة ِ في الذي … تنصُّ من الإلهامِ خلناك مُلهما
فإِنْ يَكُ نْصرَانِيّاً النَّهْرُ آلِسٌ … فقَدْ وَجَدُوا وَادِي عَقَرْقُسَ مُسْلِما
به سبتوا في السبتِ بالبيض والقنا … سُبَاتاً ثَوَوْا مِنه إلى الْحَشْرِ نُوَّما
فلوْ لمْ يقصرْ بالعروبة ِ لم يزلْ … لنَا عُمُرَ الأيامِ عِيداً ومَوْسِما
وما ذكر الدهرُ العبوسُ بأنَّه … له ابنٌ كيومِ السبتِ إلا تبسما
ولَمْ يَبْقَ في أرضِ البقلاَّر طائرٌ … ولا سَبُعٌ إِلاَّ وقَدْ بَاتَ مُولِما
ولا رَفَعُوا في ذلكَ اليَوْم إِثْلباً … ولا حَجَراً إلاَّ رأَوْا تَحْتَه دمَا
رُمُوا بابن حَرْب سَلَّ فيهمْ سُيُوفَه … فكانت لنا عرساً وللشركِ مأتما
أَفَظُّ بَني حَوّاءَ قَلْباً عليهمِ … ولم يقسُ منه القلبُ إلا ليرحما
إذا أجرموا قنا القنا من دمائهم … وإن لمْ يجدْ جُرما عليهم تجرَّما
هوَ الليثُ ليثُ الغابِ بأساً ونجدة ً … وإِنْ كان أحْيَا مِنْه وَجْهاً وأكرَمَا
أشدُّ ازدلافاً بينَ درعينِ مُقبلاً … وأحسنُ وجهاً بين بردينِ مُحرما
جَديرٌ إذا ما الْخَطْبُ طَالَ فلَمْ تُنَلْ … ذؤابته أنْ يجعل السيفَ سُلما
كَريمٌ إذا زُرْنَاهُ لَمْ يقتَصِرْ بنا … على الكرمِ المولودِ أو يتكرَّمَا
تَجَشَّمَ حَمْلَ الفَادِحَاتِ وقَلَّما … أقيمتْ صدور المجدِ إلا تجشما
وكنتُ أخَا الإعدَامِ لَسْنَا لِعَلَّة ٍ … فكم بكَ بعدَ العُدمِ أغنيتُ معدِما
وإذْ أَنَا مَمْنُونٌ عليَّ ومُنْعَمٌ … فأصبحتُ من خضراءِ نعماكَ منعما
ومنْ خدمَ الأقوامَ يرجُوا نوالهمْ … فإنِّي لمْ أخدمكَ إلا لأخدَما