أبو تمام

قَدْكَ ائَّئِبْ أَرْبَيْتَ في الغُلَوَاءِ قصيدة أبو تمام

قَدْكَ ائَّئِبْ أَرْبَيْتَ في الغُلَوَاءِ – أبو تمام


قَدْكَ ائَّئِبْ أَرْبَيْتَ في الغُلَوَاءِ … كَمْ تَعْذِلُونَ وَأَنْتُمُ سُجَرَائِي 

لا تسقني ماءَ الملامِ فإنَّني … صبٌّ قدِ استعذبتُ ماءَ بُكائي

ومُعرَّسٍ للغيثِ تخفقُ بينهُ … رَايَاتُ كل دُجُنَّة ٍ وَطْفَاءِ

نَشَرَتْ حَدَائِقَهُ فَصِرْنَ مَآلِفاً … لِطَرَائِفِ الأَنْوَاءِ والأَنْدَاءِ

فَسَقَاهُ مِسْكَ الطَّلَّ كَافُورُ الصَّبَا … وانْحَلَّ فيهِ خَيْطُ كُل سَماءِ

غُني الرَّبيعُ بروضهِ، فكأنَّما … أَهْدَى إِلَيْهِ الوَشْيَ مِنْ صَنْعَاءِ

صبَّحتُه بسُلاَفَة ٍ صَبَّحتُهَا … بِسُلاَفَة ِ الْخُلَطَاءِ والنُّدَمَاءِ

بمُدَامَة ٍ تَغْدُو المُنَى لِكُؤُوسِهَا … خَوَلاً عَلى السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ

راحٌ إذا ما الرَّاحُ كنَّ مطيَّها … كَانَتْ مَطَايا الشَّوْقِ في الأَحْشَاءِ

عِنَبِيَّة ٌ ذَهَبِيَّة ٌ سكَبتْ لَهَا … ذهبَ المعاني صاغة ُ الشُّعراءِ

أكلَ الزَّمانُ لطولِ مكثِ بقائها … مَا كَانَ خَامَرَهَا مِنَ الأَقْذَاءِ

صَعُبَتْ وراضَ المزجُ سيِّءَ خُلقها … فتعَّلمتْ من حسنِ خلق الماءِ

خرقاءُ يلعبُ بالعقولِ حبابها … كتلعُّبِ الأفعالِ بالأسماءِ

وضعيفة ٌ فإذا أصابتْ فرصة ً … قَتَلَتْ، كذلِكَ قُدْرَة ُ الضُّعَفَاءِ

جَهْمِيَّة ُ الأَوْصَافِ إِلاَّ أنَّهُمْ … قد لقَّبوها جوهرَ الأشياءِ


وكأنَّ بهجتها وبهجة ََ كأسها … نَارٌ ونُورٌ قُيدَا بِوِعَاءِ

أَوْ دُرَّة ٌ بَيْضَاءُ بِكْرٌ أُطْبِقَتْ … حبلاً على ياقوتة ٍ حمراءِ

ومَسَافَة ٍ كَمَسَافَة ِ الهَجْرِ ارْتَقَى … في صدرِ باقي الحبِّ والبُرحاءِ

بيدُ لنسلِ العيدِ في أملودها … ما ارتيدَ من عيدٍ ومن عدواءِ

مزَّقتُ ثوبَ عكوبها بركوبها … والنَّارُ تَنْبُعُ مِنْ حَصَى المَعْزَاءِ

وإلى ابن حسَّان اعتدتْ بي همَّة ٌ … وقفتْ عليهِ خلّتي وإخائي

لمَّا رأيتُكَ قدْ غذوْت مودَّتي … بالبِشْرِ واسْتَحْسَنْتَ وَجْهَ ثَنَائِي

أَنْبَطْتُ في قَلْبِي لِوَأْيِكَ مَشْرَعاً … ظلَّتْ تحومُ عليهِ طيرُ رجائي

فثَوَيْتُ جَاراً لِلْحَضِيضِ وَهِمَّتِي … قَدْ طُوقَتْ بكَواكِبِ الجَوْزاءِ

إِيهِ فَدتْكَ مغَارِسي ومَنَابِتِي … إطرَحْ غَنَاءَكَ في بُحُورِ عَنَائِي

يسِّرْ لقولكَ مهرَ فعلكَ إنَّهُ … يَنْوِي افتضَاضَ صنِيعَة ٍ عَذرَاءِ

وإلى مُحَمّدٍ ابْتَعَثْتُ قَصَائِدِي … ورفعتُ للمستنشدين لوائي

وإذا تشاجرتِ الخطوبُ قريتها … جدلاً يقلُّ مضاربَ الأعداءِ

يا غاية الأدباءِ والظُّرفاءِ بلْ … يا سَيدَ الشُّعَرَاءِ والخُطَبَاء

يَحْيى بنَ ثَابِتْ الّذِي سَنَّ النَّدَى … وَحَوَى المكَارمَ مِنْ حَياً وحَياء


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page