يومَ الفراق لقدْ خلقتَ طويلا قصيدة أبو تمام
يومَ الفراق لقدْ خلقتَ طويلا – أبو تمام
يومَ الفراق لقدْ خلقتَ طويلا … لم تُبقِ لي جلداً ولا معقولا
لَوْ حارَ مُرتَادُ المَنِيَّة ِ لَمْ يُرِدْ … إلا الفراقَ على النفوسِ دليلا
قالوا الرَّحِيلُ فَما شَككْتُ بأُنَها … نفسي عن الدنيا تريد رحيلا
الصَّبرُ أَجمَلُ غَيْرَ أَن تَلَدُّداً … في الحُب أَحرَى أَنْ يكونَ جَمِيلا
أتظنني أجدُ السبيلَ إلى العزا … وجدَ الحمامُ إذاً إليَّ سبيلا
ردُّ الجموحِ الصعبِ أسهلُ مطلباً … من ردِّ دمعٍ قدْ أصابَ مسيلا
ذكرتكم الأنواءُ ذكري بعضكمْ … فبكتْ عليكمْ بكرة ً وأصيلا
وبنفسيَ القمرُ الذي بمحجَّر … أمسى مصوناً للنوى مبذولا
إني تأمَّلْتُ النَّوى فوجَدتُها … سَيْفاً عَليَّ معَ الهَوَى مسْلُولا
لا تأخذيني بالزمان، فليسَ لي … تبعاً ولستُ على الزمانِ كفيلا
مَنْ زَاحَفَ الأّيَّامَ ثُمَّ عَبَا لَها … غيرَ القناعة ِ لمْ يزلْ مفلولا
من كانَ مرعى عزمِهِ وهمومِهِ … رَوضُ الأَماني لَم يَزَل مَهْزُولا
لَوْ جَازَ سُلطانُ القُنُوعِ وحُكْمُهُ … في الْخَلْقِ ما كانَ القَلِيلُ قَليلا
الززْقَ لا تَكْمَدْ عليهِ فإنَّهُ … يَأْتي ولَمْ تَبْعَثْ إِليهِ رَسُولا
للّهِ دَرُّكِ أَيُّ مَعْبَرِ قَفْرَة ٍ … لا يُوحشُ ابنَ البيضة ِ الإجفيلا
بِنْتُ الفَضَاءِ متى تَخِدْ بِك لا تَدَعْ … في الصَّدْرِ مِنكَ على الفَلاة ِ غلِيلا
أو ما تراها، ما تراها، هزَّة ً … تشأى العيونَ تعجرفاً وذميلا
لوْ كانَ كلفها عبيدٌ حاجة ً … يوماً لأنسيَ شدقماً وجديلا
بالسَّكْسكي المَاتِعي تَمَتَّعتْ … هممٌ ثنتْ طرفَ الزمان كليلا
لا تدعونْ نوحَ بن عمروٍ دعوة ً … للخطبِ إلا أنْ يكونَ جليلا
يَقِظٌ إذاما المُشكلاتُ عَرَوْنَهُ … ألْفَيْنَهُ المُتَبَسَّمَ البُهْلُولا
ما زَالَ يُبرِمُهُنَّ حتَّى إِنَهُ … لَيُقالُ، ما خَلَقَ الإِلَهُ سَحِيلا
ثَبْتُ المَقَامِ يرَى القَبيلَة َ واحِداً … ويرى فيحسبُه القبيلُ قبيلا
كَمْ وَقْعَة ٍ لكَ في المَكارِمِ فَخْمَة ٍ … غادرْتَ فيها ما ملكتَ فتيلا
أوطأتَ أرضَ البُخلِ فيها غارة ً … تَركَتْ حُزونَ الْحَادَثات سُهُولا
فَرَأّيْتَ أكثَرَ ماحَبَوْتَ مِنْ اللُّهى … نَزْراً وأصغَرَ ما شُكِرْتَ جَزِيلا
لَمْ يَتَّرِكْ في المَجْدِ مَنْ جَعَلَ النَّدى … في مالِهِ لِلمُعتَفِينَ وَكِيلا
أَولَيسَ عمْروٌ بَثَّ في الناسِ النَّدَى … حتّى اشتَهَينا أَن نُصِيبَ بَخِيلا
أشدُدْ يديك بحبلِ نوحٍ مُعصماً … تلقاه حَبلاً بالندى موصُولا
ذَاكَ الَّذي إِنْ كَانَ خِلَّكَ لم تَقُلْ … يا لَيْتَني لَمْ أَتَّخِذْه خَليلا