أبو تمام

غدا الملكُ معموَ الحرا والمنازِلِ قصيدة أبو تمام

غدا الملكُ معموَ الحرا والمنازِلِ – أبو تمام


غدا الملكُ معموَ الحرا والمنازِلِ … مُنَورَوحْفِ الرَّوْضِ عَذْبَ المَناهِلِ

بمُعْتَصِمٍ باللهِ أَصْبَحَ مَلْجَأً … ومُعْتَصَماً حِرْزاَ لِكُل مُوَائِلِ

لقد ألبسَ اللهُ الإمامَ فضائلاً … وتابعَ فيها باللُّهى والفواضلِ

فأضحتْ عطاياهُ نوازعَ شرَّداً … تسائلُ في الآفاقِ عنْ كلِّ سائلِ

مَواهِبُ جُدْنَ الأَرْضَ حتَّى كأَنَّما … أخذْنَ بآدَابِ السَّحابِ الهَوَاطِلِ

إذا كانَ فخراً للممدّحِ وصفُه … بِيَوْمِ عِقَابٍ أَوْ نَدى ً مِنْهُ هَاملِ

فكمْ لحظة ٍ أهديتها لابن نكبة ٍ … فأصبحَ منها ذا عقابٍ ونائلِ

شهدْتُ أميرَ المؤمنينَ شهادة ً … كَثَيرٌ ذَوُو تَصْدِيقها في المحافلِ

لَقد لَبِسَ الأَفْشينُ قَسْطَلَة َ الوَغَى … مِحَشّاً بنَصْلِ السَّيْفِ غَيَرَ مُوَاكِلِ

وسارَتْ بهِ بينَ القنابلِ والقنا … عَزائِمُ كانَتْ كالقَنَا والقَنابِلِ

وجرَّدَ منْ آرائهِ حينَ أضرمَتْ … به الْحَرْبُ حدّاً مِثْلَ حَد المَنَاصِلِ

رأى بابَكٌ منه التي لا شوى لها … فَتُرْجَى سِوَى نَزْعِ الشَّوَى والمَفَاصِلِ

تراه إلى الهيجاء أولَ راكبٍ … وتحتَ صَبير المَوْتِ أَوَّلَ نَازِلِ

تسربلَ سربالاً من الصبر وارتدى … عليه بغضبٍ في الكريهة ِ قاصلِ

وقَدْ ظُللَتْ عِقْبَانُ أعلامِهِ ضُحى ً … بعقبان طيرٍ في الدماءِ نواهلِ

أقَامَتْ مع الرَّاياتِ حتَّى كأَنَّها … مِنَ الجيْشِ إِلاَّ أَنَّها لَمْ تُقَاتِلِ


فَلمَّا رَآهُ الخُرَّمِيُّونَ والقنَا … بوبلٍ أغاليه مُغيثَ الأسافلِ

رأَوْا مِنه لَيْثَاً فابذَعَرَّتْ حُمَاتهُمْ … وقدْ حكمَتْ فيهِ حُماة ُ العوامِلِ

عشية َ صدِّ البابكيُّ عن القنا … صدودَ المقالي لا صدود المجاملِ

تَحَدَّرَمِنْ لِهْبَيْهِ يَرْجُو غَنِيمَة ً … بساحة ِ لا الواني ولا المتخاذلِ

فكَانَ كشَاة ِ الرَّمْلِ قَيَّضَهُ الرَّدَى … لقانصه من قبلِ نصبِ الحبائلِ

وفي سنة ٍ قدْ أنفدَ الدَّهرُ عُظمها … فلمْ يُرْجَ مِنْها مُفْرَجٌ دُونَ قَابلِ

فكانتْ كنابٍ شارفِ السنِّ طرقتْ … بسَقْبٍ وكانَتْ في مَخِيلَة ِ حَائِلِ

وعاذَ بإطرافِ المعاقلِ مُعصماً … وأُنْسِيَ أَنَّ اللهَ فوقَ المعَاقِلِ

فوَلَّى وماأَبقَى الرَّدَى مِنْ حُماتِهِ … له غَيرَ أَسآرِ الرمَاح الذَّوابِلِ

أما وأبيهِ وهوَ مَنْ لا أبا لهُ … يُعدُّ لقدْ أمسى مضيءَ المقاتلِ

فتوحٍ أميرِ المؤمنينَ تفتَّحتْ … لهنَّ أزاهيرُ الرُّبا والخمائلِ

وعاداتُ نصرٍ لم تزلْ تستعيدها … عِصَابَة ُ حَقٍّ في عِصَابَة ِ بَاطِلِ

وما هوَ إلا الوحيُ أو حدُّ مرهفٍ … تُمِيلُ ظُباهُ أَخدَعَيْ كُل مَائِلِ

فهذا دواءُ الداءِ من كلِّ عالمٍ … وهَذا دَواءُ الدَّاءِ مِنْ كُل جَاهِلِ

فيا أيها النوامُ عن ريق الهدى … وقَدْ جَادَكُمْ مِنْ دِيْمَة ٍ بَعْدَ وَابِلِ

هُوَ الْحَقُّ إنْ تسْتَيْقِظُوا فيهِ تَغْنَمُوا … وإِنْ تَغْفُلُوا، فالسَّيْفُ لَيْسَ بغافِلِ


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page