أيُّ ندى بينَ الثرى والحبوبِ قصيدة أبو تمام
أيُّ ندى بينَ الثرى والحبوبِ – أبو تمام
أيُّ ندى بينَ الثرى والحبوبِ … وسؤددٍ لدنٍ ورأيٍ صليبِ
ياابنَ أبي رِبْعِيٍّ اسْتُقْبِلَتْ … من يومكَ الدنيا بيومِ عصيبِ
شَقَّ جُيُوباً مِنْ رِجَالٍ لو … اسطاعوا لشقوا ما وراءَ الجيوبِ
كنتَ على البُعْدِ قَرِيباً فَقَدْ … صرتَ على قربكَ غيرَ القريبِ
رَاحَتْ وُفُودُ الأرضِ عن قَبْرِهِ … فارغة َ الأيدي ملاءَ القلوبِ
قد عَلِمَتْ مارُزِئتْ إنَّما … يُعْرَف فَقْدُ الشَّمسِ بعدَ الغُرُوبِ
إذا البَعِيدُ الوطنِ انتَابَه … حلَّ إلى نهي وجزعٍ خصيبِ
أدنَتْه أَيْدِي العِيسِ مِنْ سَاحة ٍ … كأنَّها مَسْقَطُ رَأْسِ الغَرِيبِ
أظلَمَتِ الآمالُ مِنْ بَعْدِهِ … وعُريِتْ مِنْ كل حُسْنٍ وطِيبِ
كانَتْ خُدُوداً صُقِلَتْ بُرْهَة ً … فاليومَ صارتْ مألفاً للشحوبِ
كَمْ حاجَة ٍ صارَتْ رَكُوبَاً بهِ … ولم تَكُنْ مِنْ قَبْلِهِ بالرَّكُوبِ
حلَّ عقاليها كما أطلقتْ … مَنْ عُقَدِ المُزْنَة ِ ريحُ الجَنُوبِ
إذا تيممناه في مطلبٍ … كانَ قليباً أو رشاءَ القليبِ
ونعمة ٍ منهُ تسربلتها … كأنَّها طرة ُ ثوبٍ قشيبِ
مِن اللَّواتي إنْ وَنَى شاكِرٌ … قامَتْ لِمُسْديها مَقَامَ الخَطِيبِ
متى تنخْ ترحلْ بتفضيلهِ … أَوْ غَابَ يوماً حَضَرتْ بالمَغيبِ
فما لنا اليومَ ولا للعلى … مِنْ بَعْدِهِ غَيْرُ الأَسَى والنَّحيبِ