أبو تمام

سَعِدَتْ غَرْبَة ُ النَّوى بِسُعَادِ قصيدة أبو تمام

سَعِدَتْ غَرْبَة ُ النَّوى بِسُعَادِ – أبو تمام


سَعِدَتْ غَرْبَة ُ النَّوى بِسُعَادِ … فهيَ طوعُ الإتهامِ والإنجادِ

فارَقتْنَا ولِلْمَدَامِعِ أَنْوَا … ءٌ سَوَارٍ عَلَى الخُدُودِ غَوَادِ

كُلَّ يَومٍ يَسْفَحْنَ دَمْعَاً طَريفاً … يُمْتَرَى مُزْنُهُ بشَوْقٍ تِلادِ

واقعاً بالخدودِ والحرِّ منهُ … واقعٌ بالقلوبِ والأكبادِ

وعلى العيسِ خردٌ يتبسم … نَ عنِ الأشنبِ الشتيتِ البرادِ

كان شوكَ السيالِ حسناً فأمسى … دونهُ للفراقِ شوكُ القتادِ

شابَ رأسي ، وما رأيتُ مشيبَ الرأ … سِ إلاَّ منْ فضلِ شيبِ الفؤادِ

وكَذاكَ القُلُوبُ في كُل بُؤْسٍ … ونَعِيمٍ طَلائعُ الأجْسَادِ

طَالَ إنْكَارِيَ البَيَاضَ وإِنْ عُمرْ … تُ حيناً، أنكرتُ لونَ السوادِ

نَالَ رَأْسِي منْ ثُغْرَة ِ الهم مالَمْ … يَسْتَنِلْهُ مِنْ ثُغْرة ِ المِيلادِ

زارني شخصهُ بطلعة ضيمٍ … عمرتْ مجلسي من العوادِ

يَا أَبا عبد اللَّه أَوْرَيْتَ زَنْدَاً … في يدي كان دائمَ الإصلادِ

أنت جبتَ الظلامَ عن سبل الآ … لِ إذْ ضلَّ كلُّ هادٍ وحادِ

فكأنَّ المغذِّ فيها مقيمٌ … وكأَنَّ السّاري عَلَيْهِن غَادِ

وضياءُ الآمالِ أفسحُ في الطر … فِ وفي القلبِ منْ ضياءِ البلادِ

كان في الأَجْفَلَى وفي النَّقَرَى عُرْ … فُكَ نَضْرَ العُمومِ نَضْرَ الوِحَادِ

ومنَ الحظِّ في العلى خضرة ُ المعرو … ف في الجَمْعِ منْهُ والإِفْرَادِ

كُنْتُ عَنْ غَرْسِهِ بعيداً فأَدْنَتْـ … ـنِي إليه يَداكَ عنْدَ الجِدَادِ

سَاعَة ً لو تَشاءُ بالنصْف فيها … لمنعتَ البطاءَ خصلَ الجيادِ

لَزِمُوا مَرْكزَ النَّدَى وذَرَاهُ … وعدتنا عنْ مثل ذاكَ العوادي

غيرَ أنَّ الرب إلى سبلِ الأنوا … ءِ أدنى والحظُّ حظُّ الوهادِ


بعدما أصلت الوشاة ُ سيوفاً … قَطعَتْ فيَّ وهْيَ غَيْرُ حِدَادِ

من أَحَاديثَ حينَ دَوَّخْتَها بالرّأْ … ي كانتْ ضعيفة َ الإسنادِ

فنَفَى عنْكَ زُخْرُفَ القَوْلِ سَمْعٌ … لمْ يَكُنْ فُرْصَة ً لغَيْرِ السَّدَادِ

ضَرَبَ الحلْمُ والوقارُ عليْه … دُونَ عُورِ الكلاَمِ بالأَسْدَادِ

وحوانٍ أبتْ عليها المعالي … أَنْ تُسَمَّى مَطِيَّة َ الأَحْقَادِ

ولعمري أنْ لو أضحتَ لأقدم … تَ لحتفي ضغينة َ الحسادِ

حملَ العبءَ كاهلٌ لكَ أمسى … لخطوبِ الزمان بالمرصادِ

عَاتقٌ مُعْتَقٌ منَ الهُونِ إلاَّ … منْ مُقَاسَاة مَغْرَمٍ أَو نَجادِ

للحمالات والحمائل فيه … كلحوب المواردِ الأعدادِ

مُلئَتْكَ الأَحْسَابُ أَيُّ حيَاءٍ … وحَيَا أَزْمَة ٍ وحَيَّة ٍ وَادِ

لَوْ تَرَاخَتْ يَدَاكَ عَنْهَا فُوَاقاً … أكلتها الأيامُ أكلَ الجرادِ

أنتَ نَاضَلْتَ دُونَها بِعَطَايَا … رَائحاتٍ عَلَى العُفَاة غَوَادي

فإذا هلهلَ النوالُ أتتنا … ذاتَ نيرينِ مطبقاتُ الأيادي

كُلُّ شَيءٍ غَثٌّ إِذَا عَادَ والـ … معروفُ غثٌّ ما كانَ غيرَ معادِ

كَادَتِ المَكْرُمَاتُ تَنْهَدُّ لَوْلاَ … أنها أيدتْ بخيرِ إيادِ

عندهمْ فرجُ اللهيف وتص … ديقُ ظنونِ الزوارِ والروادِ

بِأَحَاظِي الجُدُود لا بلْ بِوْشكِ … الجد لا بلْ بسُؤْدَد الأجدَادِ

وكأنَّ الأعناقَ يومَ الوغى أوْ … لَى بِأَسْيَافهمْ منَ الأَغْمَادِ

فإذا ضلتِ السيوفُ غداة َ الرو … عِ كانتْ هوادياً للهوادي

قد بَثَثْتُمْ غَرْسَ المَودَّة والشَّحْـ … ـنَاءِ في قَلْب كل قَارٍ وَبادِ

أبغَضُوا عزَّكُمْ ووَدُّوا ندَاكُمْ … فقروكمْ من بغضة ٍ وودادِ

لاعَدَمْتُمْ غَريب مَجْدٍ رَبَقْتُمْ … في عُرَاهُ نَوافرَ الأَضْدَاد


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

You cannot copy content of this page