أبو تمام

على مثلها من أربُعٍ وملاعبِ قصيدة أبو تمام

على مثلها من أربُعٍ وملاعبِ – أبو تمام


على مثلها من أربُعٍ وملاعبِ … أُذيلتْ مصوناتُ الدُّموعِ السَّواكبِ

أَقُولُ لِقُرْحَانٍ من البَيْنِ لَم يُضِفْ … رسيسَ الهوى تحتَ الحشا والتَّرائبِ

أَعِني أُفَرقْ شَمْلَ دَمْعي فإِنَّني … أرى الشَّملَ منهُمْ ليس بالمُتقاربِ

وما صارَ في ذا اليومِ عذلُكَ كلُّهُ … عدُوِّيَ حتَّى صار جهلكَ صاحبي

ومابِك إركابي مِن الرُّشْدِ مَرْكَباً … أَلا إِنَّما حَاوَلتَ رُشْدَ الرَّكائِبِ

فَكِلْنِي إلى شَوْقِي وسِرْ يَسِر الهَوَى … إلى حرُقاتي بالدُّموعِ السَّواربِ

أَمَيْدَانَ لَهْوِي مَنْ أَتاحَ لكَ البِلَى … فأصبحتَ ميدانَ الصَّبا والجنائبِ؟

أصابتكَ أبكارُ الخُطوب فشتَّتتْ … هوايَ بأبكار الظَّباءِ الكواعبِ

وركبٍ يُساقونَ الرِّكابَ زُجاجة ً … مِن السَّيْرِ لم تَقصِدْ لها كَفُّ قاطِبِ

فقد أَكَلُوا مِنها الغَوارِبَ بالسُّرَى … فصارتْ لها أشباحهمْ كالغواربِ

يُصَرفُ مَسْرَاها جُذَيْلُ مَشَارِقٍ … إِذا آبَهُ هُمٌّ عُذَيْقُ مَغَارِبِ

يَرى بالكَعَابِ الرَّوْدِ طَلْعَة َ ثائِرٍ … وبالعِرمسِ الوجناءِ غُرَّة َ آيبِ

كأَنَّ بهِ ضِغْناً عَلى كُل جانبٍ … من الأرضِ أو شوقاً إلى كلِّ جانبِ

إِذَا العِيسُ لاَقتْ بِي أَبَا دُلَفٍ فقَد … تَقَطَّعَ مابَيْني وبينَ النَّوائِبِ

هُنالكَ تلقى الجُودَ حيثُ تقطَّعتْ … تمائمهُ والمجدَ مُرخى الذَّوائبِ

تكادُ عطاياهُ يُجنُّ جنونها … إِذَا لم يُعَوذها بِنَغْمَة ِ طالبِ

إذا حرَّكتهُ هِزَّة ُ المجدِ غيَّرتْ … عَطَاياهُ أَسماءَ الأَمَانِي الكَواذِبِ

تكاد مغانيهِ تهشُّ عِراصُها … فتركبُ من شوقٍ إلى كلِّ راكبِ

إِذا ماغَدَا أَغدَى كَريمَة َ مالِهِ … هديّاً ولو زُفَّتْ لألأمِ خاطبِ

يرى أقبحَ الأشياءِ أوبة ََ آيبٍ … كَسَتْهُ يَدُ المأْمُول حُلَّة َ خَائِبِ

وأحسنُ من نورٍ تُفتَّحهُ الصَّبا … بَيَاضُ العَطايا في سَوادِ المطالِبِ

إِذا أَلجَمَتْ يَوْماً لُجَيْمٌ وَحَوْلها … بنو الحِصْنِ نجلُ المُحصناتِ النَّجائبِ


فإنَّ المنايا والصَّوارمَ والقنا … أقاربُهُمْ في الرَّوع دونَ الأقاربِ

جحافلُ لا يترُكنَ ذا جبريَّة ٍ … سَلِيماً ولا يَحرُبْنَ مَن لم يُحَارِبِ

يَمُدُّونَ مِنْ أَيْدٍ عَوَاصٍ عَواصِمٍ … تصُولُ بأسيافٍ قواضٍ قواضبِ

إِذَا الخَيْلُ جابَتْ قَسْطَلَ الحَرْبِ صَدَّعُوا … صدورَ العوالي في صُدُور الكتائبِ

إذا افتخرتْ يوماً تميمٌ بقوسها … وزَادَتْ على ما وَطَّدَتْ مِن مَناقِبِ

فأنتمْ بذي قارٍ أمالتْ سُيُوفكمْ … عروشَ الذين استرهنوا قوسَ حاجبِ

محاسنُ من مجدٍ متى تقرنوا بها … مَحاسِنَ أقوامٍ تَكُنْ كالمعايِبِ

مَكارِمُ لَجَّتْ في عُلُوٍّ كأَنَّها … تُحاوِلُ ثَأْراً عند بَعْضِ الكَواكِبِ

وقَد عَلِمَ الأَفْشِينُ وهْو الذِي بهِ … يُصَانُ رِدَاءُ المُلْكِ عَنْ كل جاذِبِ

بأنَّكَ لمَّا اسحنكك الأمرُ واكتسى … أَهابِيَّ تَسْفِي فِي وُجُوهِ التَّجارِبِ

تجلَّلتهُ بالرأي حتَّى أريتهُ … بهِ ملءَ عينيهِ مكان العواقبِ

بأَرْشَقَ إِذْ سالَتْ عليهم غَمامَة ٌ … جرتْ بالعوالي والعِتاقِ الشَّوازبِ

نضوتَ لهُ رأيينِ سيفاً ومُنصُلاً … وكلٌّ كنجمٍ في الدُّجنَّة ِ ثاقبِ

وكنتَ متى تُهززْ لخطبٍ تُغشِّهِ … ضرائبَ أمضى من رقاق المضاربِ

فَذِكْرُكَ في قَلْبِ الخَلِيفَة ِ بَعْدَها … خَلِيفَتُكَ المُقْفَى بِأَعْلَى المَراتِبِ

فإن تنسَ يذكُرْ أو يقُلْ فيكَ حاسدٌ … يَفِلْ قَوْلُهُ أَو تَنْأَ دارٌ تُصاقِبِ

فأَنْت لدَيْهِ حاضِرٌ غيرُ حاضِر … جميعاً وعنهُ غائبٌ غيرُ غائبِ

إِلَيْك أَرَحْنا عازِبَ الشعْر بَعْدَمَا … تمهَّلَ في روضِ المعاني العجائبِ

غَرَائِبُ لاقَت في فِنائِك أُنْسَها … مِن المَجْدِ فهْيَ الآنَ غَيْرُ غَرائبِ

ولوْ كانَ يفنى الشِّعرُ أفناهُ ما قرتْ … حِياضُكَ منهُ في العصور الذَّواهبِ

ولكنَّهُ صوبُ العقولِ إذا انجلتْ … سحائبُ منهُ أُعقبتْ بسحائبِ

أقولُ لأصحابي هو القاسمُ الذي … به شرحَ الجودُ التباسَ المذاهبِ

وإِني لأَرجُو أَنْ تَرُدَّ رَكائِبي … مواهبهُ بحراً تُرجَّى مواهبي


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page