أبو تمام

آلتْ أُمُورُ الشرْكِ شَرَّ مآلِ قصيدة أبو تمام

آلتْ أُمُورُ الشرْكِ شَرَّ مآلِ – أبو تمام


آلتْ أُمُورُ الشرْكِ شَرَّ مآلِ … وأَقَرَّ بَعْدَ تَخَمُّطٍ وصِيَالِ

غضب الخليفة ُ للخلافة ِ غضبة ً … رَخُصَتْ لها المُهجَاتُ وهْيَ غَوالي

لمّا انتضى جهلَ السيوفِ لبابكٍ … أغمدْنَ عَنْهُ جُهَالَة َ الجُهَّالِ

فلأذربيجانَ اختيالٌ بعدما … كانَتْ مُعَرَّسَ عَبْرَة ٍ وَنَكَالِ

سَمُجَتْ ونَبَّهَنا على اسْتِسْمَاجِها … مَا حَوْلَها مِنْ نَضْرَة ٍ وجَمالِ

وكَذَاكَ لم تُفْرِطْ كآبَة ُ عَاطِلٍ … حتى يجاورها الزمان بحالي

أطلَقْتَها مِنْ كَيْدِهِ وكأنَّما … كانت به معقولة ً بعقالِ

خُرُقٌ مِن الأيَّامِ مَدَّ بضَبْعِه … صعداً وأعطاهُ بغير سؤالِ

خافَ العَزيزُ بهِ الذَّلِيلَ وغُودِرَتْ … نبعاتُ نجدٍ سجداً للضالِ

قدْ أترعتْ منه الجوانحُ رهبة ً … بَطَلَتْ لدَيْها سَوْرَة ُ الأبطَالِ

لو لمْ يزاحفهم لزاحفهمْ لهُ … ما في صدورهمُ من الأوجالِ

بَحْرٌ مِنَ المكْرُوهِ عَبَّ عُبَابُه … ولقدْ بدا وشلاً من الأوشالِ

جفَّتْ به النعمُ النواعمُ وانثنتْ … سرجُ الهدى فيهِ بغير ذُبالِ

وأباحَ نصل السيفِ كلَّ مرشَّحٍ … لم يحمرِرْ دمُهُ منَ الأطفالِ

ما حلَّ في الدنيا فواقَ بكية ٍ … حتَّى دَعَاهُ السَّيْفُ بالتَّرْحَالِ

رُعْباً أَراهُ أَنَّه لَمْ يَقْتُلِ الآ … سَادَ مَنْ أبقَى على الأشبالِ

لو عاينَ الدجَّالُ بعض فعالهِ … لانهَلَّ دَمْعُ الأَعْوَرِ الدجَّالِ

أعطى أمير المؤمنين سيوفهُ … فيه الرضا وحكومة المقتالِ

مستيقناً أن سوف يمحو قتلُه … ماكانَ مِنْ سَهْوٍ ومنْ إغفَالِ

مِثلُ الصَّلاة ِ إذا أُقيمَتْ أَصلَحت … ماقَبْلَها مِنْ سَائرِ الأعمَالِ

فرماهُ بالأفشين بالنجم الذي … صدَعَ الدُّجَى صَدْعَ الردَاءِ البَالي

لاقاهُ بالكاوي العنيف بدائه … لمَّا رَآهُ لَمْ يُفِقْ بالطَّالي

يا يومَ أرشقَ كنتُ رشقَ منية ٍ … للخرمية ِ صائبِ الآجالِ

أَسْرى بنُو الإسلامِ فيه وأَدْلَجُوا … بقلوبِ أُسدٍ في صدورِ رجالِ

قَدْ شَمَّروا عَن سُوقِهِمْ في سَاعة ٍ … أمرَتْ إزارَ الحربِ بالإسبالِ

وكذَاكَ ما تَنْجَرُّ أذَيالُ الوَغَى … إلاَّ غَدَاة َ تَشَمُّرِ الأذَيالِ

لَمَّا رآهُمْ بَابَكٌ دُونَ المُنَى … هجرَ الغواية بعدَ طول وصالِ

