يُباينُ شكلٌ غيرَه، في حَياتِه، قصيدة أبوالعلاء المعري
يُباينُ شكلٌ غيرَه، في حَياتِه، – أبوالعلاء المعري
يُباينُ شكلٌ غيرَه، في حَياتِه، … فإنْ هَلَكا، لم تُلفِ، بينهما، فَرْقا
ومَن يَفتَقِدْ حالَ الزّمانِ وأهلَه، … يذُمُّ بهم غَرْباً، من الأرضِ، أو شرقا
يجدْ قولَهمْ مَيناً، ووِدَّهُمُ قِلًى، … وخَيرَهمُ شرّاً، وصَنعَتَهمْ خُرْقا
وبِشرَهُمُ خَدْعاً، وفَقرَهمُ غِنىً، … وعِلمَهمُ جَهلاً، وحِكمتَهم زَرقا
أحيَّ كلابٍ كم رعَى النّبتَ قَبلكم … فريقٌ، وشاموا، في حَنادِسهم، برْقا
وصابوا على عافٍ، وآبوا إلى رضًى، … وجابُوا إلى عَلياءَ نازحةٍ خَرْقا
وليلاً طَلَى قاراً بقارٍ، وأُكمُهُ … مراقبَةٌ، من شُهبِه، حَدَقاً زُرْقا
إذا نَشأتْ فيهِ الغَمامةُ خِلتَها، … بإيماضِها، زِنجِيّةً فصَدَتْ عِرْقا
ومَرّوا بمقصودِ الحِمامِ، فغادروا … خوالِدَ ضمّتْ فيهِ أفرُخَها الوُرْقا
رأينا شؤونَ الدّهرِ خَفضاً ورِفعَةً، … ونحنُ أُسارى، في الحوادثِ، أو غرْقى
هوى مُعتلٍ، كالغيثِ مِ المُزْنِ، واعتلى … خفيضٌ، كنقعٍ، من لدُنْ حافرٍ، يرْقى
فَلا تأمَنوا شاميّةً يَمَنيّةً … تُعادي، فلا تُبقي خِباءً ولا فِرقا
يُخَرِّقُ، دِرْعَ المَرءِ، سمرُ رِماحِها، … وإنْ كانَ مُرّاً، في مَذاقته، خَرقا
إذا طَلَبوا أقصى العُلا اتّخَذوا له، … بصُمّ العَوالي، في ترائبِكم، طُرْقا
إذا كُنتُمُ أوراقَ أثلٍ زَهَوْا لكُمْ … جَرادَ نِبالٍ، كيْ تُبيدَكمُ، وَرْقا
أطارِقَ همٍّ ضافَ، هل أنتَ عاذِرٌ، … متى لم تجدْ بي، عند مرتحلٍ، طِرقا؟
وأعوَزَني ماءٌ أُزيلُ بهِ الصّدَى، … فلا عيشَ، إنْ لم أشرَبِ الكدِرَ الطَّرْقا
همُ النّاسُ، أجبالٌ شوامخُ في الذُّرى، … وأوديَةٌ لا تَبلُغُ الأُكمَ والبُرْقا
فسكرانُ يُسترقَى، ويبذُلُ بُسلَةً، … وآخرُ صاحي اللُّبّ، يغضَبُ أن يُرْقى