أبو تمام

أفنى وليلي ليسَ يفنى آخرهُ قصيدة أبو تمام

أفنى وليلي ليسَ يفنى آخرهُ – أبو تمام


أفنى وليلي ليسَ يفنى آخرهُ … هاتا مواردهُ فأينَ مصادرهُ؟

نامتْ عيونُ الشامتينَ تيقناً … أنْ ليسَ يَهْجَعُ والهُمومُ تسامِرُهْ

أَسرَ الفِراقُ عَزاءَهُ وَنأى الّذي … قدْ كانَ يستحييهِ إذْ يستاسرهُ

لا شيءَ ضائرُ عاشقٍ، فإذا نأى … عَنْه الْحَبيبُ فَكُلُّ شيءٍ ضَائِرُهْ

يا أيهاذا السائلي أنا شارحٌ … لكَ غائبي حتى َّ كأنكَ حاضرهُ

إني ونصراً والرضا بجوارهِ … كالبَحْرِ لا يَبْغي سِوَاهُ مُجَاوِرُهْ

ما إنْ يَخافُ الخَذْلَ من أيَّامِهِ … أحدٌ تيقنَ أنَّ نصراً ناصرهُ

يَفْدِي أبَا العبّاسِ مَن لم يَفْدِهِ … مِنْ لائِميهِ جِذْمُهُ وعَنَاصِرُهْ

مسْتَنِفرٌ للمَادِحينَ، كأنَّما … آتيهِ يمدحهُ أتاهٌ يفاخرهُ


ماذا ترى فيمنْ رآكَ لمدحهِ … أهلاً وصارتْ في يديكِ مصايرهُ

قَدْ كابَرَ الأحْدَاثَ حتَّى كَذَّبَتْ … عَنْهُ ولكنَّ القَضَاءَ يُكابِرُهْ

مُرْ دَهْرَهُ بالكَف عَنْ جَنَبَاتِه … فالدَّهْرُ يَفْعَلُ صاغِراً ما تأمُرُهْ

لاتَنْسَ مَنْ لم يَنْسَ مدْحَك والمُنَى … تحتَ الدجى يزعمنَ أنكَ ذاكرهُ

أُبْكُرْ فَقَدْ بَكَرتْ عليْكَ بِمَدْحِهِ … غررُ القصائدِ خيرُ أمرٍ باكرهُ

لاقاكَ أولهُ بأولِ شعرهِ … فأهِبْ بأوَّلِهِ يَكُنْ لكَ آخِرُهْ

لاشَيءَ أَحْسَنُ مِنْ ثَنائيَ سَائراً … ونداكَ في أفقِ البلادِ يسايرهُ

وإذا الفتى المأْمُولُ أنجَحَ عَقْلَهُ … في نَفْسِهِ وَنَداهُ أنجَحَ شَاعِرُهْ


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page