تخذَ الفرارَ أخاً وأيقن أنهُ … صِريُّ عَزْمٍ مِنْ أَبي سَمَّالِ

قدْ كان حزنُ الخطبِ في أحزانِه … فَدَعَاهُ دَاعي الْحَيْنِ للإسهَالِ

لبستْ لهُ خدعُ الحروبِ زخارفاً … فرقنَ بين الهضبِ والأوعالِ

وَوَرَدْنَ مُوقَاناً عليهِ شَوَازِباً … شُعْثاً بشُعْبٍ كالقَطَا الأرسَالِ

يَحْمِلْنَ كُلَّ مُدَجَّجٍ سُمْرُ القَنَا … بإهابهِ أولى من السربالِ

خَلَطَ الشَّجاعَة بالْحَيَاءِ فأصبحَا … كالْحُسْنِ شِيبَ لِمُغْرَمٍ بدَلالِ

فَنَجَا ولَوْ يَثْقَفْنَهُ لَتَرَكْنَه … بالقَاعِ غيْرَ مُوَصَّلِ الأوصَالِ

وانصَاع عَنْ مُوقَانَ وَهْيَ لِجُندِه … وَلَهُ أَبٌ بَرٌّ وأُمٌّ عِيَالِ

كم أرضعته الرسلَ لو أنَّ القنا … تَرَكَ الرضَاعَ لَهُ بغَيْر فِصَالِ

هيْهَات رُوعَ رُوعُهُ بفَوارِسٍ … في الحرْبِ لا كُشُفٍ ولا أَمَيالِ

جعَلُوا القَنَا الدَّرجَاتِ للكَذجَاتِ ذا … تِ الغِيلِ والحَرَجاتِ والأدحَالِ

فَأُولاَكَ هُمْ قَدْ أصبَحُوا وشُرُوبُهُمْ … يتنادمُون كؤوسَ سوءِ الحالِ

ماطَالَ بَغيٌ قَطُّ إلاَّ غادَرَتْ … غلواؤه الأعمار غيرَ طوالِ

وبهَضْبَتَيْ أَبرَشْتَويمَ ودَرْوَذٍ … لقحتْ لقاحَ النصرِ بعد حيالِ


يومٌ أضاءَ به الزمانُ وفتحتْ … فيه الأسنة ُ زهرة َ الآمالِ

لَوْلا الظَّلامُ وقُلَّة ٌ عَلِقُوا بها … باتت رقابهم بغير قلالِ

فَلْيَشكُروا جُنْحَ الظَّلامِ وَدَرْوَذاً … فهمُ لدروذ الظلامِ موالي

وسروا بقارعة البياتِ فزحزحوا … بقراعِ لا صلفٍ ولا مختالِ

مهرَ البياتَ الصبرَ في متعطفٍ … الصَّبْرُ وَالٍ فيهِ فَوْقَ الوَالي

ماكانَ ذَاكَ الهَوْلُ أَجْمَعُ عِنْدَه … مَعَ عَزْمهِ إلاَّ طُرُوقَ خَيَالِ

وَعَشِيَّة ُ التَّل الّذي نَعَشَ الهُدَى … أصلٌ لها فخمٌ من الآصالِ

نَزَلَتْ مَلائِكَة ُ السَّماءِ عليْهمُ … لمَّا تَدَاعى المسلمونَ نَزَالِ

لم يُكْسَ شَخْصٌ فَيْئَهُ حتَّى رَمى … وَقْتُ الزَّوال نَعِيمَهمْ بزَوَالِ

بَرزَتْ بهمْ هَفَواتُ عِلْجهمُ وقَدْ … يردي الجمالَ تعسفُ الجمالِ

فكأنَّما احتالتْ عليه نفسه … إِذْ لم تَنَلْهُ حيلَة ُ المُحْتَالِ

فالبذُّ أغبرُ دارسُ الأطلالِ … لِيَدِ الرَّدَى أُكُلٌ مِنَ الآكالِ

ألوتْ به، يومَ الخميس، كتائبٌ … أرسَلْنَه مَثَلاً مِنَ الأمثَالِ

مَحْوٌ مِنَ البيض الرقاق أَصابَهُ … فعفاهُ لا محوٌ من الأحوالِ

ريحانِ من صبرٍ ونصرٍ أبليا … ربعيهِ لا ريحا صباً وشمالِ

لفحتْ سمومُ المشرفية ِ وسطهُ … وهجاً وكنَّ سوابغَ الأظلالِ

كَمْ صَارمٍ غَصْبٍ أنافَ على فَتًى … مِنهمْ لأعْبَاءِ الوَغَى حَمَّالِ

سَبقَ المَشيبَ إليْهِ حتَّى ابتزَّهُ … وطنُ النهى من مفرقٍ وقذالِ

… قد ماتَ صبراً ميتة َ الرئبالِ

أبنا بكلِّ خريدة ٍ قد أنجزَتْ … فيها عداتُ الدَّهرِ بعدَ مطالِ

خاضت محاسِنها مخاوفُ غادرتْ … ماءَ الصبا والحسنِ غير زلالِ

أُعْجلْنَ عَنْ شَد الإزَارِ ورُبَّما … عُودْنَ أَنْ يَمْشِينَ غيرَ عِجَالِ

مسترْ دفاتٍ فوقَ جُردٍ أوقرتْ … أكْفَالُهَا مِنْ رُجَّحِ الأَكَفَالِ

بُدَّلْنَ طُولَ إَذَالَة ٍ بَصِيَانَة ٍ … وكسورَ خيمٍ من كسورِ خجالِ

وَنَجَا ابنُ خائِنَة ِ البُعُولَة ِ لَوْ نَجا … بمُهَفْهَفٍ الكَشْحَيْن والآطَالِ

خلَّى الأحبة َ سالماً لا ناسياً … عُذْرُ النَّسي خِلافُ عُذْر السَّالي

هَتَكتْ عَجَاجَتَه القَنا عَنْ وَامِقٍ … أهدَى الطعَانُ له خَليقَه قَالِ

إنَّ الرماحَ إذا غرسنَ بمشهدٍ … فجنى العوالي في ذراهُ معالِ

لمَّا قضى رمضانُ منهُ قضاءهُ … شالتْ بهِ الأيامُ في شوالِ

مازالَ مغلولَ العزيمة ِ سادراً … حتى غدا في القيدِ والأغلالِ

مستسبلاً للبأسِ طوقاً من ذمٍ … لمّا اسْتَبانَ فَظَاظَة َ الخَلْخَالِ

ما نيلَ حتى طارَ من خوفِ الردى … كُلَّ المَطارِ وجالَ كُلَّ مَجَالِ

والنحرُ أصلحُ للشرودِ، وما شفى … منه كنحرٍ بعدَ طولِ كلالِ

… من عافَ متن الأسمرِ العسَّالِ

لا كعبَ أسفلُ موضعاً من كعبه … مع أنَّهُ عنْ كلِّ كعبٍ عالِ

سامٍ كأنَّ العزَّ يجذبُ ضبعَهُ … وسموُّهُ منْ ذلة ٍ وسفالِ

مُتفرغٌ أَبداً وليسَ بفارغٍ … مَنْ لاسَبيلَ لَهُ إلى الأشغالِ

فاسلمْ أميرَ المؤمنينَ لأمة ٍ … أَبدَلْتَها الإمرَاعَ بالإمحَالِ

أَمسَى بِكَ الإسلاَمُ بَدْراً بَعْدَ مَا … محقتْ بشاشته محاقَ هلالِ

أَكملْتَ مِنْه بَعْدَ نَقصٍ كلَّ ما … نقصتهُ أيدي الكفر بعدَ كمالِ

ألبستهُ أيامَكَ الغرَّ التي … أيامُ غيركَ عندهُنَّ ليالي

وعَزَائماً في الرَّوْعِ مُعتَصِميَّة ً … ميمونة َ الإدبارِ والإقبالِ

فتعمقُ الوزراءِ يطفوا فوقها … طفو القذى وتعقبُ العُذَّالِ

والسَّيْفُ مالَمْ يُلفَ فيهِ صَيْقَلٌ … من طبعهِ لم ينتفعْ بصقالِ


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page